الوحدة وصعوبة الحياة والعيش فيها

عندما بَدَت الحياة أمامي صعبةً لا يمكن العيش فيها، وبدا الناس متطلبين بحيثُ يصعب إرضاءهم ... أردتُ فقط أن أتنفس ... أن آخذ نَفَسًا عميقًا وأبحث عن الأمل لأبدأ من جديد ...

كيف يمكننا أن نعيش وحدنا؟ كيف يمكننا أن نتواصل ونتعامل مع الآخرين دون أن يجرحنا من نحبهم ... كيف يمكننا أن نتعلم تجنب هذه الأوجاع والعذابات ...
عندما يصيبنا جرح، يترك مكانه أثرًا على قلوبنا ولا نعود مثلما كنا مجددًا. غالبًا ما نسأل، لماذا؟ لماذا أنا بالذات؟ لماذا كل هذا ولماذا الآن؟ ولكننا لا نتوقف لوهلة ونحاول الفهم وإنما نستسلم لآلامنا ... لم يقل أحد أبدًا أن الحياة سهلة ولكننا دائمًا نمتلك الخيار لنحيا حياتنا بالشكل الذي نريده...

لذا أخبرني، من أنت؟ ما هي ملامحك؟ ما الذي تود أن تصبحه؟ ما الذي تود تغييره؟ ما المكانة التي تتمنى أن تحتلها في قلوب أحبائك؟

نحنُ غالبًا تائهون بداخل جلدنا ولحمنا ... نبحث عن ذواتنا ولا نجد في أغلب الأوقات أية إجابات! ما الذي يمكننا أن نفعله؟ ما هو الجوهر الحقيقي لأنفسنا؟ ما هي ألواننا الطبيعية؟ لا عَجَب أن الناس من حولنا يبدون معقدين ... إذا كنا أنفسنا لا نستطيع التعرف على أنفسنا، كيف نتوقع من الآخرين ألا يكونوا معقدين وغير مريحين في التعامل؟

إذًا ما معنى أن يكون لديك سلام داخلي؟ الكثير من الناس لديهم الكثير من الأفكار المتعلقة بالسلام الداخلي. ولكن، لابد أن يكون هناك تعريف مشترك. حسب ما هو مذكور في ويكيبيديا الموسوعة الحرة فإن السلام الداخلي أو سلام العقل هو أن تكون في حالة من السلام العقلي والروحي ممزوجة بالمعرفة الكافية والفهم اللازم للحفاظ على نفسك قويًا في مواجهة الضجيج والتوتر العصبي. أن تكون في حالة من السلام أمرٌ يعتبره الكثيرون صحيًا ومتزنًا ونقيضه أن تكون متوترًا أو قلقًا. وبشكل عام يكون السلام العقلي مصاحبًا للنعيم والسعادة والطمأنينة.

وعلى الرغم من وجود تعريف متفق عليه إلا أنه هناك الكثير من الطرق والأساليب للوصول إلى السلام الداخلي ... ولكن السلام الداخلي في حد ذاته ليس هدفًا وإنما حالة نفسية وأحد فنون الحياة ... يتطلب الحصول عليه الكثير من العمل الشاق والإصرار والإيمان والتأكد والصدق مع الذات ومواجهتها، كما يتطلب الكثير من القوة والإيجابية والأمل والتفكير بإيجابية والكثير الكثير من السلوكيات البنّاءة. السلام الداخلي هو شيء يمكنك الوصول إليه وتحقيقه ... هو ليس شيئًا أفلاطونيًا أو حلمًا بعيد المنال كما قد يعتقد البعض ... نحن فقط في حاجة إلى بعض من التحفيز والإرشاد والدعم.

إذا تمكننا من اكتشاف أنفسنا والإجابة على سؤال "من نحن؟" ستصبح رحلتنا في سبيل تحقيق السلام الداخلي بكل تأكيد أكثر سهولة وسيكون ذلك بمثابة الخريطة التي ترشدنا عبر الطريق. أي الطرق ستختار أن تسلكها؟ أي وسيلة مواصلات ستختار أن تستخدمها؟ هل ستختار أن تصل إلى وجهتك بأسرع طريقة ممكنة أم ستختار أن تستمتع بالمشاهد الخلابة على الطريق؟ إن حياتنا أصبحت شبيهة بالسباق ... كل شيء حولنا يتحرك بسرعة فائقة لا تسمح لعيوننا حتى بأن تغمض للحظة .... ولكن لم تخلق الحياة لتكون على هذه الشاكلة ... لم نخلق لكي نركض إلى الأمام في حلبة السباق ... ليس من المفترض أن نفوت على أنفسنا كل هذه التفاصيل الجميلة في حياتنا ... نحن هنا لنتعلم كيف نقدر الجمال الكامن في تفاصيل حياتنا الدقيقة ... لنتعلم كيف نعيش على أساس من الشعور بالإمتنان ...

أيًا كان مدى صعوبة حياتك، مهما كانت حياتك قاسية ووحشية، هناك بدون شك شيٌ ولو صغير يشعرنا بالسعادة ويدفعنا للمضي قدمًا ... هناك على الأقل شيء واحد يجعلنا نستيقظ صباحًا ونختار أن نعيش على هذه الأرض يومًا إضافيًا ...