المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 386 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 386 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
الاضحية واحكامها للحج
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الاضحية واحكامها للحج
الأضحية: معان وأحكام
الأضحية هي: ما يذبح من الأنعام يوم عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة التي بعده، من الإبل والبقر والغنم، يذبحها المسلم تقربًا إلى الله تعالى، وطلبًا لثوابه؛ أسوة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فهي إذًا نوعٌ من الذبائح التي شرعها الله - تبارك وتعالى، والذبائح كثيرة: الهَدْي الذي يكون في الحج، والعقيقة التي تكون عن المولود يوم سابعه، وما يذبحه الإنسان تقربًا إلى الله وطلبًا لثوابه، أو وفاءً بنذرٍ نذره، وهذه الأضحية، وهي من أفضلها.
والذبائح عبادةٌ من أفضل العبادات وأعظمها أجرًا، أتى ما يدل على ذلك في الكتاب والسنة في كثير من النصوص؛ فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، والمقصود بالنُّسُك في هذه الآية: الذبح، وقد جعله الله تبارك وتعالى فيصلًا بين الحق والباطل، الإسلام والكفر، التوحيد والشرك، كما قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية: يأمر الله - تعالى - نبيَّه أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه: أنه مخالف لهم في ذلك؛ فإن صلاته ونسكه على اسمه وحده لا شريك له، وهذا كقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3]؛ أي: أخلص له صلاتك وذبيحتك؛ فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله - تعالى - بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والإقبال والقصد والنية والعزم على الإخلاص لله -تعالى- فيما هو فيه[9].
ولاحظ معي قول الله: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]؛ فخص هاتين العبادتين: الصلاة والذبح من بين العبادات؛ "وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما، ودلالتهما على محبة الله تعالى، وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال، لما هو أحب إليها، وهو الله تعالى"[10].
فهذا مما يدل على فضل الذبائح في دين الإسلام، ومما يدل على خطر الذبائح - أيضًا - ما جاء في الأثر الرائع الذي أخرجه أحمد وأبو نعيم عن سلمان الفارسي أنه قال: "دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب"، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: "مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجُوزُه أحد حتى يقرب له شيئًا، فقالوا لأحدهما: قرِّب، قال: ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذبابًا، فقرب ذبابًا، فخلَّوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئًا دون الله - عز وجل - فضربوا عنقه، فدخل الجنة"[11].
دل هذا الأثر على أن الذبح عبادةٌ؛ ولهذا لا يتقرب بها إلى غير الله؛ فإنها من أجل العبادات التي شرعها سبحانه؛ ولهذا حذر الشرع الكريم من صرف هذه العبادة لغير الله، وسماه شركًا، بل ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله؛ كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي الطفيل، قال: قلنا لعلي بن أبي طالبٍ: أخبرنا بشيءٍ أسره إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أسَرَّ إليَّ شيئًا كتمه الناس، ولكني سمعته يقول: ((لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله مَن آوى مُحدِثًا، ولعن الله من لعن والديه، ولعن اللهُ مَن غَيَّرَ المنار))[12].
قال العلماء - وانتبهوا أيها الإخوة -: إن قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]، وقوله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، يشمل:
أولًا: ما ذبح تقربًا إلى غير الله من الأولياء وأصحاب المشاهد، وغيرها.
ثانيًا: ما ذبح للَّحم وذُكر عليه اسم غير الله.
ثالثًا: ما قصد بذبحه تعظيم مخلوق، ميت أو حي.
رابعًا: ما ذبح استنزالًا للبركة في مكان لم يحدده الشرع، أو عند قبر.
خامسًا: ما يذبح عند نزول البيوت؛ خوفًا من الجن أن تصيبه، أو طلبًا لنفع أو دفع ضر من الجن، كما يفعله السحرة[13]؛ فكل هذا شرك بالله -تعالى- كما دلت عليه هاتان الآيتان؛ لأنه ذبح لغير الله.
فالذبح - ومنه الأضحية - عبادة، وصرفه لغير الله شرك.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذبح، وجَّه ذبيحته إلى القبلة، وذبحها وهو يتوجه إلى ربه ومولاه بهذه المناجاة العذبة: عن جابر بن عبدالله قال: "ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين مُوجَأَيْنِ، فلما وجههما - أي نحو القبلة - قال: ((إني وجهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، عن محمد وأمته، بسم الله والله أكبر، ثم ذبح))"[14].
هذا هو معنى الأضحية - أيها الكرام - لكن ما هي الحكمة التي من أجلها شرعت الأضحية؟
أيها الأحبة، ليس المقصود من الأضحية لحومها التي تُطعَم، ولا دماؤها التي تراق، بل وراء ذلك للشرع مقاصد عظيمة، وحكم كريمة؛ كما قال تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37]؛ أي: يصل إليه التقوى منكم؛ أي: ما أريد به وجهه، فذلك الذي يَقبَلُه ويُرفع إليه، ويَسمعه ويُثيب عليه[15].
وقد أحصى العلماء مجموعة من الحِكم التي تلمسها العقول المتأملة في هذه الشعيرة العظيمة؛ من هذه الحِكم:
أولًا: إحياء سنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حينما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حق وصدق؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 99 - 106].
وقد كان موقف إبراهيم الخليل - عليه السلام - عظيمًا جدًّا؛ انظر كيف أقدم طائعًا لتنفيذ الرؤيا، يذبح ولده الوحيد إسماعيل، وتأمل موقف ذلك الولد المطيع المستسلم لأمر الله تعالى، وإن في عملهما لقدوة لنا معاشر المسلمين؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الممتحنة: 4].
ثانيًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء، والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنَّة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى؛ فقد ثبت في الحديث عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ذبح قبل الصلاة، فليُعِدْ))، فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم، وذكر هَنَةً من جيرانه - أي لمس حاجة من جيرانه للحم[16] - فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عذره، وقال الرجل: عندي جذعة - أي صغيرة السن - خير من شاتين، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في ذبحها، وأخبره أنها لا تَجزي عن أحد بعده[17].
ثالثًا: شكرًا لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة: فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تعد ولا تحصى؛ كنعمة البقاء من عام لعام، ونعمة الإيمان، ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرَّب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية؛ امتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى[18]؛ حيث قال جل جلاله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].
هذه - أيها الأحبة - هي الحِكَم التي تلمَّسها العلماء من تشريع الأضحية في الإسلام، ولا يقف دون التأمل في جديد شيء؛ فلله في تشريعه حِكَمٌ جلية وخفية[19].
ثانيًا: ما هي فضائل الأضحية، وما هي أحكامها الشرعية؟
مشروعية الأضحية:
والأضحية - أيها الكرام - مشروعة بكتاب الله عز وجل، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فقد قال الله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، قال القرطبي: "قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ ﴾؛ أي أقمِ الصلاة المفروضة عليك؛ كذا رواه الضحاك عن ابن عباس، وقال قتادة وعطاء وعكرمة: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾: صلاة العيد يوم النحر، ﴿ وَانْحَرْ ﴾: نُسكَك.
وقال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر ثم يصلي، فأمر أن يصلي ثم ينحر.
وقال سعيد بن جبير أيضًا: صلِّ لربك صلاة الصبح المفروضة بجَمْعٍ - أي مزدلفة - وانحر البدن بمنًى"[20].
ومن أهل العلم من يرى أن المراد بقوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾؛ أي: صلاة العيد، وبقوله: ﴿ وَانْحَرْ ﴾؛ أي: نحر الأضحية.
ولا يخفى أن صلاة العيد داخلة في عموم قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾، وأن الأضحية داخلة في عموم قوله تعالى: ﴿ وَانْحَرْ ﴾، وهذه الأقوال في تفسير الآية محتملة[21].
وأما السنَّة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُضحِّي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:
ما رواه البخاري بإسناده عن أنس - رضي الله عنه - قال: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعًا قدمه على صفاحهما، يسمِّي ويكبر، فذبحهما بيده).
ورواه مسلم، ولفظه: (عن أنس قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، قال: ورأيته يذبحهما بيده، ورأيته واضعًا قدمه على صفاحهما، قال: وسمى وكبر)[22].
وعن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: (شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَعْدُ أن صلى وفرغ من صلاته سلَّم، فإذا هو يرى لحم أضاحي قد ذبحت قبل أن يفرغ من صلاته، فقال: من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي أو نصلي، فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح، فليذبح باسم الله)[23].
فضل الأضحية:
أيها الأحبة، والأضحية كما هي مشروعة فقد جاءت آيات وأحاديث تدل على فضلها وجلالتها؛ فهي شعيرةٌ من شعائر الله، واجبٌ تعظيمها؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
وهي من أفضل الأعمال في الحج؛ كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قام رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من الحاج؟، قال: ((الشَّعِث التَّفِل)) - أي تارك الزينة، والطِّيب - فقام رجلٌ آخر فقال: أي الحج أفضل يا رسول الله؟، قال: ((العَجُّ والثَّجُّ)) - العج: أي رفع الصوت بالتلبية، والثَّجُّ هو: نحر البُدن[24]، وفي هذا بيان لفضل الأضحية؛ إذ سمى النبي صلى الله عليه وسلم نحر الإبل أفضل الحج.
وقد يقول بعض السامعين الكرام: هذا في الحج، لكن ماذا عمن لم يوفقه الله أن يكون من الحجاج؟ ما هو ثواب أضحيته؟
والجواب من الحافظ ابن عبدالبر - رحمه الله - قال: "وقد روي في فضل الضحايا آثارٌ حسان؛ فمنها ما رواه سعيد بن داود، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من نفقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من إهراق الدم))[25].
قلت: وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين))[26].
وهذا الحديث يبين محبة الله لإراقة دم الذبائح ابتغاءَ وجهه تعالى، وهو يشير - كما سيأتي معنا - إلى أن لون الذبيحة الأبيض - أو المائل للبياض - أفضلُ ممن كان لونها أسود، أو مائلًا إلى السواد.
ونستطيع أن نشير إلى كثير من فضائل الأضحية التي وردت بها السنة، أو أشار إليها القرآن؛ فمن فضائل الأضحية أنها إطعام للطعام، وقد روى الترمذي - وصححه الألباني - عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس إليه - أي ذهبوا مسرعين - فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واستثبتُّه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: ((يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام))[27].
وهذا الحديث - أيها الأحبة - يطابق تمامًا قول الله تعالى عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 67].
والشاهد من مجموع الآية والحديث: أن إطعام الطعام بغير إسراف ولا إقتار من صفات عباد الرحمن، الذين يُجزَوْن الجنة ويُلقَّوْنَ فيها تحية وسلامًا.
ومن فضائل الأضحية: الصدقة على فقراء المسلمين؛ روى أحمد والشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تصدق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه، حتى تكون مثل الجبل))[28].
ومن فضائل الأضحية: صلة الأرحام؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصِلْ رحمه))[29].
ومن فضائل الأضحية: التوسعة على الأهل والأولاد؛ روى مسلمٌ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أعطيته مسكينًا، ودينارٌ أعطيته في رقبةٍ، ودينارٌ أعطيته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته على أهلك، قال: الدينار الذي أنفقته على أهلك أعظم أجرًا))[30].
ومن فضائل الأضحية: إدخال السرور على كل هؤلاء، ولا يزال إدخال السرور على المسلمين وتقديم الفضل لهم دأب الصالحين، كما قيل لابن المنكدر - رحمه الله -: أي العمل أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، قال: فما بقي مما يستلذ؟ قال: الإفضال على الإخوان[31].
وكيف لا؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما روى الطبراني في الأوسط عن عمر رضي الله عنه -: ((أفضل الأعمال: إدخال السرور على المؤمن؛ كسَوْتَ عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجةً))[32].
ومن فضائل الأضحية: الائتساء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما مر بنا في غير حديث، والله تعالى يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
ومن فضائل الأضحية: تنفيذ أمر الله؛ في قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].
وبالجملة، ففضائل الأضحية كثيرة كثيرة، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، وألا يحرمنا أجرها.
حُكمها:
هذا - أيها الأحبة - هو فضل الأضحية كما جاء في الكتاب والسنة، ولسائل أن يسأل: ما هو حُكم الأضحية؟ هل يضحي كل مسلم؟ فإذا لم يُضحِّ أثم؟ أم يضحي بعض المسلمين ليكفوا بقية إخوانهم؟ أم هي بالاختيار؛ من شاء أن يضحي ضحى، ومن لم يشأ، فلا حرج عليه؟
والجواب: الأضحية واجبة على القادر عليها؛ فمن كان عنده قدرة على الأضحية، وجب عليه وتحتَّم أن يضحي، فإذا لم يفعل، كان عليه وزرٌ وإثمٌ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان له سعة، ولم يُضحِّ، فلا يقربن مصلانا))[33].
ووجه الاستدلال بهذا الحديث: أنه لما نهى مَن كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضحِّ، دل على أنه ترك واجبًا، فكأنه لا فائدة في التقرب بالصلاة للعبد مع ترك هذا الواجب.
وعن مخفف بن سليم قال: كنا وقوفًا عند النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، فقال: ((يا أيها الناس، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية...))[34].
وعن جندب بن سفيان البجلي، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال: ((من ذبح قبل أن يصلي، فليُعِدْ مكانها أخرى، ومن لم يذبح، فليذبح))[35].
وهذا الحديث ظاهر في الوجوب، لا سيما مع الأمر بالإعادة[36].
ومن هنا قال العلماء بوجوب الأضحية على كل أهل بيتٍ في كل عام، لكن ذلك على القادر، أما من لم يستطع، فلا عليه ألا يفعل، وليس عليه في امتناعه إثم.
لكن من هو القادر عليها؟
قال العلماء: القادر عليها هو: الغني الذي يملك نصاب الزكاة فاضلًا عن حوائجه الأصلية، ويملك أيضًا ثمن ما يصح أضحية، ومن لا يملك النصاب، فهو فقير[37].
وأبشركم - أيها الأحبة - بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى))[38]، فكل من يريد الأضحية ولا يستطيع شراءها، يكتب في المضحِّين.
وأنبه - أيها الكرام - إلى أن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، يعني لا يلزم أن يضحي كل واحد في الأسرة، بل ولا كل أسرة تعيش كعائلة واحدة يأكلون معًا، ونفقاتهم واحدة؛ فعن عطاء بن يسار قال: "سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، ثم تباهى الناس، فصار كما ترى"[39].
فإذا ضحى بها واحد من أهل البيت، تأدى الشعار والسنة بجميعهم، ولو كانوا كثرة، وإن كانوا مائة نفس؛ إذ ليست الأضحية للمباهاة، إنما هي شعيرة من شعائر الله، فليُخلِص العبد في ذبحها وتوزيعها، ولا يجعلها محل فخر أو موضع خيلاء؛ لأن ما كان كذلك لا ينفع، ولا يغني، ولا يسمن من جوع، ويجعله الله يوم القيامة هباءً منثورًا.
ونقل ابن قدامة عن صالح بن أحمد بن حنبل قال: "قلت لأبي: يضحى بالشاة عن أهل البيت؟ قال: نعم لا بأس، قد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين، فقرب أحدهما فقال: بسم الله، اللهم هذا عن محمد وأهل بيته، وقرب الآخر فقال: بسم الله، اللهم هذا منك ولك عمن وحَّدك من أمتي.
وكان أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة، فتجيء ابنته فتقول: عني، فيقول: وعنك[40].
وأرجو - قبل أن أنهي هذا العنصر وأجلس للاستراحة - أن تلتفتوا بقلوبكم لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((بسم الله، اللهم هذا منك ولك عمن وحَّدك من أمتي))، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضحِّي عن كل واحد من أمته من الذين يضحون والذين لا يضحون! فأبشِرْ يا من لا تجد ثمن الأضحية، أبشر وطب نفسًا بأن رسول الله ضحى عنك، وهو أفضل منك وأضحيته أفضل من أضحيتك بلا شك؛ فاللهم اجعلنا من هؤلاء المقصودين بأضحية المصطفى، اللهم اجعلنا من الموحدين المتبعين لسيد الأولين والآخرين، وارزقنا العمل الصالح والنية الخالصة،
ممَّ تكون الأضحية؟
والجواب: لا تكون الأضحية إلا من البقر والغنم والإبل، وهي المقصودة بالأنعام في قوله تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، فيُضحَّى بالأزواج الثمانية التي ذكرها الله في القرآن في سورة الأنعام، وهي الضأن والمعز، والإبل والبقر، ذكرًا كانت أو أنثى، ويدخل في البقر الجاموس[41]، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بغير ذلك.
وعن كم تجزئ البَدَنة والبقرة؟
والجواب من المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ عن ابن عباس قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فحضر الأضحى، فاشتركنا في الجزور عن عشرة، والبقرة عن سبعة"[42].
وهذا خلاف ما هو معلوم ومشهور؛ أن البقرة تجزئ عن خمسة، والبَدَنة - الناقة أو الجمل - تجزئ عن سبعة، وهذا الحديث صحيح، وفيه يخبر ابن عباس أنهم اشتركوا في محضر النبي صلى الله عليه وسلم، يعني تحت سمعه وبصره، فكانوا في الناقة عشرة شركاء، وفي البقرة سبعة؛ فالحمد لله على فضله وإنعامه.
هل كل شاة أو بقرة أو ناقة يضحى بها، أم لا بد لها من شروط؟
والجواب: هناك شروط للأضحية لا بد من توافرها:
أول هذه الشروط: السلامة من العيوب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم العيوب التي لا تُقبَل في الأضحية؛ فعن عبيد بن فيروز، قال: قلت للبراء بن عازب - رضي الله عنه -: حدثني بما كره أو نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضاحي، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا بيده، ويدي أقصر من يده: ((أربعٌ لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البَيِّن عَوَرها - أي التي عورها ظاهر جدًّا، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسيرة - يعني الهزيلة والضعيفة - التي لا تُنقِي))، قال: فإني أكره أن يكون نقص في الأذن، قال: ((فما كرهتَ منه فدَعْهُ، ولا تُحرِّمْه على أحد))[43].
لكن لو اشترى شخص أضحية قبل العيد، ثم حبسها عنده فأصابها عيب من هذه العيوب، كأن كسرت رجلها، أو عميت، أو غيره! فهل يصح أن يضحي بها وتكون مجزئة؟
الجواب: نعم؛ لأنه يوم اشتراها اشتراها سليمةً من العيوب.
ويشترط للأضحية أيضًا: بلوغ السن التي حددها الشرع:
أيها الأحبة، اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن الشرع قد ورد بتحديد سن في الأضحية، لا يجوز ذبح أقل منه، ومن ذبح أقل منه، فلا تجزئ أضحيته[44].
فقد ورد أن سن الناقة لا بد أن تكون خمس سنوات أو أكثر، والبقر سنتين أو أكثر، والضأن ستة أشهر أو أكثر، والماعز سنة أو أكثر، وما كان دون ذلك، فلا يجزئ في الأضحية، ويدل على اشتراط السن في الأضحية حديث جابر - رضي الله عنه -: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تذبحوا إلا مسنةً، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن))[45].
والمسنة هي الثنية، وقد بينا السن الواجبة في كل نوع من أنواع الأضحية، فلا يجزئ ما كان أقل من السن الواجبة؛ حتى ولو كانت العجول أو غيرها مسمنة، وتقل أعمارها عن السن المطلوبة، فلا تجزئ؛ لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرناها.
ويشترط في الأضحية كذلك: أن يكون ذبحها بعد صلاة العيد، لا قبل الصلاة؛ فمن ذبح قبل الصلاة، فلا تكون أضحية، ووجب عليه - إن وجد سعة من المال - أن يذبح بدلها بعد الصلاة، وقد وقع هذا فعلًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحكاه لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما فقال: "ضحى خالٌ لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شاتُك شاة لحم))، فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: ((اذبحها، ولا تصلح لغيرك))، ثم قال: ((من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة، فقد تم نسكه، وأصاب سنَّة المسلمين))[46].
وقد مر معنا منذ قليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة، فقد تم نسكُه، وأصاب سنة المسلمين))[47].
فمعك من وقت ما تفرغ من صلاة العيد والخطبة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، إلى أن تغرب شمس اليوم الرابع - يوم النحر وثلاثة أيام بعده - اذبح أول يوم، وهو يوم العيد، إن شئت، أو ثاني يوم إن شئت، أو الثالث أو الرابع إلى غروب شمس هذا اليوم فقط، تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال.
هذا، وقد ذهب العلماء إلى أن الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام: الغنم ثم الإبل ثم البقر.
وذهبوا أيضًا إلى أن أفضل ألوانها البيضاء، ثم الصفراء... إلخ[48]، فما كان أبيض أو أميل إلى البياض، كان أفضل من الأسود، أو المائل إلى السواد.
وقد أخذوا هذا من اختيار النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: (ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين"، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالغنم، ويضحي بالأملح منها، والأملح هو نقي البياض[49].
وليس معنى ذلك أن الأسود مكروه! كلا، بل معناه فقط أن الأبيض أفضل.
وأخيرًا أيها الأحبة، ماذا يطلب ممن أراد الأضحية؟
هل هناك شعائر معينة يقوم بها من نوى أن يضحي؟
والجواب: نعم؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشَره شيئًا))[50].
وفي رواية: ((مَن كان له ذبح يذبحه، فإذا أهَلَّ هلال ذي الحجة، فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئًا حتى يضحي))[51].
والراجح أن هذا النهي من النبي صلى الله عليه وسلم للتحريم، ومعنى ذلك أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية[52].
وهناك معنى لطيف - أيها الأحبة - في هذا الحديث؛ حيث ينهى النبي صلى الله عليه وسلم المضحي عن أخذ شيء من أظفاره وشعره حتى يذبح أضحيته، وفي هذا شبهٌ بالحاج المحرم بالحج، فهو الآخر في مثل هذا التوقيت تقريبًا يمسك عن شعره وأظفاره، فكأنه عزاء لمن لم يحج ورغبة إليه أن يستحضر نية وأمنية الحج مع التشبه بهم في بعض أعمالهم، فيا من تريد الأضحية، اشترِ أضحيتك على هذه المواصفات، وأمسك عن شعرك وأظفارك من أول ذي الحجة، وانتظر حتى يأتي العيد وتؤدي الصلاة، ثم اختر وقتًا يناسبك من أيامها الأربع، فإذا أردت ذبحها، فحُدَّ شفرتك، وسُقْ أضحيتك - بنفسك وهو أولى أو بجزارك واشهدها معه - إلى محل الذبح سوقًا جميلًا لا عنيفًا، وأضجعها على جنبها الأيسر، وإن كانت إبلًا تذبح قائمة على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى، ووجهها إلى القِبلة، واستقبل القبلة أنت كذلك، وانْوِ إرادة الثواب، واقصِدْ وجه الله، مرددًا هذا الدعاء المبارك بخشوع: "إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك"، ثم قل: باسم الله، والله أكبر، واذبح، وكُلْ أنت وأهل بيتك منها، وتصدق على الفقراء، وصِلْ أرحامك وأقاربك، وأهل ودِّك، وأصدقاءك، ومنهم الجزار، كهدية لا كأجرة، بل اؤجُرْه مِن مالك، وإياك أن تَبيع منها شيئًا، لا من لحمها، ولا من أطرافها، ولا من جلدها؛ فإن مَن باع جلد أضحيته، فلا أضحية له، فإن فعلت ذلك، فأرجو من الله أن تكون من المقبولين المأجورين.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا القبول في الدنيا والآخرة، وأن يكتبنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.
الأضحية هي: ما يذبح من الأنعام يوم عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة التي بعده، من الإبل والبقر والغنم، يذبحها المسلم تقربًا إلى الله تعالى، وطلبًا لثوابه؛ أسوة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فهي إذًا نوعٌ من الذبائح التي شرعها الله - تبارك وتعالى، والذبائح كثيرة: الهَدْي الذي يكون في الحج، والعقيقة التي تكون عن المولود يوم سابعه، وما يذبحه الإنسان تقربًا إلى الله وطلبًا لثوابه، أو وفاءً بنذرٍ نذره، وهذه الأضحية، وهي من أفضلها.
والذبائح عبادةٌ من أفضل العبادات وأعظمها أجرًا، أتى ما يدل على ذلك في الكتاب والسنة في كثير من النصوص؛ فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، والمقصود بالنُّسُك في هذه الآية: الذبح، وقد جعله الله تبارك وتعالى فيصلًا بين الحق والباطل، الإسلام والكفر، التوحيد والشرك، كما قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية: يأمر الله - تعالى - نبيَّه أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه: أنه مخالف لهم في ذلك؛ فإن صلاته ونسكه على اسمه وحده لا شريك له، وهذا كقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3]؛ أي: أخلص له صلاتك وذبيحتك؛ فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله - تعالى - بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والإقبال والقصد والنية والعزم على الإخلاص لله -تعالى- فيما هو فيه[9].
ولاحظ معي قول الله: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]؛ فخص هاتين العبادتين: الصلاة والذبح من بين العبادات؛ "وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما، ودلالتهما على محبة الله تعالى، وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال، لما هو أحب إليها، وهو الله تعالى"[10].
فهذا مما يدل على فضل الذبائح في دين الإسلام، ومما يدل على خطر الذبائح - أيضًا - ما جاء في الأثر الرائع الذي أخرجه أحمد وأبو نعيم عن سلمان الفارسي أنه قال: "دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب"، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: "مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجُوزُه أحد حتى يقرب له شيئًا، فقالوا لأحدهما: قرِّب، قال: ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذبابًا، فقرب ذبابًا، فخلَّوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئًا دون الله - عز وجل - فضربوا عنقه، فدخل الجنة"[11].
دل هذا الأثر على أن الذبح عبادةٌ؛ ولهذا لا يتقرب بها إلى غير الله؛ فإنها من أجل العبادات التي شرعها سبحانه؛ ولهذا حذر الشرع الكريم من صرف هذه العبادة لغير الله، وسماه شركًا، بل ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله؛ كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي الطفيل، قال: قلنا لعلي بن أبي طالبٍ: أخبرنا بشيءٍ أسره إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أسَرَّ إليَّ شيئًا كتمه الناس، ولكني سمعته يقول: ((لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله مَن آوى مُحدِثًا، ولعن الله من لعن والديه، ولعن اللهُ مَن غَيَّرَ المنار))[12].
قال العلماء - وانتبهوا أيها الإخوة -: إن قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]، وقوله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، يشمل:
أولًا: ما ذبح تقربًا إلى غير الله من الأولياء وأصحاب المشاهد، وغيرها.
ثانيًا: ما ذبح للَّحم وذُكر عليه اسم غير الله.
ثالثًا: ما قصد بذبحه تعظيم مخلوق، ميت أو حي.
رابعًا: ما ذبح استنزالًا للبركة في مكان لم يحدده الشرع، أو عند قبر.
خامسًا: ما يذبح عند نزول البيوت؛ خوفًا من الجن أن تصيبه، أو طلبًا لنفع أو دفع ضر من الجن، كما يفعله السحرة[13]؛ فكل هذا شرك بالله -تعالى- كما دلت عليه هاتان الآيتان؛ لأنه ذبح لغير الله.
فالذبح - ومنه الأضحية - عبادة، وصرفه لغير الله شرك.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذبح، وجَّه ذبيحته إلى القبلة، وذبحها وهو يتوجه إلى ربه ومولاه بهذه المناجاة العذبة: عن جابر بن عبدالله قال: "ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين مُوجَأَيْنِ، فلما وجههما - أي نحو القبلة - قال: ((إني وجهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، عن محمد وأمته، بسم الله والله أكبر، ثم ذبح))"[14].
هذا هو معنى الأضحية - أيها الكرام - لكن ما هي الحكمة التي من أجلها شرعت الأضحية؟
أيها الأحبة، ليس المقصود من الأضحية لحومها التي تُطعَم، ولا دماؤها التي تراق، بل وراء ذلك للشرع مقاصد عظيمة، وحكم كريمة؛ كما قال تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37]؛ أي: يصل إليه التقوى منكم؛ أي: ما أريد به وجهه، فذلك الذي يَقبَلُه ويُرفع إليه، ويَسمعه ويُثيب عليه[15].
وقد أحصى العلماء مجموعة من الحِكم التي تلمسها العقول المتأملة في هذه الشعيرة العظيمة؛ من هذه الحِكم:
أولًا: إحياء سنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حينما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حق وصدق؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 99 - 106].
وقد كان موقف إبراهيم الخليل - عليه السلام - عظيمًا جدًّا؛ انظر كيف أقدم طائعًا لتنفيذ الرؤيا، يذبح ولده الوحيد إسماعيل، وتأمل موقف ذلك الولد المطيع المستسلم لأمر الله تعالى، وإن في عملهما لقدوة لنا معاشر المسلمين؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الممتحنة: 4].
ثانيًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء، والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنَّة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى؛ فقد ثبت في الحديث عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ذبح قبل الصلاة، فليُعِدْ))، فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم، وذكر هَنَةً من جيرانه - أي لمس حاجة من جيرانه للحم[16] - فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عذره، وقال الرجل: عندي جذعة - أي صغيرة السن - خير من شاتين، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في ذبحها، وأخبره أنها لا تَجزي عن أحد بعده[17].
ثالثًا: شكرًا لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة: فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تعد ولا تحصى؛ كنعمة البقاء من عام لعام، ونعمة الإيمان، ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرَّب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية؛ امتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى[18]؛ حيث قال جل جلاله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].
هذه - أيها الأحبة - هي الحِكَم التي تلمَّسها العلماء من تشريع الأضحية في الإسلام، ولا يقف دون التأمل في جديد شيء؛ فلله في تشريعه حِكَمٌ جلية وخفية[19].
ثانيًا: ما هي فضائل الأضحية، وما هي أحكامها الشرعية؟
مشروعية الأضحية:
والأضحية - أيها الكرام - مشروعة بكتاب الله عز وجل، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فقد قال الله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، قال القرطبي: "قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ ﴾؛ أي أقمِ الصلاة المفروضة عليك؛ كذا رواه الضحاك عن ابن عباس، وقال قتادة وعطاء وعكرمة: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾: صلاة العيد يوم النحر، ﴿ وَانْحَرْ ﴾: نُسكَك.
وقال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر ثم يصلي، فأمر أن يصلي ثم ينحر.
وقال سعيد بن جبير أيضًا: صلِّ لربك صلاة الصبح المفروضة بجَمْعٍ - أي مزدلفة - وانحر البدن بمنًى"[20].
ومن أهل العلم من يرى أن المراد بقوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾؛ أي: صلاة العيد، وبقوله: ﴿ وَانْحَرْ ﴾؛ أي: نحر الأضحية.
ولا يخفى أن صلاة العيد داخلة في عموم قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾، وأن الأضحية داخلة في عموم قوله تعالى: ﴿ وَانْحَرْ ﴾، وهذه الأقوال في تفسير الآية محتملة[21].
وأما السنَّة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُضحِّي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:
ما رواه البخاري بإسناده عن أنس - رضي الله عنه - قال: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعًا قدمه على صفاحهما، يسمِّي ويكبر، فذبحهما بيده).
ورواه مسلم، ولفظه: (عن أنس قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، قال: ورأيته يذبحهما بيده، ورأيته واضعًا قدمه على صفاحهما، قال: وسمى وكبر)[22].
وعن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: (شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَعْدُ أن صلى وفرغ من صلاته سلَّم، فإذا هو يرى لحم أضاحي قد ذبحت قبل أن يفرغ من صلاته، فقال: من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي أو نصلي، فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح، فليذبح باسم الله)[23].
فضل الأضحية:
أيها الأحبة، والأضحية كما هي مشروعة فقد جاءت آيات وأحاديث تدل على فضلها وجلالتها؛ فهي شعيرةٌ من شعائر الله، واجبٌ تعظيمها؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
وهي من أفضل الأعمال في الحج؛ كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قام رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من الحاج؟، قال: ((الشَّعِث التَّفِل)) - أي تارك الزينة، والطِّيب - فقام رجلٌ آخر فقال: أي الحج أفضل يا رسول الله؟، قال: ((العَجُّ والثَّجُّ)) - العج: أي رفع الصوت بالتلبية، والثَّجُّ هو: نحر البُدن[24]، وفي هذا بيان لفضل الأضحية؛ إذ سمى النبي صلى الله عليه وسلم نحر الإبل أفضل الحج.
وقد يقول بعض السامعين الكرام: هذا في الحج، لكن ماذا عمن لم يوفقه الله أن يكون من الحجاج؟ ما هو ثواب أضحيته؟
والجواب من الحافظ ابن عبدالبر - رحمه الله - قال: "وقد روي في فضل الضحايا آثارٌ حسان؛ فمنها ما رواه سعيد بن داود، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من نفقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من إهراق الدم))[25].
قلت: وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين))[26].
وهذا الحديث يبين محبة الله لإراقة دم الذبائح ابتغاءَ وجهه تعالى، وهو يشير - كما سيأتي معنا - إلى أن لون الذبيحة الأبيض - أو المائل للبياض - أفضلُ ممن كان لونها أسود، أو مائلًا إلى السواد.
ونستطيع أن نشير إلى كثير من فضائل الأضحية التي وردت بها السنة، أو أشار إليها القرآن؛ فمن فضائل الأضحية أنها إطعام للطعام، وقد روى الترمذي - وصححه الألباني - عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس إليه - أي ذهبوا مسرعين - فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واستثبتُّه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: ((يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام))[27].
وهذا الحديث - أيها الأحبة - يطابق تمامًا قول الله تعالى عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 67].
والشاهد من مجموع الآية والحديث: أن إطعام الطعام بغير إسراف ولا إقتار من صفات عباد الرحمن، الذين يُجزَوْن الجنة ويُلقَّوْنَ فيها تحية وسلامًا.
ومن فضائل الأضحية: الصدقة على فقراء المسلمين؛ روى أحمد والشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تصدق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه، حتى تكون مثل الجبل))[28].
ومن فضائل الأضحية: صلة الأرحام؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصِلْ رحمه))[29].
ومن فضائل الأضحية: التوسعة على الأهل والأولاد؛ روى مسلمٌ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أعطيته مسكينًا، ودينارٌ أعطيته في رقبةٍ، ودينارٌ أعطيته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته على أهلك، قال: الدينار الذي أنفقته على أهلك أعظم أجرًا))[30].
ومن فضائل الأضحية: إدخال السرور على كل هؤلاء، ولا يزال إدخال السرور على المسلمين وتقديم الفضل لهم دأب الصالحين، كما قيل لابن المنكدر - رحمه الله -: أي العمل أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، قال: فما بقي مما يستلذ؟ قال: الإفضال على الإخوان[31].
وكيف لا؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما روى الطبراني في الأوسط عن عمر رضي الله عنه -: ((أفضل الأعمال: إدخال السرور على المؤمن؛ كسَوْتَ عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجةً))[32].
ومن فضائل الأضحية: الائتساء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما مر بنا في غير حديث، والله تعالى يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
ومن فضائل الأضحية: تنفيذ أمر الله؛ في قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2].
وبالجملة، ففضائل الأضحية كثيرة كثيرة، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، وألا يحرمنا أجرها.
حُكمها:
هذا - أيها الأحبة - هو فضل الأضحية كما جاء في الكتاب والسنة، ولسائل أن يسأل: ما هو حُكم الأضحية؟ هل يضحي كل مسلم؟ فإذا لم يُضحِّ أثم؟ أم يضحي بعض المسلمين ليكفوا بقية إخوانهم؟ أم هي بالاختيار؛ من شاء أن يضحي ضحى، ومن لم يشأ، فلا حرج عليه؟
والجواب: الأضحية واجبة على القادر عليها؛ فمن كان عنده قدرة على الأضحية، وجب عليه وتحتَّم أن يضحي، فإذا لم يفعل، كان عليه وزرٌ وإثمٌ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان له سعة، ولم يُضحِّ، فلا يقربن مصلانا))[33].
ووجه الاستدلال بهذا الحديث: أنه لما نهى مَن كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضحِّ، دل على أنه ترك واجبًا، فكأنه لا فائدة في التقرب بالصلاة للعبد مع ترك هذا الواجب.
وعن مخفف بن سليم قال: كنا وقوفًا عند النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، فقال: ((يا أيها الناس، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية...))[34].
وعن جندب بن سفيان البجلي، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال: ((من ذبح قبل أن يصلي، فليُعِدْ مكانها أخرى، ومن لم يذبح، فليذبح))[35].
وهذا الحديث ظاهر في الوجوب، لا سيما مع الأمر بالإعادة[36].
ومن هنا قال العلماء بوجوب الأضحية على كل أهل بيتٍ في كل عام، لكن ذلك على القادر، أما من لم يستطع، فلا عليه ألا يفعل، وليس عليه في امتناعه إثم.
لكن من هو القادر عليها؟
قال العلماء: القادر عليها هو: الغني الذي يملك نصاب الزكاة فاضلًا عن حوائجه الأصلية، ويملك أيضًا ثمن ما يصح أضحية، ومن لا يملك النصاب، فهو فقير[37].
وأبشركم - أيها الأحبة - بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى))[38]، فكل من يريد الأضحية ولا يستطيع شراءها، يكتب في المضحِّين.
وأنبه - أيها الكرام - إلى أن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، يعني لا يلزم أن يضحي كل واحد في الأسرة، بل ولا كل أسرة تعيش كعائلة واحدة يأكلون معًا، ونفقاتهم واحدة؛ فعن عطاء بن يسار قال: "سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، ثم تباهى الناس، فصار كما ترى"[39].
فإذا ضحى بها واحد من أهل البيت، تأدى الشعار والسنة بجميعهم، ولو كانوا كثرة، وإن كانوا مائة نفس؛ إذ ليست الأضحية للمباهاة، إنما هي شعيرة من شعائر الله، فليُخلِص العبد في ذبحها وتوزيعها، ولا يجعلها محل فخر أو موضع خيلاء؛ لأن ما كان كذلك لا ينفع، ولا يغني، ولا يسمن من جوع، ويجعله الله يوم القيامة هباءً منثورًا.
ونقل ابن قدامة عن صالح بن أحمد بن حنبل قال: "قلت لأبي: يضحى بالشاة عن أهل البيت؟ قال: نعم لا بأس، قد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين، فقرب أحدهما فقال: بسم الله، اللهم هذا عن محمد وأهل بيته، وقرب الآخر فقال: بسم الله، اللهم هذا منك ولك عمن وحَّدك من أمتي.
وكان أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة، فتجيء ابنته فتقول: عني، فيقول: وعنك[40].
وأرجو - قبل أن أنهي هذا العنصر وأجلس للاستراحة - أن تلتفتوا بقلوبكم لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((بسم الله، اللهم هذا منك ولك عمن وحَّدك من أمتي))، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يُضحِّي عن كل واحد من أمته من الذين يضحون والذين لا يضحون! فأبشِرْ يا من لا تجد ثمن الأضحية، أبشر وطب نفسًا بأن رسول الله ضحى عنك، وهو أفضل منك وأضحيته أفضل من أضحيتك بلا شك؛ فاللهم اجعلنا من هؤلاء المقصودين بأضحية المصطفى، اللهم اجعلنا من الموحدين المتبعين لسيد الأولين والآخرين، وارزقنا العمل الصالح والنية الخالصة،
ممَّ تكون الأضحية؟
والجواب: لا تكون الأضحية إلا من البقر والغنم والإبل، وهي المقصودة بالأنعام في قوله تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، فيُضحَّى بالأزواج الثمانية التي ذكرها الله في القرآن في سورة الأنعام، وهي الضأن والمعز، والإبل والبقر، ذكرًا كانت أو أنثى، ويدخل في البقر الجاموس[41]، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بغير ذلك.
وعن كم تجزئ البَدَنة والبقرة؟
والجواب من المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ عن ابن عباس قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فحضر الأضحى، فاشتركنا في الجزور عن عشرة، والبقرة عن سبعة"[42].
وهذا خلاف ما هو معلوم ومشهور؛ أن البقرة تجزئ عن خمسة، والبَدَنة - الناقة أو الجمل - تجزئ عن سبعة، وهذا الحديث صحيح، وفيه يخبر ابن عباس أنهم اشتركوا في محضر النبي صلى الله عليه وسلم، يعني تحت سمعه وبصره، فكانوا في الناقة عشرة شركاء، وفي البقرة سبعة؛ فالحمد لله على فضله وإنعامه.
هل كل شاة أو بقرة أو ناقة يضحى بها، أم لا بد لها من شروط؟
والجواب: هناك شروط للأضحية لا بد من توافرها:
أول هذه الشروط: السلامة من العيوب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم العيوب التي لا تُقبَل في الأضحية؛ فعن عبيد بن فيروز، قال: قلت للبراء بن عازب - رضي الله عنه -: حدثني بما كره أو نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضاحي، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا بيده، ويدي أقصر من يده: ((أربعٌ لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البَيِّن عَوَرها - أي التي عورها ظاهر جدًّا، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسيرة - يعني الهزيلة والضعيفة - التي لا تُنقِي))، قال: فإني أكره أن يكون نقص في الأذن، قال: ((فما كرهتَ منه فدَعْهُ، ولا تُحرِّمْه على أحد))[43].
لكن لو اشترى شخص أضحية قبل العيد، ثم حبسها عنده فأصابها عيب من هذه العيوب، كأن كسرت رجلها، أو عميت، أو غيره! فهل يصح أن يضحي بها وتكون مجزئة؟
الجواب: نعم؛ لأنه يوم اشتراها اشتراها سليمةً من العيوب.
ويشترط للأضحية أيضًا: بلوغ السن التي حددها الشرع:
أيها الأحبة، اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن الشرع قد ورد بتحديد سن في الأضحية، لا يجوز ذبح أقل منه، ومن ذبح أقل منه، فلا تجزئ أضحيته[44].
فقد ورد أن سن الناقة لا بد أن تكون خمس سنوات أو أكثر، والبقر سنتين أو أكثر، والضأن ستة أشهر أو أكثر، والماعز سنة أو أكثر، وما كان دون ذلك، فلا يجزئ في الأضحية، ويدل على اشتراط السن في الأضحية حديث جابر - رضي الله عنه -: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تذبحوا إلا مسنةً، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن))[45].
والمسنة هي الثنية، وقد بينا السن الواجبة في كل نوع من أنواع الأضحية، فلا يجزئ ما كان أقل من السن الواجبة؛ حتى ولو كانت العجول أو غيرها مسمنة، وتقل أعمارها عن السن المطلوبة، فلا تجزئ؛ لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرناها.
ويشترط في الأضحية كذلك: أن يكون ذبحها بعد صلاة العيد، لا قبل الصلاة؛ فمن ذبح قبل الصلاة، فلا تكون أضحية، ووجب عليه - إن وجد سعة من المال - أن يذبح بدلها بعد الصلاة، وقد وقع هذا فعلًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحكاه لنا البراء بن عازب رضي الله عنهما فقال: "ضحى خالٌ لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شاتُك شاة لحم))، فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: ((اذبحها، ولا تصلح لغيرك))، ثم قال: ((من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة، فقد تم نسكه، وأصاب سنَّة المسلمين))[46].
وقد مر معنا منذ قليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة، فقد تم نسكُه، وأصاب سنة المسلمين))[47].
فمعك من وقت ما تفرغ من صلاة العيد والخطبة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، إلى أن تغرب شمس اليوم الرابع - يوم النحر وثلاثة أيام بعده - اذبح أول يوم، وهو يوم العيد، إن شئت، أو ثاني يوم إن شئت، أو الثالث أو الرابع إلى غروب شمس هذا اليوم فقط، تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال.
هذا، وقد ذهب العلماء إلى أن الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام: الغنم ثم الإبل ثم البقر.
وذهبوا أيضًا إلى أن أفضل ألوانها البيضاء، ثم الصفراء... إلخ[48]، فما كان أبيض أو أميل إلى البياض، كان أفضل من الأسود، أو المائل إلى السواد.
وقد أخذوا هذا من اختيار النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: (ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين"، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالغنم، ويضحي بالأملح منها، والأملح هو نقي البياض[49].
وليس معنى ذلك أن الأسود مكروه! كلا، بل معناه فقط أن الأبيض أفضل.
وأخيرًا أيها الأحبة، ماذا يطلب ممن أراد الأضحية؟
هل هناك شعائر معينة يقوم بها من نوى أن يضحي؟
والجواب: نعم؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشَره شيئًا))[50].
وفي رواية: ((مَن كان له ذبح يذبحه، فإذا أهَلَّ هلال ذي الحجة، فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئًا حتى يضحي))[51].
والراجح أن هذا النهي من النبي صلى الله عليه وسلم للتحريم، ومعنى ذلك أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية[52].
وهناك معنى لطيف - أيها الأحبة - في هذا الحديث؛ حيث ينهى النبي صلى الله عليه وسلم المضحي عن أخذ شيء من أظفاره وشعره حتى يذبح أضحيته، وفي هذا شبهٌ بالحاج المحرم بالحج، فهو الآخر في مثل هذا التوقيت تقريبًا يمسك عن شعره وأظفاره، فكأنه عزاء لمن لم يحج ورغبة إليه أن يستحضر نية وأمنية الحج مع التشبه بهم في بعض أعمالهم، فيا من تريد الأضحية، اشترِ أضحيتك على هذه المواصفات، وأمسك عن شعرك وأظفارك من أول ذي الحجة، وانتظر حتى يأتي العيد وتؤدي الصلاة، ثم اختر وقتًا يناسبك من أيامها الأربع، فإذا أردت ذبحها، فحُدَّ شفرتك، وسُقْ أضحيتك - بنفسك وهو أولى أو بجزارك واشهدها معه - إلى محل الذبح سوقًا جميلًا لا عنيفًا، وأضجعها على جنبها الأيسر، وإن كانت إبلًا تذبح قائمة على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى، ووجهها إلى القِبلة، واستقبل القبلة أنت كذلك، وانْوِ إرادة الثواب، واقصِدْ وجه الله، مرددًا هذا الدعاء المبارك بخشوع: "إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك"، ثم قل: باسم الله، والله أكبر، واذبح، وكُلْ أنت وأهل بيتك منها، وتصدق على الفقراء، وصِلْ أرحامك وأقاربك، وأهل ودِّك، وأصدقاءك، ومنهم الجزار، كهدية لا كأجرة، بل اؤجُرْه مِن مالك، وإياك أن تَبيع منها شيئًا، لا من لحمها، ولا من أطرافها، ولا من جلدها؛ فإن مَن باع جلد أضحيته، فلا أضحية له، فإن فعلت ذلك، فأرجو من الله أن تكون من المقبولين المأجورين.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا القبول في الدنيا والآخرة، وأن يكتبنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.
موعد غرام- عضو متميز
- جنسية العضو : بحرينية
عدد المساهمات : 83
تاريخ التسجيل : 10/09/2014
أسكن عيوني يا الغلا- نائبة الادارة
- جنسية العضو : بحرينية
الأوسمة :
عدد المساهمات : 1066
تاريخ التسجيل : 02/09/2013
مواضيع مماثلة
» مريض السكر وماذا يحمل معه في حقيبته للحج والعمرة
» شروط الاضحية ستة
» شروط الاضحية وفضلها
» البعد الأنساني للحج أفعل ولا حرج
» اداء مناسك الحج ملف كامل للحج والعمرة
» شروط الاضحية ستة
» شروط الاضحية وفضلها
» البعد الأنساني للحج أفعل ولا حرج
» اداء مناسك الحج ملف كامل للحج والعمرة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 9:04 pm من طرف جنى بودى
» احسن موقع لمختلف الحجوزات
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان
» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
الأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى
» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى
» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر