نظرة عيونك يا قمر
 إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتديات نظرة عيونك يا قمر يشرفنا أن تقوم "بتسجيل عضوية جديدة ...

أما إذا كنت أحد أعضاءنا الكرام فتفضل بتسجيل تسجيل الدخول .

  لو رغبت بقراءة المواضيع و لإطلاع فقط  فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
نظرة عيونك يا قمر
 إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتديات نظرة عيونك يا قمر يشرفنا أن تقوم "بتسجيل عضوية جديدة ...

أما إذا كنت أحد أعضاءنا الكرام فتفضل بتسجيل تسجيل الدخول .

  لو رغبت بقراءة المواضيع و لإطلاع فقط  فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
المواضيع الأخيرة
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
خطبة عن العدل  Emptyالأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:04 pm من طرف جنى بودى

» احسن موقع لمختلف الحجوزات
خطبة عن العدل  Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان

» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
خطبة عن العدل  Emptyالثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر

» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
خطبة عن العدل  Emptyالأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى

» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
خطبة عن العدل  Emptyالسبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى

» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
خطبة عن العدل  Emptyالسبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى

» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
خطبة عن العدل  Emptyالجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان

» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
خطبة عن العدل  Emptyالجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى

» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
خطبة عن العدل  Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى

» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
خطبة عن العدل  Emptyالخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 556 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 556 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 680 بتاريخ الجمعة نوفمبر 22, 2024 11:04 pm
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
جنى بودى
خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10 
مدام ششريهان
خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10 
سها ياسر
خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10 

حكمة اليوم
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط نظرة عيونك يا قمر على موقع حفض الصفحات

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
مدام ششريهان
خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10 
جنى بودى
خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10 
سها ياسر
خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10خطبة عن العدل  Love_b10 


خطبة عن العدل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

خطبة عن العدل  Empty خطبة عن العدل

مُساهمة من طرف الثلج الاسود الإثنين ديسمبر 09, 2013 6:49 am





 
 

الخطبة الأولى

أما بعد:

فيا أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوه رحمكم الله، وأحسنوا فهو سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

أيها المسلمون، احترام العدل تقليدٌ تتوارثه الأمم المحترمة، وتقيم له الضمانات، وتبني له السياجات، من أجل أن يرسخ ويستقرَّ.

وإن الحضارات الإنسانية لا تبلغ أوج عزها، ولا ترقى إلى عز مجدها إلا حين يعلو العدل تاجها، ويتلألأ به مفرقها. تبسطه على القريب والغريب، والقوي والضعيف، والغني والفقير، والحاضر والباد.

العدل تواطأت على حسنه الشرائع الإلهية، والعقول الحكيمة، والفطر السوية. وتمدح بادعاء القيام به ملوك الأمم وقادتها، وعظماؤها وساستها.

حسن العدل وحبه مستقر في الفطر، فكل نفس تنشرح لمظاهر العدل مادام بمعزلٍ عن هوى يغلبها في قضية خاصة تخصها.

لقد دلت الأدلة الشرعية وسنن الله في الأولين والآخرين أن العدل دعامة بقاء الأمم، ومستقر أساسات الدول، وباسط ظلال الأمن، ورافع أبنية العز والمجد، ولا يكون شيء من ذلك بدونه.

القسط والعدل هو غاية الرسالات السماوية كلها: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيّنَـٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ [الحديد:25].

إن أية أمة تعطلت من هذه الخلة الجليلة فلا تجد فيها إلا آفاتٍ جائحةً، وزوايا قاتلةً، وبلايا مهلكةً، وفقرًا معوزًا، وذلاً معجزًا، ثم لا تلبث بعد ذلك أن تبتلعها بلاليع العدم وتلتهمها أمهات اللَّهم[1].

بالعدل قامت السموات والأرض، وللظلم يهتز عرش الرحمن. العدل مفتاح الحق، وجامع الكلمة، ومؤلف القلوب.

إذا قام في البلاد عمَّر، وإذا ارتفع عن الديار دمَّر. إن الدول لتدوم مع الكفر مادامت عادلة، ولا يقوم مع الظلم حقٌ ولا يدوم به حكم.

أيها الإخوة، العدل في حقيقته تمكين صاحب الحق ليأخذ حقه. في أجواء العدل يكون الناس في الحق سواء لا تمايز بينهم ولا تفاضل، بالعدل يشتد أزر الضعيف ويقوى رجاؤه، وبالعدل يهون أمر القوي وينقطع طمعه. لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة:279].

أيها الإخوة في الله، وإن أمة الإسلام هي أمة الحق والعدل، والخير والوسط، نصبها ربها قوامةً على الأمم في الدنيا، شاهدةً عليهم في الآخرة، خير أمةٍ أخرجت للناس، يهدون بالحق وبه يعدلون، يتواصون بالحق والصبر، ويتنافسون في ميادين الخير والبر، ويتسابقون إلى موجبات الرحمة والأجر.

أمةٌ أمرها ربها بإقامة العدل في كتابه أمرًا محكمًا وحتمًا لازمًا: إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلامَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء:58].

يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَاء للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً [النساء:135].

لا أعدل ولا أتم ولا أصدق ولا أوفى من عدل شريعة الله، فهي مبنية على المصالح الخالصة أو الراجحة، بعيدة عن أهواء الأمم وعوائد الضلال، لا تعبأ بالأنانية والهوى، ولا بتقاليد الفساد. إنها لمصالح النوع البشري كله ليس لقبيلة أو بلد أو جنس.

فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبٍ وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ [الشورى:15].

إن الإسلام صدقٌ كله، خيره وحكمه عدلٌ: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدّلِ لِكَلِمَـٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ [الأنعام:115].

عدل الإسلام يسع الأصدقاء والأعداء، والأقرباء والغرباء، والأقوياء والضعفاء، والمرؤوسين والرؤساء. عدل الإسلام ينظم كل ميادين الحياة ومرافقها ودروبها وشؤونها. في الدولة والقضاء، والراعي والرعية، والأولاد والأهلين. عدلٌ في حق الله. وعدل في حقوق العباد في الأبدان والأموال، والأقوال والأعمال. عدلٌ في العطاء والمنع، والأكل والشرب. يُحق الحق ويمنع البغي في الأرض وفي البشر. ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))[2].

وفي الحديث الآخر: ((ما من أحد يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلم يعدل فيهم إلا كبه الله في النار)) أخرجه الحاكم، وقال صحيح الإسناد من حديث ابن يسار رضي الله عنه[3].

وإن من أولى ما يجب العدل فيه من الحق حق الله سبحانه في توحيده وعبادته، وإخلاص الدين له كما أمر وشرع خضوعًا وتذللاً، ورضًا بحكمه وقدره، وإيمانًا بأسمائه وصفاته. وأظلم الظلم الشرك بالله عز وجل، وأعظم الذنب أن تجعل لله ندًا وهو خلقك.

ثم العدل في حقوق العباد تُؤدى كاملة موفورة، ماليةً أو بدنية، قولية أو عملية. يؤدي كل والٍ ما عليه مما تحت ولايته في ولاية الإمامة الكبرى ثم نواب الإمام في القضاء والأعمال في كل ناحية أو مرفق.

في الحديث الصحيح: ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن  – وكلتا يديه يمين – الذين يعدلون في حكمهم وفي أهلهم وما ولوا))[4].

وإن ولاة أمور المسلمين حق عليهم أن يقيموا العدل في الناس. وقد جاء في مأثور الحكم والسياسات: لا دولة إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل.

حكم كله عدل ورحمة في خفض الجناح ولين الجانب، وقوة الحق، عدلٌ ومساواة تكون فيه المسؤوليات والولايات والأعمال والمهمات تكليفًا قبل أن تكون تشريفًا، وتبعات لا شهوات، ومغارم لا مغانم، وجهادًا لا إخلادًا، وتضحيةً لا تحليةً، وميدانًا لا ديوانًا، وأعمالاً لا أقوالاً، وإيثارًا لا استئثارًا. إنصافٌ للمظلوم، ونصرة للمهضوم، وقهرٌ للغشوم، وردع للظلوم، رفع المظالم عن كواهل المقروحة أكبادهم، ورد الاعتبار لمن أذلهم البغي اللئيم، لا تأخذهم في الحق لومة لائم، ولا تعويق واهم، وإن حدًا يقام في الله خير من أن يمطروا أربعين صباحًا.

وفي مثل هذا صح الخبر عنه أنه قال: ((أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجلٌ رحيمٌ رقيق القلب لكل ذي قربى، ومسلم عفيف متعفف ذو عيال))[5]. والإمام العادل سابع سبعةٍ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله[6].

أما نزاهة القضاء ونقاء ضمائر القضاة فحسبك به من عدل وقسط، صاحب الحق في جو القضاء العادل يشعر بالثقة والأمان، في أروقة المحاكم وفي دواوين القضاء، مطمئنٌ إلى عدالة القضية ونزاهة الحكم وشرف سرائر الحكام. والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولأن يخطئ الحاكم في العفو خيرٌ من أن يخطئ في العقوبة، هذا تعرفه دنيا الحضارات ودين أهل الإسلام. القاضي العادل يواسي الناس بلحظه ولفظه، وفي وجهه ومجلسه، لا يطمع شريف في حيفه، ولا ييأس ضعيف من عدله، لا يميل مع هوى، ولا يتأثر بود، ولا ينفعل مع بغض. لا تتبدل التعاملات عنده مجاراةً لصهر أو نسب، ولا لقوة أو ضعف، يزن بالقسطاس، وبالعدل يقضي. يدني الضعيف حتى يشتد قلبه وينطلق لسانه، وبتعاهد الغريب حتى يأخذ حقه، وما ضاع حق غريب إلا من ترويعه وعدم الرفق به.

جاء في الخبر عنه : ((إن الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى الله عنه ولزمه الشيطان))[7]، وفي رواية الحاكم: ((فإذا جار تبرأ الله منه))[8].

أيها الإخوة، عدلٌ في كل ميدان، وقسط يكفل الحق للناس كل الناس ولو كان من غير المسلمين والأعداء المناوئين: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ [المائدة:8].

هذا هو العدل العالمي الذي جاء به محمد منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا عدلٌ يتم فيه ضبط النفس والتحكم في المشاعر. إنه القمة العليا والمرتقى الصعب الذي لا يبلغه إلا من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًا ورسولاً، وبدينه دستورًا وحكمًا. إنه عدل محمد ، مكيالٌ واحدٌ وميزانٌ واحدٌ.

ولقد انتظر بكم الزمان ـ أيها الأخوة ـ وطالت بكم الحياة حتى رأيتم أممًا آتاها الله بسطة في القوة والسيطرة فما أقامت عدلاً، ولا حفظت حقًا، ويلٌ لهم وما يطففون، إذا اكتالوا لأنفسهم يستوفون، وإذا كالوا لغيرهم أو وزنوهم يخسرون. ولكن هدي محمد يأبى إلا الحق: وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبٍ وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى:15]. إن الأمة لا تصل إلى هذا القدر من السمو ونصب ميزان العدل إلا حينما تكون قائمةً بالقسط لله خالصةً مخلصة، قد تلبست بلباس التقوى: ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8].

والفئة الباغية إذا فاءت إلى أمر الله ودخلت في الطاعة فإن حقها في العدل محفوظ: فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9].

والعدل ـ أيها الأخوة ـ كما يكون في الأعمال والأموال فهو مطلوب في الأقوال والألفاظ: وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ [الأنعام:152]. ولعل العدل في الأقوال أدق وأشق. وصاحب اللسان العدل يعلم أن الله يحب الكلام بعلم وعدل، ويكره الكلام بجهلٍ وظلم: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف:33].

تأملوا هذا الإنصاف النبوي في القول حينما أعلن النبي حكمه على كلمة قالها شاعر حال كفره حين قال عليه الصلاة والسلام: ((أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل))[9]. ثم هاهو صاحبه عثمان بن مظعون رضي الله عنه يسمع البيت كاملاً؛ يترسم النهج في نفسه في التقويم والعدل فُيحق الحق ويقول القسط، فقال في شطره الأول صدقْتَ، ولما قال الشطر الثاني: (وكل نعيم لا محالة زائل) قال: كذبت، نعيم الجنة ليس بزائل.

أيها الإخوة، لم يكن كذب الشاعر في الشطر الثاني بمانع عثمان رضي الله عنه من أن يقر له بالصدق والحق في شطره الأول.

وهذا علي رضي الله عنه يقاتل من خرج عليه، فلما سئل عنهم: أمشركون هم؟ قال: هم من الشرك فروا. قيل: أفمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً. قيل: فما هم يا أمير المؤمنين؟ قال: هم إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم.

ومن لغير هذا العدل من القول غير أبي الحسن رضي الله عنه وعن ذريته الطيبين الطاهرين؟! وهل بعد هذا الإنصاف من إنصاف؟!

والنووي رحمه الله يقول: وينبغي ذكر فضل أهل الفضل ولا يمنع منه شنآن أو عداوة. والعبد إذا رزق العدل وحب القسط علم الحق، ورحم الخلق، واتبع الرسول، واجتنب مسالك الزيغ والبدع، هكذا يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله.

أيها الأخوة، إذا ساد العدل حُفظت الحقوق، ونصر المظلوم وولت الهموم، وأدبرت الغموم.

أما حينما يتجافى الناس عن العدل ويقعون في حمأة الظلم ينبت فيهم الحقد والقطيعة والفرقة وذهاب الريح.

من تجافى عن العدل دخل دائرة الظلم، يأخذ ولا يعطي، ويطلب ولا يبذل، يأخذ الذي يستحق، ويمتنع عما يحق، تغلبه مسالك المنافقين: قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ [آل عمران:154]، وَإِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُواْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور:48، 49].

إن الحَيْف وسلب الحقوق وإهدار الكرامات مبعث الشقاء ومثار الفتن. إن قومًا يفشو فيهم الظلم والتظالم، وينحسر عنهم الحق والعدل إما أن ينقرضوا بفساد، وإما أن يتسلط عليهم جبروت الأمم يسومونهم خسفًا، ويستبدون بهم عسفًا، فيذوقون من مرارة العبودية والاستذلال ما هو أشد من مرارة الانقراض والزوال. إن الظلم خراب العمران، وخراب العمران خراب الأمم والدول.

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغني، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين استجب اللهم يا رب العالمين.


[1] اللّهم: المنايا والحتوف.

[2] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الجمعة – باب الجمعة في القرى والمدن، حديث (893)، ومسلم: كتاب الإمارة – باب فضيلة الإمام العادل ... حديث (1829).

[3] ضعيف ، أخرجه الحاكم (4/91)وصححه، والطبراني في الأوسط (6629) بنحوه. قال المنذري: رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد العزيز بن الحصين وهو واهٍ... وهو في الصحيحين بغير هذا اللفظ. الترغيب (3/121). وكذا قال الهيثمي في المجمع (5/213)، وضعفه أيضاً الألباني في ضعيف الجامع (5144)، وضعيف الترغيب (1328).

[4] صحيح، أخرجه مسلم، كتاب: الإمارة – باب فضيلة الإمام العادل ... حديث (1827).

[5] صحيح، قطعة من حديث أخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها – باب الصفات التي يُعرف بها في الدنيا أهل الجنة، حديث (2865).

[6] صحيح، قطعة من حديث أخرجه البخاري، كتاب: الأذان – باب : من جلس في المسجد ... حديث (660)، ومسلم: كتاب: الزكاة – باب فضل إخفاء الصدقة، حديث (1031).

[7] حسن، أخرجه الترمذي، كتاب : الأحكام – باب : ما جاء في الإمام العادل، حديث (1330)، وقال : حسن غريب. وابن ماجه، كتاب: الأحكام – باب: التغليظ في الحيف والرشوة، حديث (2312) بنحوه. وصححه ابن حبان (5062) دون قوله: ((فإذا جار...))، وذكره الحافظ في التلخيص الحبير وقوّاه، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1069)، وصحيح الترغيب (2196).

[8] حسن، مستدرك الحاكم (4/93)، وانظر الحديث السابق.

[9] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب المناقب – باب : أيام الجاهلية، حديث (3841)، ومسلم : كتاب الشعر - حديث (2256).

الخطبة الثانية

الحمد لله شمل الأنام بواسع رحمته، وصرَّف العالم ببالغ حكمته، لا يشغله شأنٌ عن شأن وهو الحكيم الخبير. أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أصدق الناس في الأقوال، وأسدهم في الأفعال، وأعدلهم في الأحكام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحبٍ وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها الناس، واستقيموا إليه واستغفروه، وأعدوا من الأعمال الصالحة ما يقرب لديه.

أيها الإخوة، وكما يكون العدل في الأبعدين فهو في الأهلين والأقربين حق وحتم. وأحق الناس بالعدل أبناؤك. فمن ابتغى بر أبنائه وبناته يحبونه في حياته ويترحمون عليه بعد مماته وتصفو قلوبهم فيما بينهم فليتق الله وليقم العدل فيما بينهم، يساوي بينهم في العطية والمعاملة والنظرة والابتسامة. وليتق الله أولئك الذين يحرمون بعض المستحقين من الذرية في عطية أو وصية فذلك حرام وجور وظلم، والوصية به وصية ظلم وجنف، مخالفة للعدل والحق لا يجوز نفاذها، فتلك أفعالٌ شنيعة، وظلمٌ مهلك، تقوم به الخصومات، وتثور به الأحقاد، وتقع به المظالم، وتتقطع به الأرحام.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به رسول الله فقال: ((إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي. فقال رسول الله : أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال عليه الصلاة والسلام: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة))[1]. وفي رواية: ((إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم، فلا تُشهدني على جور))[2]؛ ((أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذن))[3]، وفي رواية: ((سووا بين أولادكم في العطية كما تحبون أن يسووا بينكم في البر))[4].

والعدل في المعاملات الزوجية فرضٌ وحقٌ واجبٌ في النفقة والكسوة والمعاملة والعشرة كما يفعل الكرماء من ذوي العقل والدين والمروءة والكمال. تطعمها مما تطعم، وتكسوها مما تكتسي.

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط))[5] وفي رواية ((وشقه مائل))[6].

أيها الإخوة، حينما تتشرب النفوس العدل فيكون سجية لها فإنه يقودها إلى محاسن الأخلاق ومكارم المروءات، عدل في السلوك كله، وسط بين الإفراط والتفريط، جود وسخاء من غير سرف ولا تقتير، وشجاعة وقوة من غير جبن ولا تهور، وحلم وأناة من غير غضب ماحق أو مهانة مردية. وكل تعامل فَقَدَ العدل فهو ضرر وإضرار، وفساد وإفساد وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى ٱلاْرْضِ مُفْسِدِينَ [الشعراء:183].

وفي ديننا أيها الإخوة، مرتبة فوق العدل قد أمر الله بها مقترنة بالعدل. مرتبة تأتي لتجمل حدة العدل الصارم ووجهه الجازم الحازم، إنها مرتبة الإحسان حين تدع الباب مفتوحًا لمن يريد أن يتسامح في بعض حقوقه إيثارًا لود القلب وشفاء غل الصدور، ليداوي جرحًا، ويكسب فضلاً، ويرتفع عند ربه درجاتٍ عُلا.

[1] صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب الهبة وفضلها .. باب الهبة للولد ، حديث (2586)، ومسلم : كتاب الهبات – باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة، حديث (1623).

[2] ضعيف، أخرجه (4/270)، وأبو داود: كتاب البيوع – باب في الرجل يفضل بعض ولده في النحل، حديث (3542). وفي إسناده مجالد بن سعيد الهمداني ، وهو ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، كما في التقريب. وانظر ضعيف أبي داود (3026). أما ذكر (الجور) فقد ثبت عند البخاري : كتاب الشهادات – باب: لا يشهد على شهادة جور ... حديث (2650)، ومسلم : كتاب الهبات – باب : كراهة تفضيل بعض الأولاد ... حديث (1623).

[3] صحيح، أخرجه مسلم : كتاب الهبات – باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، حديث (1623).

[4] صحيح، أخرجه ابن حبان: كتاب الهبة – ذكر خبر ثالث يصرح بأن الإيثار بين الأولاد .. حديث (5104)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/86) واللفظ له ، وأبو عوانة في مسنده (5686)، وأخرجه مسلم بلفظ : ((أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا؟..))، كتاب : الهبات – باب : كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة .. حديث (1623).

[5] صحيح، أخرجه أحمد (2/347)، والترمذي : كتاب النكاح – باب : ما جاء في التسوية بين الضرائر ، حديث (1141)، وابن ماجه: كتاب النكاح – باب القسمة بين النساء، حديث (1969)، وصححه ابن الجارود في المنتقى (722)، وابن حبان (4207)، والحاكم (2/186) والألباني. صحيح سنن الترمذي (912).

[6] صحيح، أخرجه أبو داود : كتاب النكاح – باب: في القسم بين النساء، حديث (2133)، والدارمي ، كتاب: النكاح – باب : في العدل بين النساء، حديث (2206)، وانظر الحديث السابق.









الثلج الاسود
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات

جنسية العضو جنسية العضو : يمني
الأوسمة الأوسمة : الوسام الذهبي
ذكر عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطبة عن العدل  Empty رد: خطبة عن العدل

مُساهمة من طرف PANDOL السبت يناير 11, 2014 10:35 am

خطبة عن العدل  Images?q=tbn:ANd9GcTkmHQbd8rKfJlhFciLPAuNwfoIE5tEAm0yqrBQ8JJBDNfCw-trgg

PANDOL
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات

جنسية العضو جنسية العضو : غير معروف
الأوسمة الأوسمة : الوسام الذهبي
عدد المساهمات : 1058
تاريخ التسجيل : 27/06/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

خطبة عن العدل  Empty رد: خطبة عن العدل

مُساهمة من طرف الثلج الاسود الأربعاء فبراير 12, 2014 8:53 am



 
 
 خطبة عن العدل  SoK2h

الثلج الاسود
كبار الشخصيات
كبار الشخصيات

جنسية العضو جنسية العضو : يمني
الأوسمة الأوسمة : الوسام الذهبي
ذكر عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى