أتت من حيث لا أدري

[rtl]أتت من حيث لا أدري بقلم حسام أبومسلم

أتت من حيث لا أدري 74469_101522569918201_100001813745471_6604_5929461_n

[/rtl]

[rtl] نظرت إلى المرآة فوجدت شبهاً كبيراً بينه وبيني – ذلك الشخص الذي أري – بغض النظر عن ذلك السواد الذي قد غلف العينين فأستطيع بالكاد أن أراها, وكميات الشعر المتناثرة بشكل عشوائي في أرجاء هذالوجه الذي تكاد عظامه أن تكسو ماتبقى به من شحم ولحم. فقررت أن أستقطع بعضاً من وقت فراغي والممتد إلى أجلٍ غير معلوم. في إجراء بعض التحسينات على ذلك الوجه البائس. راجياً من ذلك أن يخفف ولو بقدرٍ يسيرٍ من وطأة مابي. فأنا أعاني مما قد يسميه البعض صدمةً عاطفيةً وليس هذا علىَّ بالأمر الجديد.[/rtl]

[rtl]جلبت هاتفي المحمول وأوجدت لهُ وظيفةً جديدةً بعد أن كان عاطلاً عن العمل لمدةٍ لا أذكرها, -فأنا لم أعُدْ أعُدُّ الأيام ولم أعد حتى أميّز اختلاف الليل والنهار- فبعد أن كان يعمل بوظيفة[/rtl]

[rtl]-مرسال الغرام- قررت أن أغير مسماه الوظيفي إلى -إم بي ثري بلاير-, بمبدأ "الإيد البطاله"...[/rtl]

[rtl]وضعت الهاتف إلى جوار عدة الحلاقة على الرف المثبت بالمرآة أمامي. وبدأت بحلاقة ذقني على نغمات أغنية قلبي اختارك لعمرو دياب. فأنا لا أحب الأغاني الكئيبة. خاصةً في حالات اكتئابي. وما إن بدأت حتى تلقيتُ ضربةً من كفٍ صغيرةٍ على أسفل ظهري. فعلمتُ أن "هنا" قد شرفتنا بالزيارة, إبنة أختي التي تمنيتها لنفسي. وأحب الأشياء على الأطلاق إلى قلبي.[/rtl]

[rtl]لم تفت خمسة دقائق إلا وكل أحذية الشقة حولي وتحت قدميّ وهي تلقيها عليَّ ثم تولي هاربه. فلم أر قط شيئاً يسعدها ويضحكها من قلبها أكثر من إغضابي فأتظاهر بالغضب حت أسمع تلك الضحكة الملائكية العابثة.[/rtl]

[rtl]أنهيت مهمتي بنجاح بغض البصر عن تلك العلامات الدامية التي خلفتها الشفرة في وجهي فتلك الشيطانة الصغيرة قد أفقدتني كل تركيزي. ثم بدأت المعركة بيني وبينها بين ضربٍ وركضٍ وضحك فازداد اشتياقي لشعور الأبوه ومن ثم فحنيني لحبيبتي التي تركتها لتوي.[/rtl]

[rtl]أعلم أنني في نهاية المطاف سينتهي بى الأمر إلى إحدى المصيبتين. أما المصيبة الأولى فهي أن أتزوج من فتاة سأوكل لأمي مهمة اختيارها. جامعية من أسرة متوسطة, بها مواصفات الزوجة الصالحة - من وجهة نظر أمي- أما بقية رغباتي فسوف أضطر آسفاً إلى تأجيلها إلى مابعد موتي إن كان لمثلي في الجنة نصيب. وستحاول تلك الفتاة أن تقنعني أنني أول من استطاع فك طلاسمها وإجبارها على حبه من الوهلة الأولى ثم تكشف لى فجأة أنها "سبحان الله" تجد أن ميولنا واهتماماتنا متطابقة لا نختلف في واحدة منها, وهي الكلمات نفسها التي ألقت بها على مسامع خطيبها الأسبق, والتي ستكون من نصيب الشخص الذي سيتقدم لخطبتها بعدما أتركها بأسبوعين. تلك الفتاة التي سيقارب وزنها وزن الخرتيت, أتوقع أن يتضاعف وزنها مثلين بعد الزواج, والله يضاعف لمن يشاء. ناهيك عن أمها والتي حتماً ستتدخل في كل مالايعنيها وتعتبره حقا من حقوقها وأن الطريقة الوحيدة التي ستطمئن بها على ابنتها الوحيدة هي أن أتزوجهما معاً. أُفَضّل الإنتحار عن أن أرى تلك الفتاة من على بعد عشرة أميال, وأنا لا أكره نفسي إلى الحد الذي يدفعني إلى الانتقام منها بهذه الوحشية.[/rtl]

[rtl]أما المصيبة الأخرى فهي أن أتزوج من فتاة تعرفت عليها في هايبر ماركت, كانت تشتري الكورن فليكس بينما كنت أشتري فول مدمس, فسحرت بجمالها الأخاذ وافتتنت بحسن مظهرها وعطرها الذي له أثر كما أجود أصناف الهيروين. نظرة فابتسامة ثم كلمة فضحكة ثم رقم التليفون, ثم اللجوء في كل مكان يمكن أن نتقابل فيه.[/rtl]

[rtl]فيصبح الهايبر أحب الأماكن إلى قلبينا حيث أنه أول مكان تعرفت فيه على الملاك الذي غير شكل الحياة في عيني. ومن يومها لا أكف عن أكل الفول المقدس الذي كان سبباً في نزولي لكي أراها, حتى أصبح حماراً له ذيل وأذنان طويلتان, كونه لايعرف ما يدور من وراء ظهره بسبب مايحدثه الحب من عمىً وبلاهة وحمورية. وأظل كذلك حتى أجدني جالس في الكوشة إلى جوار فتاة واعدت نصف الشباب الموجودين بالقاعة والذين ينظرون إلىّ ككبشٍ أقرن أملح سيقوم بإصلاح ما أفسده الزمن. وربما سأتعرف عليهم جميعاً على أنهم أبناء عمومتها وجيرتها وزملاء دراستها مما يلزمني بأن أبتسم لهم ابتسامة عريضة بلهاء يكون معناها أهلاً بكم في أي وقت. وكيف لاتخدعني وقد خدعت أهلها آلاف المرات على مدار عامٍ ونصف العام حتى تقابلني كل ما سنحت الفرصة لنتبادل كلمات الحب ولمسات الشوق ثم ندعي اننا لا نتعدى حدود الأدب, وأنا أقر بذلك إذا ما قمنا بزحزحة حدود الأدب قليلاً.[/rtl]

[rtl]أرى أن المصيبة الأولى قد تكون أخف وطئاً من الثانية وأنني في كلتا الحالتين خاسرٌ لا محالة. ولا يدفعني إلى المغامرة بسعادتي أو المخاطرة براحة بالي إلا الرغبة المخيفة في أن أظفر بطفل أو طفلة كتلك التي شوهت وجهي منذ قليل, تستمتع بقدر من الغلاسة يمنعها من أن تتركني أينما ذهبت ونصيب من البراءة يجعلها تفسد كل ما تقع يداها عليه, فعدم إدراكها لقيمة الأشياء يجعلها تراها كلها سواء فلا تبالي بأيها تبدأ.[/rtl]

[rtl]فكرت طويلاً وأخذني عقلي بعيداً فلما عدت من غفلتي وجدت طفلة تنام في حجري في أمان تام, أتت من حيث لا أدري, هي نفسها إبنة أختي التي تمنيتها لنفسي. وأحب الأشياء على الإطلاق إلى قلبي. [/rtl]

أتت من حيث لا أدري

أتت من حيث لا أدري

رد: أتت من حيث لا أدري

رد: أتت من حيث لا أدري