من طرف الثلج الاسود الثلاثاء يونيو 10, 2014 3:33 pm
" إنَّها أمانـةٌ ..!
ذَهَبَ إلى عَملِهِ في الثامنةِ صباحًا . أمسَكَ بالقلم ليَمضِيَ في دَفتر الحُضُور .
نَظَرَ إليه زميلُه ، وقال : لقد تأخَّرتَ نِصفَ ساعةٍ . قال : لا بأس .
وعند الثانية عشرة قال لزميلِهِ : إذا جاءَت الثانية ، امضِ نيابةً عنِّي في دَفتر الانصراف .
وخرج من عَملِهِ قبل مَوعِدِ انتهائِهِ .
تطوَّعَت للعَمل في إحدى الجمعيَّاتِ ، فكانت لا تُتقِنُ عملَها . وعندما سُئِلَت عن السبب ، قالت : هو عَملٌ تطوعِيٌّ بلا مُقابِلٍ ، بإمكاني أن أترُكَه وقتما أُحِبُّ ، فلا شيءً يدعوني لاتقانِهِ وبذل مزيدٍ من الجُهدِ فيه .
دخل الفصلَ ، وبدأ يشرحُ الدَّرسَ . وبعد أن انتهى منه ، سأل تلاميذَه : هل فهمتُم الدَّرسَ ؟ هل استصعب عليكم شيءٌ فيه ؟
فرفَعَ البعضُ أيديَهم أن نُريدُ إعادةَ شرح هذه النُّقطةِ ، فلم تتَّضِح لنا .
فقال : بعد كُلِّ هذا الشَّرح لم تفهموا ! ليَشرح لكم زُملاؤكم مِمَّن تابعوا الشَّرحَ وفَهِموا الدَّرسَ ، ولتُركزِّوا معي أكثرَ في الدُّروس القادمةِ .
تخرُجُ كُلَّ يومٍ للعَمل ، وتُزاحِمُ الرِّجالَ ، وتُرسِلُ أبناءَها لأُمِّها ؛ كَيْ تعتنِيَ بهم فترةَ غِيابِها عن البيتِ ، ولا ترجِعُ إليهم إلَّا في المَساءِ ، فلا يَرونها إلَّا ساعةً أو أقلَّ ، وينامون بعدَها ؛ لتُوقِظَهم باكرًا ، ويتكرَّر مِشوارُها اليَوميُّ .
♦ ♦ ♦
مَواقِفُ كثيرةٌ في حياتِنا ، تَمُرُّ بنا في أنفُسِنا ، داخِلَ بُيُوتِنا ، أو نراها حولَنا ؛ مع جِيرانِنا ، أقاربِنا ، زُملائِنا .
أماناتٌ بحاجةٍ لِمَن يُحافِظُ عليها ، بحاجةٍ لِمَن يُؤدِّيها حَقَّ الأداءِ ، بحاجةٍ لِمَن يعتنِي بها ، بحاجةٍ لِمَن يَستشعِرُ أنَّه مُحاسَبٌ عليها .
هِيَ في الحقيقةِ نِعَمٌ قد نغفُلُ عنها ، لا نُدركُها ، لا يَخطُرُ ببالنا أنَّها قد تُسلَبُ مِنَّا بعَدم عِنايتِنا بها ومُحافظتِنا عليها .
♦ ♦ ♦
- عملُكَ أمانةٌ . تأخُّرُكَ عن مَوعِدِه ، أو خُرُوجُكَ منه قبل انتهائِهِ ، يُحرِّمُ عليكَ راتِبَه . قد لا تُدرِكُ ذلك ، وتشكو من مُشكلاتٍ وابتلاءاتٍ في حياتِكَ لا تعلمُ سبَبَها ، والسَّبَبُ واضِحٌ جَلِيٌّ ؛ وهو إدخالُكَ هذا المال الحرام لبيتِكَ .
- قيامُكَ بعَملٍ تطوعيٍّ لا يعني أن لا تُتقِنَه ، فهو أمانةٌ اخترتَها برغبتِكَ ، ورَضِيتَ بتحمُّلِها . فإن لم ترَ منها فائدةً ماديَّةً ، ولم تستشعِر أجرَها الأُخرويَّ ، فلتترُكها لِمَن هو أَحَقُّ بها مِنكَ ، وأقدرُ على تحمُّلِها .
- كونُكَ اخترتَ وظيفةَ الأنبياءِ والرُّسُلِ عليهم السَّلام ، وعَمِلتَ مُعلِّمًا ، فإلى جانِبِ ما تتقاضاه مِن راتبٍ ، احتسِب أجرَ عَملِكَ ، واستحضِر خُلُقَ نبيِّكَ مُحمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورِفقَه وتكرارَه للكلامِ ثلاثًا حتى يُفهَمَ عنه . ما المانِعُ مِن أن تُعيدَ شرحَ الدَّرسِ أو جُزءٍ منه لِمَن لم يَفهمه ؟! فهناك فُروقٌ فرديَّةٌ بين البشر . ليس الكُلُّ عنده القُدرةُ على فَهم ما يَسمعونه من أوَّلِ مرَّةٍ . بل قد يَخفَى على مَن يَفهَمُ مِن أوَّل مرَّةٍ أمورٌ أو كلماتٌ أو نِقاطٌ تحتاجُ لتوضيحٍ . فكُن على قدر المسئوليَّةِ ، وأَدِّ الأمانةَ التي اؤتُمِنتَ عليها .
- أولادُكِ أمانةٌ . تربيتُكِ لهم ، وجُلوسُكِ معهم ، وحُسنُ رِعايتِهم والعِنايةِ بهم ، وتحمُّلُهم ، وتعليمُهم ، أُمورٌ تُؤجَرينَ عليها بإذن الله . أتتنازلن عن حَسناتٍ وأُجورٍ أنتِ بحاجةٍ لها ، في مُقابل مبلغٍ ماديٍّ قد لا تكونين بحاجةٍ له ؟! وفي الحَديثِ : (( والمرْأةُ راعِيةٌ في بيتِ زوجِها ومَسْؤُولةٌ عن رعِيَّتِها )) مُتفقٌ عليه .
♦ ♦ ♦
أماناتٌ كثيرةٌ تحتاجُ أن نُحافِظَ عليها ، أن نُعطِيَها حَقَّها من الاهتمام والرِّعايةِ ، أن نعلمَ أنَّنا مُحاسَبُون عليها .
جَوارِحُنا أمانةٌ ؛ أعيُنُنا ، ألسِنتُنا ، آذانُنا ، أيدينا ، أرجُلُنا ، قُلُوبُنا ، كُلُّها أماناتٌ سنُسألُ عنها . قال تعالى : (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )) الإسراء/36 .
أولادُنا ، أدوارُنا في بُيُوتِنا وأعمالِنا وأماكن تواجُدِنا ، أمانةٌ .
الأماناتُ أكثرُ من ذلك ، ولو تأمَّلناها ، لَوَجدناها نِعَمًا تستحِقُّ أن نشكُرَ اللهَ عليها . ومِن شُكره سُبحانه : أن نُحافِظَ عليها ولا نُهمِلَها . وبالشُّكر تدومُ النِّعَمُ وتزيدُ ، قال سُبحانه : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )) إبراهيم/7 .
♦ ♦ ♦
بعضُ الأماناتِ لم يَكُن لنا إرادةٌ في اختيارها ، فهِيَ نِعَمٌ من اللهِ سُبحانه أنعَمَ بها علينا مُنذُ أن وُلِدنا ، أو عند كِبَرنا . وبعضُها قد اخترنا تحمُّلَها بإرادتِنا ، ولم يُجبِرنا عليها أحد ؛ كوظائِفنا التي سَعينا للحصول عليها ، وبعض الأعمال التي تطوَّعنا للقيام بها . وهِيَ أماناتٌ سنُسألُ عنها .
ولنُراعِ أن تكونَ هذه المسئوليَّاتُ والأماناتُ فيما يُرضِي اللهَ ولا يدعوا لمَعصيةٍ .
فكُن على قدر المسئوليَّةِ ، وتحمَّل الأمانةَ التي اؤتُمِنتَ عليها ، وأدِّها حَقَّ أدائِها ، فإنَّكَ مُحاسَبٌ عليها ، واحتسِب الأجرَ في كُلِّ خُطُواتِكَ وأماناتِكَ .
وإن لم تقدر على تحمُّل بعض الأماناتِ ، فلتتركها لغيرك ؛ كوظيفةٍ لا تقومُ بها كما ينبغي ، أو مالٍ طُلِبَ منكَ حِفظُه ولا تستطيعُ ، إلى غير ذلك .
وتذكَّر دائمًا قولَ اللهِ تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) النساء/58 . |
بهذا
|
الجمعة سبتمبر 06, 2024 11:42 am من طرف مدام ششريهان
» أوبل: الحل الأمثل لفوترة أعمالك
الخميس سبتمبر 05, 2024 8:31 pm من طرف جنى بودى
» Real Estate in hurghada
الجمعة أغسطس 30, 2024 3:10 pm من طرف جنى بودى
» مصنع الفرسان العربية للزجاج السيكوريت
السبت أغسطس 24, 2024 6:54 pm من طرف جنى بودى
» حجز فنادق قريبه الى الحرم
الثلاثاء أغسطس 13, 2024 9:59 pm من طرف جنى بودى
» حجز حج وعمره
الثلاثاء أغسطس 13, 2024 9:42 pm من طرف جنى بودى
» من هو أفضل دكتور نساء وتوليد في القاهرة ؟
الجمعة يوليو 26, 2024 6:16 pm من طرف جنى بودى
» Remark برنامج للتصحيح الاكترونى و الورقى للامتحانات
الأربعاء يوليو 24, 2024 8:30 pm من طرف جنى بودى
» Remark برنامج للتصحيح الاكترونى و الورقى للامتحانات
الأربعاء يوليو 24, 2024 8:20 pm من طرف جنى بودى
» qorrect برنامج للتصحيح الالكترونى و اداره التعلم و صنع الاسئلة للامتحانات و تصحيحها الكترونيا
الأربعاء يوليو 24, 2024 2:19 am من طرف جنى بودى