المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 572 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 572 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
قصة حكيم بن حزام رضي الله عنه
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
قصة حكيم بن حزام رضي الله عنه
قصة حكيم بن حزام رضي الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( قصة حكيم بن حزام رضي الله عنه ))
من أساليب التربية النبويَّة:
سَلْ مَنْ شئت من أساطين العلم، ونقِّب ما شئتَ في وثائق التاريخ، وابحث ما استطعتَ
في فنون التربية والتعليم، وأنا زعيمٌ بأنَّك لن تجدَ ما يُداني هذا الأسلوب، فضلًا عمَّا يُماثله
هديًا وإرشادًا وتعليمًا وتقويمًا، وبأنك ستَعْجَبُ معيَ العَجَبَ كلَّ العَجَب، لا مِنْ أن يكون
هذا هدي مَنْ علَّمه الله ما لم يكن يعلم، وكان فَضْل الله عليه عظيمًا، ولكن مِنْ أن يذلَّ
المسلمون وفيهم هذا الهديُ النبوي الكريم، من بعد أن كانوا مُلوكَ الدنيا وسادة العالمين!
من آثار التربية النبويَّة:
وإنْ شئْتَ أن تتبيَّن آثار هذه التربية النبويَّة، فتلك قصَّةُ واحدٍ من ألوف
الصحابة الذين تَخَرَّجوا في مدرسة النبيِّ الأمِّي، صلوات الله عليه وسلامُه
بعد أن تلقَّوا عنه دروس العِزَّة الإسلامية في سيرتها الأولى.
حكيم بن حِزام:
كان حكيمُ بن حِزام رضي الله عنه من أشراف قريش ووجوهها[1]، عاش في الجاهلية
ستين عامًا، وفي الإسلام مثلها [2]، وكان صديقَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل المَبْعث وبعده
وكان يُحبُّه ويودُّه، ويتمنَّى لو سَبَق إلى الإسلام، ولكن لأمرٍ ما قَضَى الله أن يتأخَّر إسلامُه
إلى عام الفتح، ولعلَّ نزعة من نزعات سُؤْددِه في الجاهلية أبطأت به، وما كان أشدَّ فرح
النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإسلامه، حتى قال: ((من دخل دار حكيم فهو آمِنٌ))[3]
وتألَّفه بالعطاء حتى حَسُن إسلامه واكتمَل، وآتى أُكلَه جنيًا شهيًّا.
مغانم غزوة حنين:
شهد حكيم غزوة حُنين، وقد أبلى فيها بلاءً حسنًا، وكانت العاقبة لهم، بعد أن كادت تدور
الدائرة عليهم، لمَّا أعجبتهم كثرتهم فلم تُغنِ عنهم شيئًا... وغنموا مغانم ما كانت تخطر على قلب
أحد، كانت الإبل فيها أربعةً وعشرين ألف رأس، وكانت الغنم أربعين ألفًا أو تزيد، وكانت
الفضة أربعةَ آلاف أوقية، هذا عدا السَّبْي الذي منَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم به على هَوَازن
لمَّا جاؤوا تائبين، وكان ستة آلاف نفس بين امرأة وطفل!
عظةٌ بليغةٌ في العفة والقناعة:
فلما قسم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغنائم بدأ بالمؤلَّفة قلوبهم، ومنهم حكيم بن حزام
أعطاه مائةً من الإبل، فاسْتَزَادَهُ، فأعطاه مائةً ثانية، فاسْتَزَاده، فأعطاه ثالثةً، بَيْد أنه لم يتركْه
على حاله تلك... بل ألقى عليه عظةً بليغة في العفة والقناعة، وضرب له مثلًا عاليًا في العزَّة
والكرامة، وأبان له أنَّ طالب الدنيا إذا تكالب عليها كان منهومًا لا يشبع، ومغلولًا
لا يُروى، وأنه ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكنَّ الغنى غنى النفس))[4].
منهج حكيم في الاستعفاف والقناعة:
أثَّر هذا الدرس في نفس حكيم تأثيرًا بليغًا، وآتى أولى ثماره ولمَّا يَبْرح حكيم مجلسَه
فما أن كاد النبي صلى الله عليه وسلم يفرغ من عظته البالغة حتى اكتفى حكيمٌ بالمائة الأولى
وكفَّ عمَّا عداها، وأكبر الظنِّ أنه كان بسبيل الاستعفاف عن هذه المائة أيضًا، لولا أن رآها
مبالغةً في الردِّ غيرَ حميدة، وخطَّةً في منهاج المكارم ليست رشيدةً، ثم عاهد النبيَّ صلى الله عليه وسلم
مُقْسمًا له بمن بعثه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا، لا يأخذ من أحدٍ شيئًا كائنًا مَنْ كان حتى يلقى الله عزَّ وجل.
ولقد صدق ما عاهد الله عليه، فلم يأخذ من أحدٍ شيئًا حتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم
فلا عجبَ إذًا أن يعطيَه حقَّه أبو بكر وعمر، ثمَّ عثمان ومعاوية رضي الله عنهم
فيأبى أن يأخذَه، وناهيك عن بيت المال في عصره الأول، وما كان يصيب
المسلمين مِن أُعطيته التي أفاء الله عليهم[5].
الحكمة من امتناع حكيم عن نصيبه من العطاء:
وإنما كان يمتنع حكيم عن نصيبه المفروض له؛ لأنه خشيَ أن تضرَى[6] نفسه، فتتجاوزَ به
إلى ما لا يريد، ففطمها حَسْمًا لها أن تطمعَ، ورغبةً في أن تدع ما يُريب إلى ما لا يُريب
وهذا مذهبٌ بليغ في العفة والقناعة لا يَسْلكه إلا السَّادة من الزُّهَّاد والأكابر من ذوي الهِمم
وكثيرٌ ما هم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم، وإلا فلا حَرَج على مَن
عُرض عليه شيءٌ من الدنيا، فأخذه بغير طلب ولا مسألةٍ.
أخرج الشيخان عن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء
فأقول: أعطه مَنْ هو أفقر مني، فقال: ((خُذْه، إذا جاءك من هذا المال شيءٌ وأنت غير
مُشرفٍ عليه ولا سائل فَخُذْه، وما لا، فلا تُتْبعه نفسك))[7].
إشهاد عمر على حكيم في امتناعه عن عطائه:
وإنَّما كان عمر يُشهد عليه أنه يعطيه عطاءَه فيمتنع عنه؛ لئلا يكون لحكيم عند الخليفة مَعْذرةٌ
ولئلا يظنَّ أحد ممَّن لا يعلم حقيقة الأمر أنَّ أمير المؤمنين يتهاون في حقِّ رعايته، رضي الله عنك يا عمر!
ما أعدَلَكَ، وما أحزَمَكَ، وما أبْصَرَك!
وحكمةٌ أخرى - ونراها جديرة بالنظر - في امتناع حكيم عن عطائه؛ تلك أنه رغب رغبةً صادقة
في أن يحقِّق الله وعد نبيِّه له، فيبارك عليه في قليله، ويجعل يده من الأيدي العُلا، التي تُعطي ولا تأخذ
وتنفقُ ولا تخاف من الإنفاق إقْلالًا، وكذلك صَنَعَ الله له، فقد مات رضي الله عنه في خلافة معاوية
وإنه لَمِنْ أكثر قريش مالًا على الرُّغم ممَّا أنفق في سبيل الله، فمن ذلك أنه حجَّ في الإسلام
فأهدى ألف بَدَنة، وألفَ شاة، ووقف بعرفة ومعه مائة وصيف في أعناقهم أطْواقٌ من الفضَّة
مَنْقوشٌ فيها: "عتقاء الله عن حكيم بن حزام".
ومن ذلك أنَّ الإسلام جاء ودار الندوة بيده، فباعها من معاوية بمائة ألف درهم
وتصدَّق بها كلها، وقال: اشْتَرَيْتُ بها دارًا في الجنة، ولمَّا لامه ابن الزبير، وقال له:
بعت مَكْرُمةَ قريش! قال: يا ابن أخي، ذهبت المكارمُ إلا التقوى[8].
هَدْيُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بهذا الهدي النبويِّ الكريم اهتدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابِعوهم
فكان المال، في أيديهم لا في قلوبهم، وكانت الدنيا تحت أقدامهم لا فوق رؤوسهم ومن أجل ذلك
مَلَكوا المال ولم يَملكْهم، وسخَّروه ولم يفتنْهم، بل كان مطيَّتَهُم إلى البرِّ وَوَسيلتَهم إلى الخير، وعَوْنَهم على صالح
الأعمال وكرائم الخصال، و((نِعْمَ المال الصالح للرجل الصالح))[9]؛
يُورثه الفضائل، ويُكسبه المحامد ويُعينه على نوائب الحقِّ ويقيه حِرص النفس وشُحَّها
﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
.................................،
[1] وحَسْبُكَ أنه ابنُ أخي خديجة بنت خُوَيْلد رضي الله عنها، دخلت أمُّه الكعبة
في نسوةٍ من قريشٍ، فضربها المخاض، فأُتيت بنطع، فولدت عليه حكيمًا (طه).
[2] قال الذهبي في "السير" 3: 45: "قلت: لم يعشْ في الإسلام إلا بضعًا وأربعين سنة".
[3] أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 8: 9. وأورده الحافظ في "الفتح" 8:
11، ونسبه إلى موسى بن عقبة في المغازي، وأشار ابن حجر في "الإصابة" إلى صحته فقال:
ثَبَت في السِّيرة وفي الصحيح. انظر: "سير أعلام النبلاء" 3: 48، و"الإصابة" 2: 98
و"مجمع الزوائد" 6: 172، و"سبل الهدى والرشاد" 5: 326. وانظر ما تقدَّم ص153.
[4] اقتباس من حديث أخرجه البخاري (6446)، ومسلم (1051)، كلاهما من حديث أبي هريرة.
[5] وحَسْبُك أنَّ جيش المسلمين استولى فيما غنم بساط كسرى، وكان ستين ذراعًا في مثلها
وكان على هيئة روضة رُسمت عليها الزهور والطيور بالجواهر والذهب، فلما فرَّقها عمر على المسلمين
أصاب عليًّا قطعة منه باعها بعشرين ألف درهم (طه).
[6] أي: تعتاد، يقال: ضَرِيَ بالشيء تَضْرى ضَرًى وضراوة، فهو ضارٍ، إذا اعْتَادَهُ.
[7] أخرجه البخاري (1473)، ومسلم (1405).
[8] أخرجه الطبراني (3073) بإسنادين، قال الهيثمي في "المجمع" 9: 384: أحدهما حَسَن.
[9] اقتباس من حديث رواه أحمد (17763) من حديث عمرو بن العاص
وإسناده صحيح على شرط مسلم، كما تقدَّم ص180.
الشيخ طه محمد الساكت
**************[/size]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( قصة حكيم بن حزام رضي الله عنه ))
من أساليب التربية النبويَّة:
سَلْ مَنْ شئت من أساطين العلم، ونقِّب ما شئتَ في وثائق التاريخ، وابحث ما استطعتَ
في فنون التربية والتعليم، وأنا زعيمٌ بأنَّك لن تجدَ ما يُداني هذا الأسلوب، فضلًا عمَّا يُماثله
هديًا وإرشادًا وتعليمًا وتقويمًا، وبأنك ستَعْجَبُ معيَ العَجَبَ كلَّ العَجَب، لا مِنْ أن يكون
هذا هدي مَنْ علَّمه الله ما لم يكن يعلم، وكان فَضْل الله عليه عظيمًا، ولكن مِنْ أن يذلَّ
المسلمون وفيهم هذا الهديُ النبوي الكريم، من بعد أن كانوا مُلوكَ الدنيا وسادة العالمين!
من آثار التربية النبويَّة:
وإنْ شئْتَ أن تتبيَّن آثار هذه التربية النبويَّة، فتلك قصَّةُ واحدٍ من ألوف
الصحابة الذين تَخَرَّجوا في مدرسة النبيِّ الأمِّي، صلوات الله عليه وسلامُه
بعد أن تلقَّوا عنه دروس العِزَّة الإسلامية في سيرتها الأولى.
حكيم بن حِزام:
كان حكيمُ بن حِزام رضي الله عنه من أشراف قريش ووجوهها[1]، عاش في الجاهلية
ستين عامًا، وفي الإسلام مثلها [2]، وكان صديقَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل المَبْعث وبعده
وكان يُحبُّه ويودُّه، ويتمنَّى لو سَبَق إلى الإسلام، ولكن لأمرٍ ما قَضَى الله أن يتأخَّر إسلامُه
إلى عام الفتح، ولعلَّ نزعة من نزعات سُؤْددِه في الجاهلية أبطأت به، وما كان أشدَّ فرح
النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإسلامه، حتى قال: ((من دخل دار حكيم فهو آمِنٌ))[3]
وتألَّفه بالعطاء حتى حَسُن إسلامه واكتمَل، وآتى أُكلَه جنيًا شهيًّا.
مغانم غزوة حنين:
شهد حكيم غزوة حُنين، وقد أبلى فيها بلاءً حسنًا، وكانت العاقبة لهم، بعد أن كادت تدور
الدائرة عليهم، لمَّا أعجبتهم كثرتهم فلم تُغنِ عنهم شيئًا... وغنموا مغانم ما كانت تخطر على قلب
أحد، كانت الإبل فيها أربعةً وعشرين ألف رأس، وكانت الغنم أربعين ألفًا أو تزيد، وكانت
الفضة أربعةَ آلاف أوقية، هذا عدا السَّبْي الذي منَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم به على هَوَازن
لمَّا جاؤوا تائبين، وكان ستة آلاف نفس بين امرأة وطفل!
عظةٌ بليغةٌ في العفة والقناعة:
فلما قسم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغنائم بدأ بالمؤلَّفة قلوبهم، ومنهم حكيم بن حزام
أعطاه مائةً من الإبل، فاسْتَزَادَهُ، فأعطاه مائةً ثانية، فاسْتَزَاده، فأعطاه ثالثةً، بَيْد أنه لم يتركْه
على حاله تلك... بل ألقى عليه عظةً بليغة في العفة والقناعة، وضرب له مثلًا عاليًا في العزَّة
والكرامة، وأبان له أنَّ طالب الدنيا إذا تكالب عليها كان منهومًا لا يشبع، ومغلولًا
لا يُروى، وأنه ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكنَّ الغنى غنى النفس))[4].
منهج حكيم في الاستعفاف والقناعة:
أثَّر هذا الدرس في نفس حكيم تأثيرًا بليغًا، وآتى أولى ثماره ولمَّا يَبْرح حكيم مجلسَه
فما أن كاد النبي صلى الله عليه وسلم يفرغ من عظته البالغة حتى اكتفى حكيمٌ بالمائة الأولى
وكفَّ عمَّا عداها، وأكبر الظنِّ أنه كان بسبيل الاستعفاف عن هذه المائة أيضًا، لولا أن رآها
مبالغةً في الردِّ غيرَ حميدة، وخطَّةً في منهاج المكارم ليست رشيدةً، ثم عاهد النبيَّ صلى الله عليه وسلم
مُقْسمًا له بمن بعثه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا، لا يأخذ من أحدٍ شيئًا كائنًا مَنْ كان حتى يلقى الله عزَّ وجل.
ولقد صدق ما عاهد الله عليه، فلم يأخذ من أحدٍ شيئًا حتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم
فلا عجبَ إذًا أن يعطيَه حقَّه أبو بكر وعمر، ثمَّ عثمان ومعاوية رضي الله عنهم
فيأبى أن يأخذَه، وناهيك عن بيت المال في عصره الأول، وما كان يصيب
المسلمين مِن أُعطيته التي أفاء الله عليهم[5].
الحكمة من امتناع حكيم عن نصيبه من العطاء:
وإنما كان يمتنع حكيم عن نصيبه المفروض له؛ لأنه خشيَ أن تضرَى[6] نفسه، فتتجاوزَ به
إلى ما لا يريد، ففطمها حَسْمًا لها أن تطمعَ، ورغبةً في أن تدع ما يُريب إلى ما لا يُريب
وهذا مذهبٌ بليغ في العفة والقناعة لا يَسْلكه إلا السَّادة من الزُّهَّاد والأكابر من ذوي الهِمم
وكثيرٌ ما هم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم، وإلا فلا حَرَج على مَن
عُرض عليه شيءٌ من الدنيا، فأخذه بغير طلب ولا مسألةٍ.
أخرج الشيخان عن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء
فأقول: أعطه مَنْ هو أفقر مني، فقال: ((خُذْه، إذا جاءك من هذا المال شيءٌ وأنت غير
مُشرفٍ عليه ولا سائل فَخُذْه، وما لا، فلا تُتْبعه نفسك))[7].
إشهاد عمر على حكيم في امتناعه عن عطائه:
وإنَّما كان عمر يُشهد عليه أنه يعطيه عطاءَه فيمتنع عنه؛ لئلا يكون لحكيم عند الخليفة مَعْذرةٌ
ولئلا يظنَّ أحد ممَّن لا يعلم حقيقة الأمر أنَّ أمير المؤمنين يتهاون في حقِّ رعايته، رضي الله عنك يا عمر!
ما أعدَلَكَ، وما أحزَمَكَ، وما أبْصَرَك!
وحكمةٌ أخرى - ونراها جديرة بالنظر - في امتناع حكيم عن عطائه؛ تلك أنه رغب رغبةً صادقة
في أن يحقِّق الله وعد نبيِّه له، فيبارك عليه في قليله، ويجعل يده من الأيدي العُلا، التي تُعطي ولا تأخذ
وتنفقُ ولا تخاف من الإنفاق إقْلالًا، وكذلك صَنَعَ الله له، فقد مات رضي الله عنه في خلافة معاوية
وإنه لَمِنْ أكثر قريش مالًا على الرُّغم ممَّا أنفق في سبيل الله، فمن ذلك أنه حجَّ في الإسلام
فأهدى ألف بَدَنة، وألفَ شاة، ووقف بعرفة ومعه مائة وصيف في أعناقهم أطْواقٌ من الفضَّة
مَنْقوشٌ فيها: "عتقاء الله عن حكيم بن حزام".
ومن ذلك أنَّ الإسلام جاء ودار الندوة بيده، فباعها من معاوية بمائة ألف درهم
وتصدَّق بها كلها، وقال: اشْتَرَيْتُ بها دارًا في الجنة، ولمَّا لامه ابن الزبير، وقال له:
بعت مَكْرُمةَ قريش! قال: يا ابن أخي، ذهبت المكارمُ إلا التقوى[8].
هَدْيُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بهذا الهدي النبويِّ الكريم اهتدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابِعوهم
فكان المال، في أيديهم لا في قلوبهم، وكانت الدنيا تحت أقدامهم لا فوق رؤوسهم ومن أجل ذلك
مَلَكوا المال ولم يَملكْهم، وسخَّروه ولم يفتنْهم، بل كان مطيَّتَهُم إلى البرِّ وَوَسيلتَهم إلى الخير، وعَوْنَهم على صالح
الأعمال وكرائم الخصال، و((نِعْمَ المال الصالح للرجل الصالح))[9]؛
يُورثه الفضائل، ويُكسبه المحامد ويُعينه على نوائب الحقِّ ويقيه حِرص النفس وشُحَّها
﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].
.................................،
[1] وحَسْبُكَ أنه ابنُ أخي خديجة بنت خُوَيْلد رضي الله عنها، دخلت أمُّه الكعبة
في نسوةٍ من قريشٍ، فضربها المخاض، فأُتيت بنطع، فولدت عليه حكيمًا (طه).
[2] قال الذهبي في "السير" 3: 45: "قلت: لم يعشْ في الإسلام إلا بضعًا وأربعين سنة".
[3] أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 8: 9. وأورده الحافظ في "الفتح" 8:
11، ونسبه إلى موسى بن عقبة في المغازي، وأشار ابن حجر في "الإصابة" إلى صحته فقال:
ثَبَت في السِّيرة وفي الصحيح. انظر: "سير أعلام النبلاء" 3: 48، و"الإصابة" 2: 98
و"مجمع الزوائد" 6: 172، و"سبل الهدى والرشاد" 5: 326. وانظر ما تقدَّم ص153.
[4] اقتباس من حديث أخرجه البخاري (6446)، ومسلم (1051)، كلاهما من حديث أبي هريرة.
[5] وحَسْبُك أنَّ جيش المسلمين استولى فيما غنم بساط كسرى، وكان ستين ذراعًا في مثلها
وكان على هيئة روضة رُسمت عليها الزهور والطيور بالجواهر والذهب، فلما فرَّقها عمر على المسلمين
أصاب عليًّا قطعة منه باعها بعشرين ألف درهم (طه).
[6] أي: تعتاد، يقال: ضَرِيَ بالشيء تَضْرى ضَرًى وضراوة، فهو ضارٍ، إذا اعْتَادَهُ.
[7] أخرجه البخاري (1473)، ومسلم (1405).
[8] أخرجه الطبراني (3073) بإسنادين، قال الهيثمي في "المجمع" 9: 384: أحدهما حَسَن.
[9] اقتباس من حديث رواه أحمد (17763) من حديث عمرو بن العاص
وإسناده صحيح على شرط مسلم، كما تقدَّم ص180.
الشيخ طه محمد الساكت
**************[/size]
معاوية فهمي- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : فلسطيني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 2432
تاريخ التسجيل : 26/03/2019
مواضيع مماثلة
» حزام من الازرار
» اهمية حزام الامان بتوعية مبتكرة
» من هي ام حكيم ؟؟؟
» حكيم في دبي
» نصائح من حكيم
» اهمية حزام الامان بتوعية مبتكرة
» من هي ام حكيم ؟؟؟
» حكيم في دبي
» نصائح من حكيم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:04 pm من طرف جنى بودى
» احسن موقع لمختلف الحجوزات
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان
» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
الأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى
» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى
» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر