قراؤا الفال ....

من طرف **الثلج الاسود** الأحد فبراير 09, 2014 1:01 pm

[rtl]ينتعش عملهم بتكاثر أعداد اليائسين والمحبطين والعاجزين

"تفرغ الأنثى من محتواها الانساني وتحول الى مجرد جسد يسعى الآخرون للوصول اليه" بهذا العبارة بدأت ( س،م ) حديثها، وهي احدى المترددات على أبو ريشة، الرجل الذي يستخدم الريشة والزعفران وماء الورد للكتابة على جسد النساء لتخليصهن من عقب الحياة ومآسيها! واضافت: لم يكن ابو ريشة أولهم بعد أن تخبطت بين أكثر من فتاح فال، لأجد نفسي طريحة الأرض في غرفة معتمة ومظلمة وضوء خافت، لا أرى غير خيال ذاك الرجل والمرأة التي ساعدتني على الدخول، كان الرجل يحمل بين يديه ريشة ناصعة البياض، وهو يبدأ بالكتابة وتمريرها على كفي يدي بعد ترطيبها بماء الورد والزعفران ،استعذت بالله ألف مرة، ووجدت نفسي وحيدة بعد أن أخرج المرأة التي كانت بصحبتي بحجج واهية! واتضح انه دجال يقوم باستغلال أجساد النساء خلف الأبواب المغلقة لنزواته الشخصية ، ومن ثم يفقدن كرامتهن وأموالهن ولا يحصدن إلا على الندم
والأسف.
فتاحو الفال
يقرأ الفال بأساليب مختلفة عبر القرآن، والسبحة، والفنجان وغيرها، وقد ينتهي بأكثر الأمور غرابة وهي القراءة على الجسد والكتابة عليه ولمسه؟! وهذا من أبشع الأمور التي تفقد الانسان حياءه وكرامته (فالغيرة كطرة مو جرة) كما يقال، وأينما ذهبت ونظرت، فستجد هناك من يمارسون طقوسهم مستهدفين جمهورا معينا من الموقنين والمؤمنين بما يقولونه، سواء أكان القائل رجلا أم امرأة ، ولا تكاد منطقة او محلة الا ووجدت ( فلانا) و( فلانة) حاضرين لتلبية رغباتك، كما دخلت بعض القنوات الفضائية هذا المضمار لجلب مشاهديها، من أجل جني الأرباح بعيدا عن الهدف التوجيهي و الاخلاقي، وأغلب المترددين على فتاحي الفال هم ممن يطمحون بالوصول الى مبتغاهم بأسهل الطرق (مالا او منصبا او امراة او رجلا) حيث يلجؤون الى هذا السلوك، وان امتهنت كرامتهم وفقدوها؟!.
فهل نحن فعلا عاجزون عن ايجاد حلول لمشاكلنا الا بمشورة فتاحي الفال؟!
أم انها حلول بديلة للتخلص من الواقع المرير المفروض على حياتنا، وكيف نبرر بالتالي اللجوء الى هؤلاء والابتعاد عن رحمة الله؟.
ضرير ولكن!
آمنة موظفة (40 عاما) وقعت في فخ التحرش من قبل فتاح فال ضرير ؟! تقول: إن اغلب مجالسنا يتخللها الحديث عن قراءة الفنجان والكف، حتى جاء اليوم الذي احضرت احدى زميلاتنا رجلا اربعينيا مخيفا يضع نظارة سوداء على عينيه، وقد أصبنا بالحزن عندما علمنا انه ضرير، وسرعان ما شعرنا بالاطمئنان بعد قراءته لعبارات أخلاقية وحكم مفيدة ، لكن تلك الطمأنينة تبخرت بسرعة البرق، عندما عرفنا نيته في لمس الجسد والقراءة عليه واستخدام عبارات سحرية غير مفهومة، وكان يحمل بيديه اكياسا سوداء فيها أدعية مستنسخة وأحجبة بعدد النساء الحاضرات ، الاولى لتيسير الامور والثانية للمحبة والثالثة الله أعلم لأي غرض تستخدم ! وكان يطمئن النساء بانه لا يرى شيئا ليتسنى له في كل مرة لمس أجسادهن على انه ضرير ، وبعد مدة اتضح أنه لم يكن ضريرا اصلا! بعد ان كشفه زوج احدى زبوناته عندما عمد إلى التحرش بها ولمسها عدة مرات.
استخارة بالهاتف!
عثمان الجبوري لم يكن الاول من الرجال ولا آخرهم من الذين لجؤوا الى فتح الفال بالهاتف مقابل كارت (ابو العشرة)؟! فالخجل والشعور بالعيب من هذه الامور يدفعان بالكثير من الناس بالتوجه اليها متخفيا كما يوضح الجبوري، ويكمل حديثه قائلا: اخبرتني احدى زميلاتي ان سبب تعاسة حياتي الزوجية ربما قد تكون نتيجة سبب او آخر، فكان لابد أن أسمع كلاما يطيب خاطري، وكنت أخجل من ممارسة تلك الامور او اللجوء اليها، وأعد ذلك عيبا ايضا، الا ان زميلتي اخبرتني ان هناك امرأة ترضي زبائنها، لا سيما القادمون اليها من أماكن بعيدة ، وهي تقدم الاستخارة بالهاتف مقابل كارت ( ابو العشرة)، وعند اتصالي بها اخبرتني بانها تنتظرني منذ ايام وان حلمها قد تحقق بأن هناك رجلا سيتصل بها، استغربت الامر، وظننت ان زميلتي اخبرتها بذلك، الا انها طلبت مني كارت ( ابو العشرة) قبل ان تتحدث معي خوفا من أن أحتال عليها ، ولهذا قطعت الاتصال لكي أرسل لها الكارت ثم نواصل الحديث، وبقيت علاقتي بها مستمرة عن طريق الهاتف، فكلما ضاق بي الحال ارسل كارت شحن وبعدها اتصل لاسمع ما يثلج قلبي حتى وان كان خاليا من الصحة .
فتح قسمة
(لوما أم علي ما اتزوج ) بهذه الجملة بدأت نهى وسام حديثها وهي تعتقد ان الفضل يعود لـ( ام علي) في تزويجها والعيش في حياة هانئة مع زوجها، وتضيف نهى قائلة: منذ مرحلة الدراسة الثانوية وانا اتردد على( ام علي وكلما وجدت صديقة لي تشعر بالألم والأسى نتيجة حبها الضائع أو تشكو من عدم حصولها على شريك عمر انصحها بالذهاب إلى (ام علي) التي ستزوجها بمن ترغب ! وكانت قصة( ام علي) كما سردتها نهى قد فقدت زوجها لتبقى امرأة طاهرة نقية تعيش على ما تجنيه من عملها كفتاحة فال وعلى ما يقدمه لها الناس من مساعدات لكونها أرملة، وهي تمارس عملها في غرفة معتمة ذات ستائر غامقة، تقابل زبائنها بالكثير من الصمت، وتتوقف عيناها عن الحركة لتوهمهم بأنها تقرأ في الغيب وتبحث في سطوره عن ما يخبئ لهم القدر، وهي من اشهر فتاحات الفال ولها جمهور من كلا الصنفين وحسب الطلب، وقد خصصت خمسة ايام في الاسبوع للنساء لكثرة عددهن ويوما واحدا لاستقبال الرجال.
كلاوات الدجالين"
"كلاواتنا تعبر على الكل " هكذا بدأ احد فتاحي الفال حديثه "طالبا عدم ذكر اسمه" قائلا: هناك انواع من فتاحي الفال واكثرهم شهرة ورغبة هم من يستغلون عاهاتهم في مثل تلك الامور، او ان يدعي ماليس فيه كأنه مريض اوضرير أو واقع تحت سيطرة روح غير مرئية تلهمه ما يقول، او مصاب بانفصام ،وعلى "كولتهم الله ياخذ شي وينطي شي افضل منه" من هذه العبارة يكسب ثقة الزبون حتى وان كان كلامه خاليا من الصحة، ليستفرد بالزبون حال رؤيته لاول مرة، و اذ لم يكن لنا معرفة سابقة به فأفضل الحلول اوسطها لمعرفة (ثكل جيبه )، فنطلب ثلاثة انواع من العطور التي يستخدمها الشخص، وناخذ ما يطيب لنا منها، ونعيد ما تبقى بعد القراءة عليها بصوت منخفض لا يسمع الزبون منها شيئا سوى حركة الشفاه، وكل هذه العملية التي نقوم بها للتأكد من امكانيات زبوننا المادية، فاذا كانت العطور من الماركات المشهورة والغالية الثمن كان ذلك دليلا على ( ثكل جيبه) واما اذا كانت من عطورالتعبئة فـ(منتعب عليه هواية )، واما اكثر الخدع مكرا فتتم عند استغلال جسد الزبون وماله معا، وذلك عندما نطلب من زبونتنا الجلوس على الارض ويكون الظهر بشكل مستقيم ، نبدأ بالقراءة على الجسد وبسبب التشنج الحاصل بعضلة البطن تعتقد الزبونة بأن هناك قوة خارجية مسلطة تقوم بسحبها على الاستلقاء ، وهنا تقع الزبونة بالمصيدة ، وخوفا من ان تنكشف حيلتنا نقوم بطرد الاشخاص المرافقين للزبونة قائلين " من لايؤمن بما افعل فليغادرنا" وغيرها من الحيل التي تنطلي على كثير من الناس البسطاء وحتى على المثقفين، لاسيما اليائسين من النجاح وفاقدو الأمل بالحياة.
امتهان الجسد
تقول د. نهى الدرويش اخصائية نفسية وناشطة مدنية:
تفشت بين الناس الكثير من الممارسات والسلوكيات التي تتعلق بالسحر والتنجيم والطالع والخيرة والفال والاستخارة بشكل كبير، وهناك مجتمعات تتشابه في بعض هذه الممارسات ومجتمعات تختلف، إذ كانت هناك اختبارات خاصة في التحقق من مصداقية هؤلاء الاشخاص من خلال الدراسة ضمن علم الباراسايكولوجي الذي قسم الى قسمين، مظاهر قابلة للدراسة والبحث العلمي ، وظواهر غير قابلة للدراسة والبحث العلمي، فدور الباحثين هنا يكمن اما بزيارتهم او استدعائهم الى المركز واجراء الاختبارات عليهم وذلك لمعرفة اذا ما كانوا صادقين او كاذبين، ولكن بشكل عام، وعلميا، فان هذه الظاهرة تدخل بها الصدفة والفراسة ، لدرجة من فضلا عن اعتمادها على مؤلفات وكتب تتعلق بالخداع البصري ويستخدم الكثير منها لخداع الزبائن وتثبيت الأوهام في عقولهم، فالحياة لا تخلو من المطبات والانسان معرض الى الاحباط لذلك يصل الى نهايات مسدودة ومغلقة ولايجد من يساعده على حلها فيلجأ الى مثل تلك الممارسات، فيفترض ان يكون في كل مجتمع ارشاد لكشف مثل هذه الاساليب والحيل، والتوجه إلى حل اية مشكلة بشكل علمي ،بالاضافة ان هناك قضية اساسية وهي يجب ان نعلم بناتنا كيفية احترام الجسد وألا تسمح لأي شخص آخر سواء كان امرأة او رجلا بالتجاوز عليه، لانه امانة من الله، فهو الوعاء الذي يتحرك به الانسان ويمارس من خلاله كرامته وكبريائه ونشاطه النفسي والعقلي الاجتماعي، فهل يقدم فتاح الفال أية ضمانات مقابل ما يقوم به من انتهاكات لجسد زبائنه وكرامتهم الانسانية؟ و هل هذا العمل يرضي الله تعالى ؟ .
حلول توعوية
وتنصح الدرويش أخيرا:
يجب ان يكون هناك حل تكاملي عبر الارشاد الديني من خلال التوجه الى ممارسة الطقوس الدينية والايمان بالله، وايضا يجب ان يكون هناك توجه ديني مستمر في تحريم مثل هذه الممارسات التي هي اصلا محرمة في كتاب الله ، فضلا عن ضرورة وجود توجيه علمي وتربوي من قبل الاسرة والمدرسة من خلال ايجاد طريقة لتطوير المهارات و معالجة الاحباط بالطرق الصحيحة العلمية في حل هذه المشكلات ومواجهة الصدمات والى آخره من البرامج التنموية البشرية والعصبية، ولكن ما يؤسف له في هذا الوقت ان الكثير من الفضائيات لاتشعر بالمسؤولية الاخلاقية لانها تنشر وتروج لمثل هكذا برامج وهكذا شخصيات من دون ان تقدم البديل الايجابي وتسير مع هوى القطيع وليست لها رسالة انسانية حتى وان كانت ربحية، يجب ألا تتعارض مع الاخلاقيات المجتمع وتحثهم على ممارسة سلوك تسمم به فكر المشاهدين .[/rtl]

قراؤا الفال .... 279