المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 628 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 628 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
المرأة وعلو الهمة
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
المرأة وعلو الهمة
المرأة وعلو الهمة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( المرأة وعلو الهمة ))
أهم أسباب الارتقاء بالهمة وعلاج العجز:
1- العلم والبصيرة:
فالمسلمة كلما ازدادت علمًا، فقهت عن الله مراده وعلت همتها، أما الجاهلة المعرضة عن فهم دينها الفهم الصحيح فأنى لها أن تقوى همتها وترتقي إلى المراتب العليا؟
(فالعلم يصعد بالهمة ويرفع طالبه عن حضيض التقليد، ويصفي النية.. والعلم يورث صاحبه الفقه بمراتب الأعمال، فيتقي فضول المباحات التي تشغله عن التعبد، كفضول الأكل والنوم والكلام، ويراعي التوازن والوسطية بين الحقوق والواجبات امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعط كل ذي حق حقه))، ويبصره بحيل إبليس وتلبيسه عليه كي يحول بينه وبين ما هو أعظم ثوابًا، قال أبو سليمان: ((يجيئك -أي إبليس- وأنت في شيء من الخير، فيشير لك إلى شيء من الخير دونه ليربح عليك شعيرة))[1].
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
((السعادة الحقيقة هي سعادة نفسانية روحية قلبية، وهي سعادةٌ العلم النافع ثمرته، فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره وفي دوره الثلاثة، وبها يترقى معارج الفضل ودرجات الكمال، فكلما طال الأمد ازدادت قوةً وعلوًّا، وهذه السعادة لا يعرف قدرها ولا يبعث على طلبها إلى العلم بها. وإنما رغب أكثر الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها، وعورة طريقها، ومرارة مباديها، وتعب تحصيلها، وأنها لا تُنال إلا على جسر من التعب، فإنها لا تحصل إلا بالجد المحص))[2].
ويقول الدكتور ناصر بن سليمان العمر: ((فكلما ضعف العلم الشرعي لدى المسلم كان أكثر عرضة لأن يصاب بداء الفتور. وذلك أنه يجهل الأدلة الشرعية التي تحث على العبادة والعلم وطلب العلم، ولا يعلم الأثر المترتب على العمل مما يضعف من عزيمته، كما أنه لم يحط بقيمة الصبر وأثره وجزاء الصابرين مما يقلل من احتماله، ويكثر من شكواه، ومن ثم ترك ما هو عليه، وعند التأمل في قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وفي قوله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، ندرك هذه الحقيقة ومن ثم نعرف العلاج))[3].
2- إرادة الآخرة وتذكر الموت:
فمما يحط من عزيمة المسلمة الانشغال بالدنيا والإعراض عن الآخرة، ونسيان لقاء الله تعالى، ولكي ترتقي المسلمة بهمتها نحو الله فينبغي أن تجعل الهموم عندها همًا واحدًا وهو إرادة الآخرة: والذي على أساسه تكون توجهاتها في الحياة، وتكون تطلعاتها بل وحياتها الحقيقية كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كانت همه الآخرة جمع الله له شمله وجعل غناء في قلبه وأتته الدنيا راغمة ومن كانت همه الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له))[4].
وكذلك لترتقي المسلمة بهمتها نحو الله فينبغي عليها الإكثار من ذكر الموت، لأنه يدفع صاحبته إلى العمل الصالح والتجافي عن دار الغرور، ومحاسبة النفس، وتجديد التوبة، وإيقاظ العزم على الاستقامة.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال: ((علام اجتمع عليه هؤلاء؟)) قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبله من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: ((أي إخواني، لمثل هذا اليوم فأعدوا))[5].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ((أضحكني ثلاث، وأبكاني ثلاث: أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك بملء فيه، وهو لا يدري أأرضى الله أم أسخطه، وأبكاني فراق الأحبة محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه، وهول المُطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله، يوم تبدو السريرة علانية، ثم لا يدري إلى الجنة أو إلى النار)).
وقيل لبعض الزهاد: ((ما أبلغ العظات؟))، قال: ((النظر إلى الأموات))، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأوزاعي: ((أما بعد فإنه من أكثر ذكر الموت، رضي من الدنيا باليسير)).
وعن عطاء قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون.
وكان يقول صالح المري: ((إن ذكر الموت إذا فارقني ساعة فسد علي قلبي))، وقال الدقاق: ((من أكثر ذكر الموت أُكرم بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاث: تسويف التوبة وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة))[6].
كما أن مشاهدة المحتضرين، وملاحظة سكرات الموت ونزعاته، وتأمل صورة الميت بعد مماته، مما يقطع عن النفوس لذاتها، ويطرد عن القلوب مسراتها، ويمسح الأجفان من النوم، والأبدان من الراحة، ويبعث على العمل، ويزيد في الاجتهاد والتعب.
ذكر عن الحسن البصري أنه دخل على مريض يعوده، فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه، وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقال له: ((الطعام يرحمكم الله))، فقال: ((يا أهلاه، عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله رأيت مصرعًا لا أزال أعمل له حتى ألقاه))[7].
3- سؤال الله علوَّ الهمة:
وهذا السبب يجب ألا نقلل من شأنه أو نتركه أو نهمله، لأننا أحيانًا ندعو ولا نجد ما نريد فنترك الدعاء، وهذا من الجهل بالله تعالى.
قال صلى الله عليه وسلم: ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء))[8]، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((إذا تمنى أحدكم، فليكثر، فإنما يسأل ربه))[9].
(فإنه لا يخفى على كل ذي لُب المكانة العظيمة للدعاء في الإسلام، فهو من أعظم العبادات لأنه يوقف العبد على حقيقة ضعفه وافتقاره إلى الله عز وجل وعلا، فيتضرع إليه مستكينًا، ذليلًا، سائلًا حاجته، راجيًا خائفًا، راغبًا راهبًا؛ لهذا فللدعاء أعظم الأثر في روح الإنسان وفطرته.
أنه يرده إلى الله خالقه، فيوقفه بين يديه، مستشعرًا ذله وعظمة ربه، وضعفه، وقوة خالقه، وفقره وحاجته، وغنى وكرم إلهه، وتلك غاية العبادة ومقصودها.
واعلم - رحمني الله وإياك - أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين، لأن في السؤال إظهار الذل من السائل، والمسكنة والحاجة والافتقار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة.
كما أن في السؤال الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع الضر ونيل المطلوب، وجلب المنافع، ودفع المضار، وهذه كلها ليست إلا لله على الحقيقة.
ولهذا كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: ((إذا سألت فاسأل الله))[10].
4- التحول عن السيئة المثبطة:
إن للبيئة المحيطة بالإنسان أثرًا جسيمًا، فإذا كانت بيئة مثبطة داعية إلى الكسل والخمول وإيثار الدون فإن على المرء أن يهجرها إلى حيث تعلو همته، كي يتحرر من سلطان تأثيرها، وينعم بفرصة الترقي إلى المطالب العالية[11].
تقول ابنة السعدي وهي تلومني
أما لك عن دار الهوان رحيلُ
فإن عناء المستنيم إلى الأذى
بحيث يذل الأكرمون طويل
وعندك محبوك السراة مُطهم
وفي الكف مطرور الشباة صقيل[12]
وأشد الناس حاجة إلى تجديد البيئة المحيطة، وتنشيط الهمة، الحديث العهد بالتوبة، فإن من شأن التحول من بيئة المعصية إلى بيئة الطاعة أن ينسيه ما يجذبه إلى صحبه السوء، وأماكن السوء، فيجتمع قلبه، ويلتئم شمله، وتتوحد همته، وتتوجه بصدق وعزم إلى أسلوب من الحياة جديد، وهذا عين ما أشار به ((العالم)) الواعي على قاتل المائة، حين شفَّع قوله: ((نعم))، ومن يحول بينه وبين التوبة[13] بقوله: ((انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء،))، ولما جاءه الموت، واختصمت فيه ملائكة الرحمة، ملائكة العذاب، كان قربه إلى القرية الصالحة بالنسبة إلى بلد السوء سببًا في قبض ملائكة الرحمة وإياه، ففي بعض الروايات: ((فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجُعل من أهلها))، وفي رواية: ((فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقاربي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له))، وفي رواية: ((فنأى بصدره نحوها)).
ولعل هذا المعنى كامن أيضًا في تشريع نفي الزاني غير المحصن وتغريبة سنة بعيدًا عن وطنه، كي تجتمع عليه عقوبة بدنية بالجلد، وعقوبة قلبية بالنفي، وفي الوقت نفسه يبعد عن مسرح الجريمة كي ينسى ذكراها، ولا يبقى حيث يعامل باحتقار وإهانة، ويتعرض للمضايقات، ويعطى فرصة كافية لاستئناف التوبة الصادقة والحياة الكريمة[14].
5- الصبر والمصابرة:
طريق العلم والعبادة والدعوة إلى الله طريق شاقٌ، تحفه المصاعب والمشاق، ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 1، 2]، ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142]، ولما للصبر من عظيم الأثر في الثبات على الطريق، والعصمة من الزلل والانجراف والاستعجال والفتور جاءت الآيات الكثيرة تبين أهميته وتوصي به وتحث عليه، ويصعب حصرها في هذا المختصر، ولكن أذكر بعضًا منها:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]، ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35]، ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24] ﴿ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [القصص: 54]، ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]، ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17]، ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا ﴾ [الأنفال: 46]، ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾ [مريم: 65]، ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45]، ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾ [البقرة: 250]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].
إن هذه الآيات وأمثالها تدل على منزلة الصبر والمصابرة وأثرهما في حمل الدعوة، وأداء العبادة، وبذل العلم.
ومما يعين المسلم على الصبر ويشد أزره، قراءة سير الأنبياء والمرسلين مع أممهم، وما واجهوه من مصاعب ومشاق، وكذلك أتباعهم، فلم يهنوا ولم يضعفوا ولم يستكينوا وصبروا: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، ولو لم يكن في الصبر منزلة المحبة لكفى بها شرفا وعز بها مطلبًا، ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [المعارج: 5]، وأكثروا من هذا الدعاء: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126]، ولا تتمنوا لقاء العدو، ولكن وطنوا أنفسكم على إذا لقيتموهم أن تصبروا[15].
6- صُحبة أولي الهمم العالية ومطالعة أخبارهم:
إن أقوى البواعث على ارتفاع الهمة أن تصاحب المسلمة مسلمة مجتهدة في العبادة والعلم والعمل، فتلاحظ أقوالها فتقتدي بها، وكان بعضهم يقول: ((كنت إذا اعترتني فترة في العبادة نظرت إلى أحوال محمد بن واسع واجتهاده، فعملت على ذلك أسبوعًا)).
وقال زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم: ((إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه)).
أنت في الناس تقاس
بالذي اخترت خليلا
فاصحب الأخيار تعلو
وتنل ذكرًا جميلا
وكان الإمام أحمد إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر: سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله.
وقال ابن القيم رحمه الله: (وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه (يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله)، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحًا وقوة ويقينًا وطمأنينة)).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((ما أُعطي عبد بعد الإسلام خيرًا من أخ صالح فإذا رأى أحدكم وُدًا من أخيه فليتمسك به)).
وقال الحسن البصري: ((إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا، وإخواننا يذكروننا بالآخرة)).
ويقول الإمام ابن عقيل الحنبلي: ((وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم وأهله، فما خالطتُ لعابًا قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم)).
فهذه الآثار وغيرها تدلك على أن مصاحبة ذوات الهمم العالية هو الطريق إلى المعالي، ومشابهة الفضليات من النساء والتأثر بهن، يقوي من العزيمة.
كما أن مطالعة أخبار النساء الصالحات يشحذ همم الكسالى، ويحرك عزائمهن للجد، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدئ ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد.
فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم، كما قال:
فاتني أن أرى الديار بطرفي فلعلي أرى الديار بسمعي
ثم بين رحمه الله ثمرة مطالعة كتب الأقدمين قائلًا: (فاستفدن بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم وقدر هممهم، وحفظهم، وعباداتهم، وغرائب علومهم، ما لا يعرفه من لم يطالع)[16].
إن الإنسان إذا رأى قرينًا له يفوقه في عبادته أو زهده أو ثقافته أو سلوكه فإنه يتأثر به غالبًا، وهذه طبيعة النفس البشرية، فاحرصي أيتها المسلمة على مصاحبة مثل هؤلاء النساء، وزيارتهن، والتأسي بأفعالهن، تعلو همتك إن شاء الله)).
ولذلك أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الصاحب والجليس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))[17].
وعنه أيضًا قال: ((الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))[18].
وعن أبي موسى الأشعري رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إم أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة))[19].
7- تحديد هدف سام للوصول إليه:
وليس هناك من هدفً أسمى وأعظم من نيل رضا الله عز وجل والجنة، يقول الدكتور محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف:
(فكلما سما هدف المرء ضاعف جهده للوصول إليه، ولذلك يلحظ على أكثر العاجزين أنفهم بلا هدف لهم إطلاقًا أو أن أهدافهم تافهة حقيرة لا قيمة لها، ويُرى أن أكثر العلماء كانت لهم أهداف عظيمة حاولوا الوصول إليها،، فأفلحوا تارة وأخفقوا أخرى، لكن فلاحهم -إذا أفلحوا- شيء عظيم.
لذلك على العاجز - حتى يتخطى عجزه - أن يضع نصب عينيه هدفًا عظيمًا يسعى أن يصل إليه، وهذا السعي في الحقيقة هو تجاوز للعجز.
قال المتنبي[20]:
إذا غامرت في شرف مرُوم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن العجز عقل
وتلك خديعة الطبع اللئيم
((إن تحقيق هدفك بحاجة إلى مزيد من العزيمة، وقوة الإرادة والثقة بالنفس، والقوة النفسية، والشجاعة الأدبية، بيد أنك ستواجه سيلًا عارمًا من التثبيط، ومن التشكيك ومن التنقيص، وكل ذلك بهدف التقليل من مكانتك وشأنك، ولا ضير من ذلك إذا كانت مناعتك النفسية قوية، فهناك عوائق وعقبات ومشاكل في طريق هدفك، عليك أن تستعد لكل ذلك وأبعد من ذلك، وتأكد من أن الطرق المتكرر لا بد من أن يفتت الصخرة الصماء))[21].
والسعي للوصول إلى الهدف السامي يتضمن لك ثلاثة أمور بإذن الله تعالى:
1- الدرجات العظيمات في الآخرة.
2- الثبات على المنهج الصحيح.
3- حسن الذكر والثناء بعد الموت، الجالب لدعاء الصالحين، واستغفار المستغفرين، قال سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84].
أما لو تحقق هدفك وكان عظيمًا ساميًا فقد فزت فوزًا عظيمًا، والله الموفق[22].
إن وضوح الهدف تحديده مطلب هام وضروري، ومن أجل أن تسير المسلمة بخطى متزنة نحو الجنة التي ترنو إليها، أما أن تكون الأهداف ضبابية عائمة، والأعمال ارتجالية، فإن ذلك مدعاة للقعود والتخلف عن الركب، والفتور في النهاية.
سلسلة المرأة الصالحة، دار الصفوة بالقاهرة.
[1] ((علو الهمة)) (ص344) باختصار.
[2] ((مفتاح دار السعادة)).
[3] ((الفتور المظاهر الأسباب العلاج)) (ص45).
[4] رواه ابن ماجه وصححه الألباني في ((الصحيحة)) برقم (948).
[5] أخرجه البخاري في ((التاريخ))، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه في ((الصحيحة)) رقم (1751).
[6] ((علو الهمة)) (ص345، 346).
[7] ((التذكرة)) للقرطبي ص(12).
[8] رواه الطبراني وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) برقم (1055).
[9] رواه بن حبان وصححه، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (437).
[10] ((فقه الدعاء)) أبي عبد الرحمن بن إبراهيم عطية - من المقدمة باختصار.
[11] والهجرة تكون فرضًا واجبًا إذا كانت من دار الكفر إلى دار الإسلام.
[12] فرس محبوك: قوي شديد، سراة الفرس: أعلى متنه، وازلمطهم: التام المتناهي في الحسن، والمطرور: ذو المنظر والرواء والهيئة الحسنة، والشباة: حدُّ طرفِ السيف، والصقيل: المجلو.
[13] متفق عليه.
[14] علو الهمة (ص350).
[15] ((الفتور)) (ص117، 118).
[16] ((صيد الخاطر)) (ص366، 367).
[17] رواه أبو داود والترمذي، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن، وكذا قال الألباني رحمه الله ((صحيح سنن الترمذي)) برقم (1937).
[18] رواه مسلم (2637).
[19] رواه البخاري ومسلم.
[20] شاعر الزمان، أبو الطيب أحمد بن حسين بن حسن الجعفي الكوفي الأديب الشهير بالمتنبي، ولد سنة 303، وأقام بالبادية وكان من أذكياء عصره، بلغ الذروة في النظم، وسار ديوانه في الآفاق، لازم الملوك ومدحهم، ثم سقط فتنبأ ثم تاب، قتل سنة 453، انظر سيرته في ((سير أعلام النبلاء)) (61/ 199- 201).
[21] ((الشخصية الناجحة)) (17).
[22] ((عجز الثقات)) (ص138 - 141).
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§[/size]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( المرأة وعلو الهمة ))
أهم أسباب الارتقاء بالهمة وعلاج العجز:
1- العلم والبصيرة:
فالمسلمة كلما ازدادت علمًا، فقهت عن الله مراده وعلت همتها، أما الجاهلة المعرضة عن فهم دينها الفهم الصحيح فأنى لها أن تقوى همتها وترتقي إلى المراتب العليا؟
(فالعلم يصعد بالهمة ويرفع طالبه عن حضيض التقليد، ويصفي النية.. والعلم يورث صاحبه الفقه بمراتب الأعمال، فيتقي فضول المباحات التي تشغله عن التعبد، كفضول الأكل والنوم والكلام، ويراعي التوازن والوسطية بين الحقوق والواجبات امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعط كل ذي حق حقه))، ويبصره بحيل إبليس وتلبيسه عليه كي يحول بينه وبين ما هو أعظم ثوابًا، قال أبو سليمان: ((يجيئك -أي إبليس- وأنت في شيء من الخير، فيشير لك إلى شيء من الخير دونه ليربح عليك شعيرة))[1].
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
((السعادة الحقيقة هي سعادة نفسانية روحية قلبية، وهي سعادةٌ العلم النافع ثمرته، فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره وفي دوره الثلاثة، وبها يترقى معارج الفضل ودرجات الكمال، فكلما طال الأمد ازدادت قوةً وعلوًّا، وهذه السعادة لا يعرف قدرها ولا يبعث على طلبها إلى العلم بها. وإنما رغب أكثر الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها، وعورة طريقها، ومرارة مباديها، وتعب تحصيلها، وأنها لا تُنال إلا على جسر من التعب، فإنها لا تحصل إلا بالجد المحص))[2].
ويقول الدكتور ناصر بن سليمان العمر: ((فكلما ضعف العلم الشرعي لدى المسلم كان أكثر عرضة لأن يصاب بداء الفتور. وذلك أنه يجهل الأدلة الشرعية التي تحث على العبادة والعلم وطلب العلم، ولا يعلم الأثر المترتب على العمل مما يضعف من عزيمته، كما أنه لم يحط بقيمة الصبر وأثره وجزاء الصابرين مما يقلل من احتماله، ويكثر من شكواه، ومن ثم ترك ما هو عليه، وعند التأمل في قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وفي قوله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، ندرك هذه الحقيقة ومن ثم نعرف العلاج))[3].
2- إرادة الآخرة وتذكر الموت:
فمما يحط من عزيمة المسلمة الانشغال بالدنيا والإعراض عن الآخرة، ونسيان لقاء الله تعالى، ولكي ترتقي المسلمة بهمتها نحو الله فينبغي أن تجعل الهموم عندها همًا واحدًا وهو إرادة الآخرة: والذي على أساسه تكون توجهاتها في الحياة، وتكون تطلعاتها بل وحياتها الحقيقية كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كانت همه الآخرة جمع الله له شمله وجعل غناء في قلبه وأتته الدنيا راغمة ومن كانت همه الدنيا فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له))[4].
وكذلك لترتقي المسلمة بهمتها نحو الله فينبغي عليها الإكثار من ذكر الموت، لأنه يدفع صاحبته إلى العمل الصالح والتجافي عن دار الغرور، ومحاسبة النفس، وتجديد التوبة، وإيقاظ العزم على الاستقامة.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال: ((علام اجتمع عليه هؤلاء؟)) قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبله من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: ((أي إخواني، لمثل هذا اليوم فأعدوا))[5].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ((أضحكني ثلاث، وأبكاني ثلاث: أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك بملء فيه، وهو لا يدري أأرضى الله أم أسخطه، وأبكاني فراق الأحبة محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه، وهول المُطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله، يوم تبدو السريرة علانية، ثم لا يدري إلى الجنة أو إلى النار)).
وقيل لبعض الزهاد: ((ما أبلغ العظات؟))، قال: ((النظر إلى الأموات))، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأوزاعي: ((أما بعد فإنه من أكثر ذكر الموت، رضي من الدنيا باليسير)).
وعن عطاء قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون.
وكان يقول صالح المري: ((إن ذكر الموت إذا فارقني ساعة فسد علي قلبي))، وقال الدقاق: ((من أكثر ذكر الموت أُكرم بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاث: تسويف التوبة وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة))[6].
كما أن مشاهدة المحتضرين، وملاحظة سكرات الموت ونزعاته، وتأمل صورة الميت بعد مماته، مما يقطع عن النفوس لذاتها، ويطرد عن القلوب مسراتها، ويمسح الأجفان من النوم، والأبدان من الراحة، ويبعث على العمل، ويزيد في الاجتهاد والتعب.
ذكر عن الحسن البصري أنه دخل على مريض يعوده، فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه، وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقال له: ((الطعام يرحمكم الله))، فقال: ((يا أهلاه، عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله رأيت مصرعًا لا أزال أعمل له حتى ألقاه))[7].
3- سؤال الله علوَّ الهمة:
وهذا السبب يجب ألا نقلل من شأنه أو نتركه أو نهمله، لأننا أحيانًا ندعو ولا نجد ما نريد فنترك الدعاء، وهذا من الجهل بالله تعالى.
قال صلى الله عليه وسلم: ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء))[8]، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((إذا تمنى أحدكم، فليكثر، فإنما يسأل ربه))[9].
(فإنه لا يخفى على كل ذي لُب المكانة العظيمة للدعاء في الإسلام، فهو من أعظم العبادات لأنه يوقف العبد على حقيقة ضعفه وافتقاره إلى الله عز وجل وعلا، فيتضرع إليه مستكينًا، ذليلًا، سائلًا حاجته، راجيًا خائفًا، راغبًا راهبًا؛ لهذا فللدعاء أعظم الأثر في روح الإنسان وفطرته.
أنه يرده إلى الله خالقه، فيوقفه بين يديه، مستشعرًا ذله وعظمة ربه، وضعفه، وقوة خالقه، وفقره وحاجته، وغنى وكرم إلهه، وتلك غاية العبادة ومقصودها.
واعلم - رحمني الله وإياك - أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين، لأن في السؤال إظهار الذل من السائل، والمسكنة والحاجة والافتقار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة.
كما أن في السؤال الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع الضر ونيل المطلوب، وجلب المنافع، ودفع المضار، وهذه كلها ليست إلا لله على الحقيقة.
ولهذا كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: ((إذا سألت فاسأل الله))[10].
4- التحول عن السيئة المثبطة:
إن للبيئة المحيطة بالإنسان أثرًا جسيمًا، فإذا كانت بيئة مثبطة داعية إلى الكسل والخمول وإيثار الدون فإن على المرء أن يهجرها إلى حيث تعلو همته، كي يتحرر من سلطان تأثيرها، وينعم بفرصة الترقي إلى المطالب العالية[11].
تقول ابنة السعدي وهي تلومني
أما لك عن دار الهوان رحيلُ
فإن عناء المستنيم إلى الأذى
بحيث يذل الأكرمون طويل
وعندك محبوك السراة مُطهم
وفي الكف مطرور الشباة صقيل[12]
وأشد الناس حاجة إلى تجديد البيئة المحيطة، وتنشيط الهمة، الحديث العهد بالتوبة، فإن من شأن التحول من بيئة المعصية إلى بيئة الطاعة أن ينسيه ما يجذبه إلى صحبه السوء، وأماكن السوء، فيجتمع قلبه، ويلتئم شمله، وتتوحد همته، وتتوجه بصدق وعزم إلى أسلوب من الحياة جديد، وهذا عين ما أشار به ((العالم)) الواعي على قاتل المائة، حين شفَّع قوله: ((نعم))، ومن يحول بينه وبين التوبة[13] بقوله: ((انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء،))، ولما جاءه الموت، واختصمت فيه ملائكة الرحمة، ملائكة العذاب، كان قربه إلى القرية الصالحة بالنسبة إلى بلد السوء سببًا في قبض ملائكة الرحمة وإياه، ففي بعض الروايات: ((فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجُعل من أهلها))، وفي رواية: ((فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقاربي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له))، وفي رواية: ((فنأى بصدره نحوها)).
ولعل هذا المعنى كامن أيضًا في تشريع نفي الزاني غير المحصن وتغريبة سنة بعيدًا عن وطنه، كي تجتمع عليه عقوبة بدنية بالجلد، وعقوبة قلبية بالنفي، وفي الوقت نفسه يبعد عن مسرح الجريمة كي ينسى ذكراها، ولا يبقى حيث يعامل باحتقار وإهانة، ويتعرض للمضايقات، ويعطى فرصة كافية لاستئناف التوبة الصادقة والحياة الكريمة[14].
5- الصبر والمصابرة:
طريق العلم والعبادة والدعوة إلى الله طريق شاقٌ، تحفه المصاعب والمشاق، ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 1، 2]، ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142]، ولما للصبر من عظيم الأثر في الثبات على الطريق، والعصمة من الزلل والانجراف والاستعجال والفتور جاءت الآيات الكثيرة تبين أهميته وتوصي به وتحث عليه، ويصعب حصرها في هذا المختصر، ولكن أذكر بعضًا منها:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]، ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35]، ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24] ﴿ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [القصص: 54]، ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]، ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186]، ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17]، ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا ﴾ [الأنفال: 46]، ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾ [مريم: 65]، ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45]، ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾ [البقرة: 250]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].
إن هذه الآيات وأمثالها تدل على منزلة الصبر والمصابرة وأثرهما في حمل الدعوة، وأداء العبادة، وبذل العلم.
ومما يعين المسلم على الصبر ويشد أزره، قراءة سير الأنبياء والمرسلين مع أممهم، وما واجهوه من مصاعب ومشاق، وكذلك أتباعهم، فلم يهنوا ولم يضعفوا ولم يستكينوا وصبروا: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، ولو لم يكن في الصبر منزلة المحبة لكفى بها شرفا وعز بها مطلبًا، ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [المعارج: 5]، وأكثروا من هذا الدعاء: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126]، ولا تتمنوا لقاء العدو، ولكن وطنوا أنفسكم على إذا لقيتموهم أن تصبروا[15].
6- صُحبة أولي الهمم العالية ومطالعة أخبارهم:
إن أقوى البواعث على ارتفاع الهمة أن تصاحب المسلمة مسلمة مجتهدة في العبادة والعلم والعمل، فتلاحظ أقوالها فتقتدي بها، وكان بعضهم يقول: ((كنت إذا اعترتني فترة في العبادة نظرت إلى أحوال محمد بن واسع واجتهاده، فعملت على ذلك أسبوعًا)).
وقال زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم: ((إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه)).
أنت في الناس تقاس
بالذي اخترت خليلا
فاصحب الأخيار تعلو
وتنل ذكرًا جميلا
وكان الإمام أحمد إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر: سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله.
وقال ابن القيم رحمه الله: (وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه (يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله)، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحًا وقوة ويقينًا وطمأنينة)).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((ما أُعطي عبد بعد الإسلام خيرًا من أخ صالح فإذا رأى أحدكم وُدًا من أخيه فليتمسك به)).
وقال الحسن البصري: ((إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا، وإخواننا يذكروننا بالآخرة)).
ويقول الإمام ابن عقيل الحنبلي: ((وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم وأهله، فما خالطتُ لعابًا قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم)).
فهذه الآثار وغيرها تدلك على أن مصاحبة ذوات الهمم العالية هو الطريق إلى المعالي، ومشابهة الفضليات من النساء والتأثر بهن، يقوي من العزيمة.
كما أن مطالعة أخبار النساء الصالحات يشحذ همم الكسالى، ويحرك عزائمهن للجد، وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم، لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدئ ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد.
فالله الله، وعليكم بملاحظة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم، كما قال:
فاتني أن أرى الديار بطرفي فلعلي أرى الديار بسمعي
ثم بين رحمه الله ثمرة مطالعة كتب الأقدمين قائلًا: (فاستفدن بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم وقدر هممهم، وحفظهم، وعباداتهم، وغرائب علومهم، ما لا يعرفه من لم يطالع)[16].
إن الإنسان إذا رأى قرينًا له يفوقه في عبادته أو زهده أو ثقافته أو سلوكه فإنه يتأثر به غالبًا، وهذه طبيعة النفس البشرية، فاحرصي أيتها المسلمة على مصاحبة مثل هؤلاء النساء، وزيارتهن، والتأسي بأفعالهن، تعلو همتك إن شاء الله)).
ولذلك أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الصاحب والجليس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))[17].
وعنه أيضًا قال: ((الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))[18].
وعن أبي موسى الأشعري رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إم أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة))[19].
7- تحديد هدف سام للوصول إليه:
وليس هناك من هدفً أسمى وأعظم من نيل رضا الله عز وجل والجنة، يقول الدكتور محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف:
(فكلما سما هدف المرء ضاعف جهده للوصول إليه، ولذلك يلحظ على أكثر العاجزين أنفهم بلا هدف لهم إطلاقًا أو أن أهدافهم تافهة حقيرة لا قيمة لها، ويُرى أن أكثر العلماء كانت لهم أهداف عظيمة حاولوا الوصول إليها،، فأفلحوا تارة وأخفقوا أخرى، لكن فلاحهم -إذا أفلحوا- شيء عظيم.
لذلك على العاجز - حتى يتخطى عجزه - أن يضع نصب عينيه هدفًا عظيمًا يسعى أن يصل إليه، وهذا السعي في الحقيقة هو تجاوز للعجز.
قال المتنبي[20]:
إذا غامرت في شرف مرُوم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن العجز عقل
وتلك خديعة الطبع اللئيم
((إن تحقيق هدفك بحاجة إلى مزيد من العزيمة، وقوة الإرادة والثقة بالنفس، والقوة النفسية، والشجاعة الأدبية، بيد أنك ستواجه سيلًا عارمًا من التثبيط، ومن التشكيك ومن التنقيص، وكل ذلك بهدف التقليل من مكانتك وشأنك، ولا ضير من ذلك إذا كانت مناعتك النفسية قوية، فهناك عوائق وعقبات ومشاكل في طريق هدفك، عليك أن تستعد لكل ذلك وأبعد من ذلك، وتأكد من أن الطرق المتكرر لا بد من أن يفتت الصخرة الصماء))[21].
والسعي للوصول إلى الهدف السامي يتضمن لك ثلاثة أمور بإذن الله تعالى:
1- الدرجات العظيمات في الآخرة.
2- الثبات على المنهج الصحيح.
3- حسن الذكر والثناء بعد الموت، الجالب لدعاء الصالحين، واستغفار المستغفرين، قال سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84].
أما لو تحقق هدفك وكان عظيمًا ساميًا فقد فزت فوزًا عظيمًا، والله الموفق[22].
إن وضوح الهدف تحديده مطلب هام وضروري، ومن أجل أن تسير المسلمة بخطى متزنة نحو الجنة التي ترنو إليها، أما أن تكون الأهداف ضبابية عائمة، والأعمال ارتجالية، فإن ذلك مدعاة للقعود والتخلف عن الركب، والفتور في النهاية.
سلسلة المرأة الصالحة، دار الصفوة بالقاهرة.
[1] ((علو الهمة)) (ص344) باختصار.
[2] ((مفتاح دار السعادة)).
[3] ((الفتور المظاهر الأسباب العلاج)) (ص45).
[4] رواه ابن ماجه وصححه الألباني في ((الصحيحة)) برقم (948).
[5] أخرجه البخاري في ((التاريخ))، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه في ((الصحيحة)) رقم (1751).
[6] ((علو الهمة)) (ص345، 346).
[7] ((التذكرة)) للقرطبي ص(12).
[8] رواه الطبراني وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) برقم (1055).
[9] رواه بن حبان وصححه، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (437).
[10] ((فقه الدعاء)) أبي عبد الرحمن بن إبراهيم عطية - من المقدمة باختصار.
[11] والهجرة تكون فرضًا واجبًا إذا كانت من دار الكفر إلى دار الإسلام.
[12] فرس محبوك: قوي شديد، سراة الفرس: أعلى متنه، وازلمطهم: التام المتناهي في الحسن، والمطرور: ذو المنظر والرواء والهيئة الحسنة، والشباة: حدُّ طرفِ السيف، والصقيل: المجلو.
[13] متفق عليه.
[14] علو الهمة (ص350).
[15] ((الفتور)) (ص117، 118).
[16] ((صيد الخاطر)) (ص366، 367).
[17] رواه أبو داود والترمذي، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن، وكذا قال الألباني رحمه الله ((صحيح سنن الترمذي)) برقم (1937).
[18] رواه مسلم (2637).
[19] رواه البخاري ومسلم.
[20] شاعر الزمان، أبو الطيب أحمد بن حسين بن حسن الجعفي الكوفي الأديب الشهير بالمتنبي، ولد سنة 303، وأقام بالبادية وكان من أذكياء عصره، بلغ الذروة في النظم، وسار ديوانه في الآفاق، لازم الملوك ومدحهم، ثم سقط فتنبأ ثم تاب، قتل سنة 453، انظر سيرته في ((سير أعلام النبلاء)) (61/ 199- 201).
[21] ((الشخصية الناجحة)) (17).
[22] ((عجز الثقات)) (ص138 - 141).
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§[/size]
معاوية فهمي- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : فلسطيني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 2432
تاريخ التسجيل : 26/03/2019
مواضيع مماثلة
» حكمة كن كالنخلة عاليه الهمة
» كتاب الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها
» ( المرأة في السنة النبوية الشريفة / تعليم المرأة
» المرأة البدينة اذكي من المرأة النحيلة
» هل تستغني المرأة عن الرجل او يستغني الرجل عن المرأة ؟؟؟
» كتاب الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها
» ( المرأة في السنة النبوية الشريفة / تعليم المرأة
» المرأة البدينة اذكي من المرأة النحيلة
» هل تستغني المرأة عن الرجل او يستغني الرجل عن المرأة ؟؟؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:04 pm من طرف جنى بودى
» احسن موقع لمختلف الحجوزات
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان
» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
الأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى
» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى
» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر