غياهب النفس ....

من طرف **الثلج الاسود** الأحد ديسمبر 01, 2013 7:37 am

عِلم الأحزان في غياهبِ النّفس...د. رائده بدران

لا شكَّ بأنَّ الجانب النفسي للشخصية الانسانية هو أهم الجوانب على الاطلاق , فالنفس تمرَضُ كما الجِسمِ بل وباستطاعتها أن تُمرِضَه ...وكذلك أن تمرَّضَه...النفس تُعاتَب ...وكذلكَ تُحاسَب ...هي من يتألّم ..ومن يفرح ...ومن يحزن ...ومن التجارب يتعلّم .
النّفس أدّت بأهل العلم الى اختراع طبّها والوقوف على أهميّة تطبيبها ...
النّفس لها ما ينعشها ...يُحبطها ...يرويها...يعُطِشها ...ولها ربّ يعلم بما تحويه ويحويها!!!
والنفس تتقلّب ...فلا تتعجّب لو أصبحت نفسك لواّمة منهارة...وأمست بالسوء أماّرَه.!
علم النّفسِ خطا خطى واسعة في الاونة الأخيرة حيث أمراض النفس بازدياد . فالخوف الشديد يزعزعها ,, والاحباط في الحياة يكسرها,, والظلم يؤلمها...والاستبداد يستفزّها ...وأما فقدان الأحبّةِ فيُحزنها . وكلّ ذلك موجود بلا حدود ...فكيف لا تمرض الأنفس ؟ وكيف لا تُحبط؟ وكيف لا تحزن؟!
استوقفني حزن النفس لما المّ ببعض أحبتي من حُزنٍ على فراق أحبّتَهم ,, وعجيب أمر الحزن هذا ...!!!فهو علمياً يملك مراحل لا بدّ من المرور بها كما يدّعي أهل الطبّ والنّفس : فاولى المراحل تكذيب الخبر , الغضب والضّجر...وثانيها الحزن الشديد على الفقيد...وثالثها الشعور بالذنب وتحميل الذّات مسؤولية الخَطب...ومن ثمّ الاكتئاب بعد أن يتمّ لها الاستيعاب ...واخرها القبول بالقدر والمكتوب , وطيّ صفحة من صفحات الكروب.
ولكن النفس المؤمنة قد تحطّم كلّ النظريات وبجميع المقاييس وعلى مُختلّفِ الأصعدة ...
انها النّفس المتيقّظَة المستعدّة للقاء الخالق...انّها النفس التي اعتدّت العتاد لذلك اللقاء ..وأعدت الزاد ليوم الرّحيل ...
انّها نفس تحزن على كل لحظةٍ تقضيها في المعاصي ...وتهرع تائبة نادمة ..مستغفرة لربّ العباد ...مستغفرة ظلمها لنفسها ...تقصيرها ...وظلم الغيرِ من البَشَر...انّها النفس المؤمنة الطامحة للفوز بكنيةِ النّفسِ المُطمئنّةِ.
المؤمن يتخطّى مراحِلَ الحزن في ثوانٍ...ويقبل القَدَر ...ويحمد الله ...ويسترجعه . لا يجادل في المكتوب...ولا يتجرّأ على المولى عزّ وجلّ...فله ما أعطى وله ما أخذ...متى شاءَ وكيفَ شاء...
المؤمنُ يتعلّم ويتّعظ بالموت ...فان لم يكفِهِ الموت كي يتّعظ فلن تكفيه مئات السنين من العيش.
كثيرون منّا فقدوا أحبّة وبفقدانهم بقيت أماكن خاوية في غياهِبِ النفس ...أماكن لا يملك أن يشغلها بجدارة الاّ أصحابها ... هم رحلوا وتركوا فراغاً في أنفسنا ...وفي قلوبنا ...وعقولنا .. فأفراحنا من غيرِهم رونقها ناقص...وانجازاتنا من بعدِهِم تغيّر طعمها...وأهدافنا من دونهم كَثَفَت ضبابيّتها....اذ مع كلّ حزن نفقد قطَعَ ولو صغيرة من لبَنَة واحدة ضمن سلسلة النّفس المتجدّدة الهدمِ والبناء...الترقيع والتَلميع....ونحاول اعادة الرونق والبريق الى المشاعر الكالحة ...ونعجز عن الاتيان بالأصل الذي أصبحَ في خبَرِ كان.
فلننشل النّفسَ ...نصّفيّها ...وبالايمان نرويها....ونضيء أرجاءها ببريق ما كان ...فالأمل لا يتجدّد سوى بالايمان ....ويبقى للأحبة ذكرى في مكان ما ...في غياهب النّفس...يعيشون من خلالها معنا ,, ويمنحنا تاريخهم المجيد قوّة لتخطيّ عثرات الزّمان.

من طرف **لمياء** الجمعة فبراير 03, 2017 9:47 am

غياهب النفس ....

غياهب النفس ....

رد: غياهب النفس ....