المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 584 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 584 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
الآثار السيئة للابتداع
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
الآثار السيئة للابتداع
الآثار السيئة للابتداع
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( الآثار السيئة للابتداع ))
د. محمود بن أحمد الدوسري
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
رأس المفاسد كلها هو الابتداع في الدِّين؛ لأن حقيقة الابتداع في الدين خروج عن الدين نفسه، ومخالفة صريحة لأوامره ونواهيه وأخباره، واستهزاء به وبأحكامه وآدابه، فالمبتدعة – عمومًا – لا رادع لهم ولا وازع من خُلق أو دينٍ يمنعهم من أن يبتدعوا شيئًا ليس من الدين أو يدخلوا فيه ما ليس منه.
ولهذا جاءت النصوص الكثيرة في التحذير من الابتداع في الدين، والفُرقة فيه، وتُبيِّن سوء عاقبته في الدنيا؛ من التفرُّق والاختلاف، وفي الآخرة؛ من سواد الوجوه، قال الله تعالى: ﴿ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 105-107].
والمقصود بالذين تفرَّقوا واختلفوا هم: (أهل الكتب المُنزَّلة على الأمم قبلنا، بعد ما أقام الله عليهم الحُجَج والبيِّناتِ تفرَّقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم، واختلفوا اختلافًا كثيرًا)[1]. قال القرطبي رحمه الله: (يعني: اليهودَ والنصارى، في قول جمهور المفسرين. وقال بعضهم: هم المبتدعة من هذه الأُمَّة. وقال أبو أمامة: هم الحرورية؛ وتلا الآية)[2].
(ومن العجائب أنَّ اختلافهم ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ ﴾ المُوجِبة لعدم التَّفرُّق والاختلاف، فهم أَولى من غيرهم بالاعتصام بالدِّين، فعكسوا القضِيَّةَ مع علمهم بمخالفتهم أمرَ الله، فاستحقوا العقابَ البليغ، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾)[3].
ويُجمِل الشاطبي رحمه الله الآثار السَّيئة للابتداع قائلًا: (اعلموا أن البدعة لا يُقبل معها عبادة؛ من صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا غيرها من القُربات، ومُجالِسُ صاحبِها تُنزع منه العِصمة، ويُوكَل إلى نفسه، والماشي إليه ومُوَقِّره مُعِين على هدم الإسلام، فما الظن بصاحبها! وهو ملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعبادته بُعدًا، وهي مظنة إلقاء العدواة والبغضاء، ومانعة من الشفاعة المحمدية، ورافعة للسُّنن التي تُقابِلها، وعلى مُبتدعها إثم مَنْ عمل بها، وليس له من توبة، وتُلقى عليه الذِّلة والغضب من الله، ويُبعد عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُخاف عليه أن يكون معدودًا في الكفار الخارجين عن الملة[4]، وسوء الخاتمة عند الخروج من الدنيا، ويُسوَّد وجهه في الآخرة، ويُعذَّب بنار جهنم، وقد تبرَّأ منه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وتبَّرأ منه المسلمون، ويُخاف عليه الفتنة في الدنيا؛ زيادةً إلى عذاب الآخرة)[5].
وقد يظن ظانٌّ: أنَّ الحديث عن البدع أمرٌ هيِّنٌ، وأنه في وقتنا المعاصر يوجد ما هو أَولى منه؛ كقضايا المسلمين المتأزِّمين في شتَّى بقاع الأرض.
ونردُّ عليهم: بأنَّ البدعة في الدين تمسُّ أصلَ الدين وجوهرَه، وقد أَمَرنا الله تعالى أنْ نُقيم الدين، فقال سبحانه: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، وإقامةُ الدِّين لا تتمُّ إلاَّ بإزاحة ما علق به من البدع، وما أُدخل فيه ممَّا ليس منه، والإقامةُ تعني الاستقامةَ والعدل، وهذا لا يتحقَّق مع وجود البدع. فإذا أقمنا دينَ الله تعالى وحَفِظْناه وعَمِلنا به وطبَّقناه، فممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الله تعالى يحفظنا ويحفظ ديننا ودنيانا؛ كما حَفِظْنَا دينَه، جزاءً وفاقًا.
كذلك فإن انتشار هذه البدع له من الآثار السيئة والتي تضرُّ بدين الله ما يجعلنا على يقين تام بضرورة محاربتها بكل ما أُوتينا من قوة؛ نُصرةً لدين الله، ومن هذه الآثار السيئة للبدع ما يلي:
1- البدعة خروجٌ عن اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم:
البدعة تُنافي تحقيق شهادة "أنَّ محمدًا رسول الله"، والعبد يدخل الإسلام بشهادة "أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمدًا رسول الله" ولا يتم ذلك حقيقة إلاَّ بتحقيقها قولًا وعملًا واعتقادًا، فكيف يحقق العبد شهادة "أنَّ محمدًا رسول الله" وهو لم يتَّبع هديه وسنَّته، فكيف بمَنْ يبتدع في الدِّين ثم هو يدَّعي أنه يتَّبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟ والله تعالى يقول لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
كما أن البدعة تُخالِف الشهادةَ مٌخالفةً صريحة؛ إذ أنَّ مقتضى قولِنا: "لا إله إلاَّ الله" أي: لا معبود بحقٍّ إلاَّ الله، والعبودية تعني: الخضوع التَّام لله تعالى؛ لأوامره ونواهيه، وأنْ نعبده بما شاء، لا بما شئنا، فالمبتدع هنا يُخالف اللهَ تعالى؛ إذ يعبده بما شاء هو، لا بما شاء اللهُ سبحانه، وهذا خطأ فادح وأمر جلل من هذه الناحية، يُخشى معها أنْ يخرج صاحبها من الملة – بالضوابط الشرعية المعروفة في بابها - إذا أصرَّ على بدعته بعدما أبانها له أهل العلم.
2- تبرُّؤ النبي صل الله عليه وسلم من المبتدعة:
من الآثار السيئة للبدعة وللابتداع أن النبي صلى الله عليه وسلم تبَّرأ ممَّن رغب عن سنَّته وهديه وطريقته؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)[6]. والمراد من سنته صلى الله عليه وسلم هنا: ما جاء به من الكتاب والسُّنة، أي أن من رغب عن الكتاب والسُّنة، أو عمَّا جاء في الكتاب والسُّنة، أو عن شيء مما جاء في الكتاب والسنة فإنه مذموم، وهذا أوسع معنى للسُّنة، فمن رغب عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه ودينه الذي جاء به فليس منه[7].
ولا شك أنَّ المبتدعة رغبوا عن سنته صلى الله عليه وسلم وتركوها وزهدوا فيها إلى أمور ابتدعوها وتوارثوها؛ وها هو الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما يتبرَّأ من القدرية ومن بدعتهم في القدر، وقال لِمَنْ سأله عنهم: (فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي)[8].
وهذا التَّبرؤ من النبي صلى الله عليه وسلم إنما مرجعه إلى أنَّ كلَّ ما جاء به من قرآن وسُنَّة هو عين الدِّين، فمَنْ أراد أنْ يُفرِّق بينهما فكأنه أراد هدم الدِّين بِشَقِّه نصفين، وفيه ردٌّ صريح على هؤلاء الذين يحاولون التَّفريق بينهما؛ إذ لو كانت دعواهم صحيحة لَمَا ترتَّب عليها هذا العقاب الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو التبرؤ منهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يتبرَّأ إلاَّ ممَّن خرج عن الدِّين، فليحذر هؤلاء من الخروج عن الدِّين من حيث يحسبون أنهم يدخلون فيه، فليس أمامهم إلاَّ سبيل المؤمنين، وذلك بمتابعة إمام الأنبياء والمرسلين والتوقف عن البدعة وتركها.
3- البدعة تتضمَّن الطَّعن في الإسلام:
البدعة تحمل في داخلها طعنًا في الإسلام من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: الطعن في أحكام الإسلام وتشريعاته؛ إذ يزعم المبتدع ـ بلسان حاله: أنَّ الدِّين لم يكتمل بعد، وقد أتى هو بما يُكمِّل الدِّين، فابتدع شيئًا جديدًا، واستدرك على الشريعة، ونصَّب نفسَه مُشرِّعًا مكمِّلًا للدين! والله سبحانه يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
قال الإمام مالك رحمه الله: (مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنةً، فقد زعم أنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ فما لم يكن يومئذٍ دينًا، فلا يكون اليوم دِينًا)[9].
وقال السعدي رحمه الله: (ولهذا كان الكتاب والسنة، كافِيين كلَّ الكفاية، في أحكام الدِّين، وأصوله وفروعه. فكلُّ متكلِّفٍ يزعم: أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم، إلى علومٍ، غيرِ علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مُبطِلٌ في دعواه، قد زعم أنَّ الدِّين لا يكمل، إلاَّ بما قاله، ودعا إليه. وهذا من أعظم الظلم، والتجهيل لله ولرسوله)[10].
الوجه الثاني: الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ يزعم المُبتدع - بلسان حاله: أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم إمَّا أنه قد جهل هذه العبادة المُبتَدعة، أو قد علم بها، لكنه كتمها عن أُمَّته، ولازم ذلك أنْ يكون كاتمًا للرسالة أو لبعضها! وحاشاه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث: الطعن في الصحابة؛ إذ يزعم المبتدع ـ بلسان حاله: أنَّ الصحابة رضي الله عنهم كتموا شيئًا من الشريعة، أو جهلوا هذا الأمر الذي أحدثه المتأخرون! وحاشاهم رضي الله عنهم.
4- البِدعةُ ضلالٌ مَحْض:
البدعة في حقيقتها رفضٌ لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعملٌ بمقتضى الهوى والرَّغبات، فهي بمثابة تشريعٍ جديدٍ يوازي تشريعَ النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يحتمل إلاَّ أن يكون صاحبُ البدعة قد أُوحِيَ إليه بهذا التشريع، وهذا مستحيل، إذ أنَّ الوحي قد انقطع والرسالة قد توقَّفت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثَمَّ؛ فإنَّ البدعة مهما كان بريقها أو مُبرِّرها ليست إلاَّ أُكذوبة على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالله سبحانه لم يُشَرِّعها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُبلِّغها ولم يأت بها، فهي إذًا ضلال محض، وباطل محض، وافتراء محض، وكذب محض.
وقد بيَّن القرآن العظيم ضلالَها، عندما حصر الحقَّ فيما جاء به، وجعل ما عداه هو الضَّلال، وأشار النبيُّ صلى الله عليه وسلم صراحةً إلى كونها ضلالًا محضًا لا يحتمل شكًّا ولا ريبة.
قال الله تعالى: ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ﴾ [يونس: 32]؛ لأنَّ ما جاء به النبيُّ فهو الحقُّ الخالص، وضِدُّه الضَّلال. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)[11]؛ وكون كلِّ بدعة ضلالة يُبطِل كلَّ قولٍ بأنَّ هناك من البدع بدعة حسنة.
بطلان تقسيم البدعة إلى حسنة وسيِّئة: ذهب المُحقِّقون من أهل العلم إلى بطلان تقسيم البدعة إلى حسنةٍ وسيئة، أو جَعْلِها مِمَّا تجري عليه الأحكامُ الخمسة التكليفية[12]؛ لأنَّ قول النبيِّ: (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)[13]، يُبطِل هذا التقسيم، وأنه ما من بدعة إلاَّ وهي ضلالة، وفي بعضِ الروايات: (وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ)[14]، فكيف يجتمع الوصف بالضلالة مع الوصف بالحُسن؟
قال ابن تيمية رحمه الله: (ولا يحِلُّ لأحدٍ أنْ يُقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلية، وهي قوله: "كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، بسلب عمومها، وهو أنْ يُقال: ليست كل بدعة ضلالة؛ فإنَّ هذا إلى مُشاقَّة الرسولِ أقربُ منه إلى التأويل)[15].
والدين الإسلامي ما جاء إلاَّ ليهدي البشرية إلى الحقِّ ويخرجهم من الضلال، وأيُّ إحداثٍ في دين الله تعالى هي محاولةٌ لجرِّ البشرية إلى الضلال وانتكاسة بهم إلى الوراء؛ إذ ما حُرِّفت الدِّيانات السماوية السابقة إلاَّ بما أدخله فيها أصحابها من بدعٍ بأهوائهم وعقولهم، فجَرَت بأصحابها إلى الوقوع في الضلال والشرك.
قال الله تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]؛ وذلك بأنهم كانوا يُشَرِّعون لهم ما لم يأذن به الله، فيطيعونهم، وهذا حال رأس الضلالة وصاحب البدعة الداعي إليها؛ إذ إنه يُشَرِّع من دون الله، فمَنْ تابَعَه في بدعته فكأنه اتَّخَذَه ربًّا من دون الله.
وبنظرةٍ فاحصةٍ إلى الفِرَق المنتسبة إلى الإسلام وآرائهم في العقيدة أو العبادة تلحظ هذا الأمر واضحًا جليًّا؛ إذ هم بما أحدثوه وأدخلوه في الدِّين قد بعدوا عنه، كلٌّ حسبما أدخل، وقَدْرَ ما بدَّل.
5- المبتدع لا يزداد من الله إلاَّ بُعدًا:
من شؤم الابتداع وعقوبته أن المبتدع كلما ازداد اجتهادًا في بدعته ازداد بعدًا من الله تعالى؛ لأنه سلك طريقًا معاكسًا للشرع، وحاله كمن يريد الذهاب إلى مكانٍ ما فيتَّخذ اتِّجاهًا معاكسًا ومغايرًا، وكلما اجتهد في السير زاد بعدًا عن هدفه؛ لأنه سلك طريقًا مغايرًا ومعاكسًا، وما حال الخوارج عنا ببعيد؛ حيث كانوا يجتهدون في العبادات – وهم على ضلال – فيمرقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية.
عن عَلِيٍّ رضي الله عنه؛ أنه قال: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَى صَلاَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ؛ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)[16].
ولذا قال الحسن البصري رحمه الله: (صاحب البدعة لا يزداد اجتهادًا؛ صيامًا وصلاةً إلاَّ ازداد من الله بُعدًا)[17]. ومِثلُه قال أيوب السختياني رحمه الله: (ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلاَّ ازداد من الله بُعدًا)[18].
6- عدم قبول عمل المبتدع:
من شؤم الابتداع في الدين أن المبتدع يُحرم أجر عمله الذي عمله في وقت أحوج ما تكون الحاجة إليه؛ وقد حُرِم أجر هذا العمل؛ لأنه تعبَّد لله تعالى بأقوال أو بأفعال أو اعتقادات لم يشرعها الله تعالى، وأيُّ عملٍ لا يُقبل حتى يتوفر فيه شرطان: الإخلاص والاتباع، قال تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 7]، فأحسن العمل هو (أخلصه وأصوبه)[19]، والمبتدع قد أخلَّ بأحد شرطي قبول العمل؛ فحُرِمَ بسبب بدعته قبول عمله، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ)[20]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)[21].
وجه الدلالة: كلُّ مَنْ تعبَّد لله تعالى بشيءٍ لم يشرعه الله، أو بشيءٍ لم يكن عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مُبتَدِع، مردود عليه ما ابتدعه واخترعه. وهذا أمر بدهي؛ إذ كيف يقبل الله تعالى عملًا من رجل ادَّعى لنفسه التَّشريع ونازع اللهَ سبحانه وتعالى فيما خَصَّ به ذاته الشريفة، فهو المُشرِّع ولا مُشرِّع غيره سبحانه.
7- المبتدع لا يُحالفه التوفيق:
من شؤم الابتداع في الدين ألاَّ يوفق المبتدع إلى العمل الصالح والقول السديد ويُوكل إلى نفسه؛ بسبب ابتداعه في الدين، حيث قدَّم بدعته وهواه على الشرع الحكيم، وقد ضمن الله تعالى العصمة في اتِّباع شرعه، ولمَّا ترك المبتدع اتباع الشرع وُكِل إلى نفسه ونُزعَت منه العصمة جزاءً وفاقًا، وهو غاية الخذلان والحرمان، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. فالفتنة تحصل للمبتدع في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة، جزاء ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم برأيه وهواه، فكان الخذلان حليفه، والتوفيق أبعد ما يكون عنه، إلاَّ أن يتوب فيتداركه الله تعالى برحمة منه، ولا تزال البدع والأهواء بأصحابها حتى تهلكهم وتُلقي بهم في أودية الشبهات والشهوات؛ لأنهم التمسوا الهدى في غير ما أنزل الله تعالى، ولم يُسلموا للشريعة في الأخبار والأوامر والنواهي، فخذلوا.
والمتأمل في أحوال المبتدعة وما ابتُلوا به من بدع أوردتهم المهالك؛ يلحظ أن الشبه تُحيط بهم من كل مكان؛ فالرافضة من أقل الناس عقلًا وأكذبهم في النقل، وأهل الكلام عقولهم ممتلئة بالشبه والضلالات، وغلاة المتصوفة يجهلون مقاصد الشرع في الاتباع، وقد جعلوا الهوى والذوقيات قِبلةً لهم، والمعتزلة مُعجَبون بعقولهم ومغرورون بآرائهم.
تحذير السلف الصالح من الجلوس مع المبتدعة: نهى السلف الصالح عن مجالسة المبتدعة أو مصاحبتهم حتى لا يفتن بهم الناس، وفي ذلك آثار كثيرة، ومنها: عن الحسن البصري رحمه الله قال: (لا تُجالس صاحب بدعةٍ؛ فإنه يُمرِضُ قلبَك)[22].
وعن سفيان الثوري رحمه الله قال: (مَنْ جالس صاحبَ بدعةٍ؛ لم يَسلم من إحدى ثلاث: إمَّا أنْ يكون فتنةً لغيره، وإمَّا أنْ يقع في قلبه شيء فيزلَّ به فيدخله الله النار، وإمَّا أن يقول: واللهِ ما أُبالي ما تكلَّموا وأني واثق بنفسي، فمَن أَمِنَ اللهَ على دينه طرفةَ عينٍ؛ سلبه إياه)[23].
وعن أبي قلابة رحمه الله قال: (لا تُجالسوا أهلَ الأهواء ولا تجادلوا؛ فأني لا آمن أنْ يغمسوكم في ضلالتهم، أو يُلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون)[24].
********
[1] تفسير ابن كثير، (8/ 457).
[2] تفسير القرطبي، (4/ 166).
[3] تفسير السعدي، (1/ 142).
[4] هذا بحسب البدعة التي ارتكبها، إنْ تحقَّق فيها شروط التكفير، وانتفت عنه الموانع.
[5] الاعتصام، (1/ 141، 142).
[6] رواه البخاري، (5/ 1949)، (ح 4776).
[7] انظر: شرح سنن أبي دواد، للشيخ عبد المحسن العباد (ص 224).
[8] رواه مسلم، (1/ 23)، (ح 102).
[9] الاعتصام، (1/ 49)؛ السنن والمبتدعات، (ص 6).
[10] تفسير السعدي، (ص 220).
[11] رواه مسلم، (2/ 592)، (ح 867).
[12] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، (ص 270، 274)؛ الاعتصام، (2/ 36) وما بعدها.
[13] رواه مسلم، (2/ 592)، (ح 867).
[14] رواه النسائي، (3/ 189)، (ح 1578). وصححه الألباني في (صحيح سنن النسائي)، (1/ 512)، (ح 1577).
[15] اقتضاء الصراط المستقيم، (ص 274).
[16] رواه مسلم، (1/ 422)، (ح 2516).
[17] البدع والنهي عنها، لابن وضاح (ص 16).
[18] المصدر نفسه، (ص 16).
[19] تفسير السعدي، (2/ 78).
[20] رواه البخاري، (2/ 959)، (ح 2550)؛ ومسلم، (3/ 1343)، (ح 1718).
[21] رواه مسلم، (3/ 1343)، (ح 1718).
[22] البدع والنهي عنها، لابن وضاح (ص 49).
[23] المصدر نفسه، (ص 29).
[24] اعتقاد أهل السنة، للالكائي (1/ 134)؛ السنة، لعبد الله بن الإمام أحمد (ص 1/ 137)؛ الشريعة، للآجري (1/ 436)؛ البدع والنهي عنها، لابن وضاح (ص 30).
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§[/size]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( الآثار السيئة للابتداع ))
د. محمود بن أحمد الدوسري
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
رأس المفاسد كلها هو الابتداع في الدِّين؛ لأن حقيقة الابتداع في الدين خروج عن الدين نفسه، ومخالفة صريحة لأوامره ونواهيه وأخباره، واستهزاء به وبأحكامه وآدابه، فالمبتدعة – عمومًا – لا رادع لهم ولا وازع من خُلق أو دينٍ يمنعهم من أن يبتدعوا شيئًا ليس من الدين أو يدخلوا فيه ما ليس منه.
ولهذا جاءت النصوص الكثيرة في التحذير من الابتداع في الدين، والفُرقة فيه، وتُبيِّن سوء عاقبته في الدنيا؛ من التفرُّق والاختلاف، وفي الآخرة؛ من سواد الوجوه، قال الله تعالى: ﴿ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 105-107].
والمقصود بالذين تفرَّقوا واختلفوا هم: (أهل الكتب المُنزَّلة على الأمم قبلنا، بعد ما أقام الله عليهم الحُجَج والبيِّناتِ تفرَّقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم، واختلفوا اختلافًا كثيرًا)[1]. قال القرطبي رحمه الله: (يعني: اليهودَ والنصارى، في قول جمهور المفسرين. وقال بعضهم: هم المبتدعة من هذه الأُمَّة. وقال أبو أمامة: هم الحرورية؛ وتلا الآية)[2].
(ومن العجائب أنَّ اختلافهم ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ ﴾ المُوجِبة لعدم التَّفرُّق والاختلاف، فهم أَولى من غيرهم بالاعتصام بالدِّين، فعكسوا القضِيَّةَ مع علمهم بمخالفتهم أمرَ الله، فاستحقوا العقابَ البليغ، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾)[3].
ويُجمِل الشاطبي رحمه الله الآثار السَّيئة للابتداع قائلًا: (اعلموا أن البدعة لا يُقبل معها عبادة؛ من صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا غيرها من القُربات، ومُجالِسُ صاحبِها تُنزع منه العِصمة، ويُوكَل إلى نفسه، والماشي إليه ومُوَقِّره مُعِين على هدم الإسلام، فما الظن بصاحبها! وهو ملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعبادته بُعدًا، وهي مظنة إلقاء العدواة والبغضاء، ومانعة من الشفاعة المحمدية، ورافعة للسُّنن التي تُقابِلها، وعلى مُبتدعها إثم مَنْ عمل بها، وليس له من توبة، وتُلقى عليه الذِّلة والغضب من الله، ويُبعد عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُخاف عليه أن يكون معدودًا في الكفار الخارجين عن الملة[4]، وسوء الخاتمة عند الخروج من الدنيا، ويُسوَّد وجهه في الآخرة، ويُعذَّب بنار جهنم، وقد تبرَّأ منه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وتبَّرأ منه المسلمون، ويُخاف عليه الفتنة في الدنيا؛ زيادةً إلى عذاب الآخرة)[5].
وقد يظن ظانٌّ: أنَّ الحديث عن البدع أمرٌ هيِّنٌ، وأنه في وقتنا المعاصر يوجد ما هو أَولى منه؛ كقضايا المسلمين المتأزِّمين في شتَّى بقاع الأرض.
ونردُّ عليهم: بأنَّ البدعة في الدين تمسُّ أصلَ الدين وجوهرَه، وقد أَمَرنا الله تعالى أنْ نُقيم الدين، فقال سبحانه: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، وإقامةُ الدِّين لا تتمُّ إلاَّ بإزاحة ما علق به من البدع، وما أُدخل فيه ممَّا ليس منه، والإقامةُ تعني الاستقامةَ والعدل، وهذا لا يتحقَّق مع وجود البدع. فإذا أقمنا دينَ الله تعالى وحَفِظْناه وعَمِلنا به وطبَّقناه، فممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الله تعالى يحفظنا ويحفظ ديننا ودنيانا؛ كما حَفِظْنَا دينَه، جزاءً وفاقًا.
كذلك فإن انتشار هذه البدع له من الآثار السيئة والتي تضرُّ بدين الله ما يجعلنا على يقين تام بضرورة محاربتها بكل ما أُوتينا من قوة؛ نُصرةً لدين الله، ومن هذه الآثار السيئة للبدع ما يلي:
1- البدعة خروجٌ عن اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم:
البدعة تُنافي تحقيق شهادة "أنَّ محمدًا رسول الله"، والعبد يدخل الإسلام بشهادة "أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمدًا رسول الله" ولا يتم ذلك حقيقة إلاَّ بتحقيقها قولًا وعملًا واعتقادًا، فكيف يحقق العبد شهادة "أنَّ محمدًا رسول الله" وهو لم يتَّبع هديه وسنَّته، فكيف بمَنْ يبتدع في الدِّين ثم هو يدَّعي أنه يتَّبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟ والله تعالى يقول لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
كما أن البدعة تُخالِف الشهادةَ مٌخالفةً صريحة؛ إذ أنَّ مقتضى قولِنا: "لا إله إلاَّ الله" أي: لا معبود بحقٍّ إلاَّ الله، والعبودية تعني: الخضوع التَّام لله تعالى؛ لأوامره ونواهيه، وأنْ نعبده بما شاء، لا بما شئنا، فالمبتدع هنا يُخالف اللهَ تعالى؛ إذ يعبده بما شاء هو، لا بما شاء اللهُ سبحانه، وهذا خطأ فادح وأمر جلل من هذه الناحية، يُخشى معها أنْ يخرج صاحبها من الملة – بالضوابط الشرعية المعروفة في بابها - إذا أصرَّ على بدعته بعدما أبانها له أهل العلم.
2- تبرُّؤ النبي صل الله عليه وسلم من المبتدعة:
من الآثار السيئة للبدعة وللابتداع أن النبي صلى الله عليه وسلم تبَّرأ ممَّن رغب عن سنَّته وهديه وطريقته؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)[6]. والمراد من سنته صلى الله عليه وسلم هنا: ما جاء به من الكتاب والسُّنة، أي أن من رغب عن الكتاب والسُّنة، أو عمَّا جاء في الكتاب والسُّنة، أو عن شيء مما جاء في الكتاب والسنة فإنه مذموم، وهذا أوسع معنى للسُّنة، فمن رغب عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه ودينه الذي جاء به فليس منه[7].
ولا شك أنَّ المبتدعة رغبوا عن سنته صلى الله عليه وسلم وتركوها وزهدوا فيها إلى أمور ابتدعوها وتوارثوها؛ وها هو الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما يتبرَّأ من القدرية ومن بدعتهم في القدر، وقال لِمَنْ سأله عنهم: (فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي)[8].
وهذا التَّبرؤ من النبي صلى الله عليه وسلم إنما مرجعه إلى أنَّ كلَّ ما جاء به من قرآن وسُنَّة هو عين الدِّين، فمَنْ أراد أنْ يُفرِّق بينهما فكأنه أراد هدم الدِّين بِشَقِّه نصفين، وفيه ردٌّ صريح على هؤلاء الذين يحاولون التَّفريق بينهما؛ إذ لو كانت دعواهم صحيحة لَمَا ترتَّب عليها هذا العقاب الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو التبرؤ منهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يتبرَّأ إلاَّ ممَّن خرج عن الدِّين، فليحذر هؤلاء من الخروج عن الدِّين من حيث يحسبون أنهم يدخلون فيه، فليس أمامهم إلاَّ سبيل المؤمنين، وذلك بمتابعة إمام الأنبياء والمرسلين والتوقف عن البدعة وتركها.
3- البدعة تتضمَّن الطَّعن في الإسلام:
البدعة تحمل في داخلها طعنًا في الإسلام من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: الطعن في أحكام الإسلام وتشريعاته؛ إذ يزعم المبتدع ـ بلسان حاله: أنَّ الدِّين لم يكتمل بعد، وقد أتى هو بما يُكمِّل الدِّين، فابتدع شيئًا جديدًا، واستدرك على الشريعة، ونصَّب نفسَه مُشرِّعًا مكمِّلًا للدين! والله سبحانه يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
قال الإمام مالك رحمه الله: (مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنةً، فقد زعم أنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ فما لم يكن يومئذٍ دينًا، فلا يكون اليوم دِينًا)[9].
وقال السعدي رحمه الله: (ولهذا كان الكتاب والسنة، كافِيين كلَّ الكفاية، في أحكام الدِّين، وأصوله وفروعه. فكلُّ متكلِّفٍ يزعم: أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم، إلى علومٍ، غيرِ علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مُبطِلٌ في دعواه، قد زعم أنَّ الدِّين لا يكمل، إلاَّ بما قاله، ودعا إليه. وهذا من أعظم الظلم، والتجهيل لله ولرسوله)[10].
الوجه الثاني: الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ يزعم المُبتدع - بلسان حاله: أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم إمَّا أنه قد جهل هذه العبادة المُبتَدعة، أو قد علم بها، لكنه كتمها عن أُمَّته، ولازم ذلك أنْ يكون كاتمًا للرسالة أو لبعضها! وحاشاه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث: الطعن في الصحابة؛ إذ يزعم المبتدع ـ بلسان حاله: أنَّ الصحابة رضي الله عنهم كتموا شيئًا من الشريعة، أو جهلوا هذا الأمر الذي أحدثه المتأخرون! وحاشاهم رضي الله عنهم.
4- البِدعةُ ضلالٌ مَحْض:
البدعة في حقيقتها رفضٌ لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وعملٌ بمقتضى الهوى والرَّغبات، فهي بمثابة تشريعٍ جديدٍ يوازي تشريعَ النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يحتمل إلاَّ أن يكون صاحبُ البدعة قد أُوحِيَ إليه بهذا التشريع، وهذا مستحيل، إذ أنَّ الوحي قد انقطع والرسالة قد توقَّفت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثَمَّ؛ فإنَّ البدعة مهما كان بريقها أو مُبرِّرها ليست إلاَّ أُكذوبة على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالله سبحانه لم يُشَرِّعها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُبلِّغها ولم يأت بها، فهي إذًا ضلال محض، وباطل محض، وافتراء محض، وكذب محض.
وقد بيَّن القرآن العظيم ضلالَها، عندما حصر الحقَّ فيما جاء به، وجعل ما عداه هو الضَّلال، وأشار النبيُّ صلى الله عليه وسلم صراحةً إلى كونها ضلالًا محضًا لا يحتمل شكًّا ولا ريبة.
قال الله تعالى: ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ﴾ [يونس: 32]؛ لأنَّ ما جاء به النبيُّ فهو الحقُّ الخالص، وضِدُّه الضَّلال. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)[11]؛ وكون كلِّ بدعة ضلالة يُبطِل كلَّ قولٍ بأنَّ هناك من البدع بدعة حسنة.
بطلان تقسيم البدعة إلى حسنة وسيِّئة: ذهب المُحقِّقون من أهل العلم إلى بطلان تقسيم البدعة إلى حسنةٍ وسيئة، أو جَعْلِها مِمَّا تجري عليه الأحكامُ الخمسة التكليفية[12]؛ لأنَّ قول النبيِّ: (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)[13]، يُبطِل هذا التقسيم، وأنه ما من بدعة إلاَّ وهي ضلالة، وفي بعضِ الروايات: (وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ)[14]، فكيف يجتمع الوصف بالضلالة مع الوصف بالحُسن؟
قال ابن تيمية رحمه الله: (ولا يحِلُّ لأحدٍ أنْ يُقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلية، وهي قوله: "كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ"، بسلب عمومها، وهو أنْ يُقال: ليست كل بدعة ضلالة؛ فإنَّ هذا إلى مُشاقَّة الرسولِ أقربُ منه إلى التأويل)[15].
والدين الإسلامي ما جاء إلاَّ ليهدي البشرية إلى الحقِّ ويخرجهم من الضلال، وأيُّ إحداثٍ في دين الله تعالى هي محاولةٌ لجرِّ البشرية إلى الضلال وانتكاسة بهم إلى الوراء؛ إذ ما حُرِّفت الدِّيانات السماوية السابقة إلاَّ بما أدخله فيها أصحابها من بدعٍ بأهوائهم وعقولهم، فجَرَت بأصحابها إلى الوقوع في الضلال والشرك.
قال الله تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]؛ وذلك بأنهم كانوا يُشَرِّعون لهم ما لم يأذن به الله، فيطيعونهم، وهذا حال رأس الضلالة وصاحب البدعة الداعي إليها؛ إذ إنه يُشَرِّع من دون الله، فمَنْ تابَعَه في بدعته فكأنه اتَّخَذَه ربًّا من دون الله.
وبنظرةٍ فاحصةٍ إلى الفِرَق المنتسبة إلى الإسلام وآرائهم في العقيدة أو العبادة تلحظ هذا الأمر واضحًا جليًّا؛ إذ هم بما أحدثوه وأدخلوه في الدِّين قد بعدوا عنه، كلٌّ حسبما أدخل، وقَدْرَ ما بدَّل.
5- المبتدع لا يزداد من الله إلاَّ بُعدًا:
من شؤم الابتداع وعقوبته أن المبتدع كلما ازداد اجتهادًا في بدعته ازداد بعدًا من الله تعالى؛ لأنه سلك طريقًا معاكسًا للشرع، وحاله كمن يريد الذهاب إلى مكانٍ ما فيتَّخذ اتِّجاهًا معاكسًا ومغايرًا، وكلما اجتهد في السير زاد بعدًا عن هدفه؛ لأنه سلك طريقًا مغايرًا ومعاكسًا، وما حال الخوارج عنا ببعيد؛ حيث كانوا يجتهدون في العبادات – وهم على ضلال – فيمرقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية.
عن عَلِيٍّ رضي الله عنه؛ أنه قال: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلاَ صَلاَتُكُمْ إِلَى صَلاَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلاَ صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ؛ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)[16].
ولذا قال الحسن البصري رحمه الله: (صاحب البدعة لا يزداد اجتهادًا؛ صيامًا وصلاةً إلاَّ ازداد من الله بُعدًا)[17]. ومِثلُه قال أيوب السختياني رحمه الله: (ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلاَّ ازداد من الله بُعدًا)[18].
6- عدم قبول عمل المبتدع:
من شؤم الابتداع في الدين أن المبتدع يُحرم أجر عمله الذي عمله في وقت أحوج ما تكون الحاجة إليه؛ وقد حُرِم أجر هذا العمل؛ لأنه تعبَّد لله تعالى بأقوال أو بأفعال أو اعتقادات لم يشرعها الله تعالى، وأيُّ عملٍ لا يُقبل حتى يتوفر فيه شرطان: الإخلاص والاتباع، قال تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 7]، فأحسن العمل هو (أخلصه وأصوبه)[19]، والمبتدع قد أخلَّ بأحد شرطي قبول العمل؛ فحُرِمَ بسبب بدعته قبول عمله، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ)[20]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)[21].
وجه الدلالة: كلُّ مَنْ تعبَّد لله تعالى بشيءٍ لم يشرعه الله، أو بشيءٍ لم يكن عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مُبتَدِع، مردود عليه ما ابتدعه واخترعه. وهذا أمر بدهي؛ إذ كيف يقبل الله تعالى عملًا من رجل ادَّعى لنفسه التَّشريع ونازع اللهَ سبحانه وتعالى فيما خَصَّ به ذاته الشريفة، فهو المُشرِّع ولا مُشرِّع غيره سبحانه.
7- المبتدع لا يُحالفه التوفيق:
من شؤم الابتداع في الدين ألاَّ يوفق المبتدع إلى العمل الصالح والقول السديد ويُوكل إلى نفسه؛ بسبب ابتداعه في الدين، حيث قدَّم بدعته وهواه على الشرع الحكيم، وقد ضمن الله تعالى العصمة في اتِّباع شرعه، ولمَّا ترك المبتدع اتباع الشرع وُكِل إلى نفسه ونُزعَت منه العصمة جزاءً وفاقًا، وهو غاية الخذلان والحرمان، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. فالفتنة تحصل للمبتدع في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة، جزاء ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم برأيه وهواه، فكان الخذلان حليفه، والتوفيق أبعد ما يكون عنه، إلاَّ أن يتوب فيتداركه الله تعالى برحمة منه، ولا تزال البدع والأهواء بأصحابها حتى تهلكهم وتُلقي بهم في أودية الشبهات والشهوات؛ لأنهم التمسوا الهدى في غير ما أنزل الله تعالى، ولم يُسلموا للشريعة في الأخبار والأوامر والنواهي، فخذلوا.
والمتأمل في أحوال المبتدعة وما ابتُلوا به من بدع أوردتهم المهالك؛ يلحظ أن الشبه تُحيط بهم من كل مكان؛ فالرافضة من أقل الناس عقلًا وأكذبهم في النقل، وأهل الكلام عقولهم ممتلئة بالشبه والضلالات، وغلاة المتصوفة يجهلون مقاصد الشرع في الاتباع، وقد جعلوا الهوى والذوقيات قِبلةً لهم، والمعتزلة مُعجَبون بعقولهم ومغرورون بآرائهم.
تحذير السلف الصالح من الجلوس مع المبتدعة: نهى السلف الصالح عن مجالسة المبتدعة أو مصاحبتهم حتى لا يفتن بهم الناس، وفي ذلك آثار كثيرة، ومنها: عن الحسن البصري رحمه الله قال: (لا تُجالس صاحب بدعةٍ؛ فإنه يُمرِضُ قلبَك)[22].
وعن سفيان الثوري رحمه الله قال: (مَنْ جالس صاحبَ بدعةٍ؛ لم يَسلم من إحدى ثلاث: إمَّا أنْ يكون فتنةً لغيره، وإمَّا أنْ يقع في قلبه شيء فيزلَّ به فيدخله الله النار، وإمَّا أن يقول: واللهِ ما أُبالي ما تكلَّموا وأني واثق بنفسي، فمَن أَمِنَ اللهَ على دينه طرفةَ عينٍ؛ سلبه إياه)[23].
وعن أبي قلابة رحمه الله قال: (لا تُجالسوا أهلَ الأهواء ولا تجادلوا؛ فأني لا آمن أنْ يغمسوكم في ضلالتهم، أو يُلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون)[24].
********
[1] تفسير ابن كثير، (8/ 457).
[2] تفسير القرطبي، (4/ 166).
[3] تفسير السعدي، (1/ 142).
[4] هذا بحسب البدعة التي ارتكبها، إنْ تحقَّق فيها شروط التكفير، وانتفت عنه الموانع.
[5] الاعتصام، (1/ 141، 142).
[6] رواه البخاري، (5/ 1949)، (ح 4776).
[7] انظر: شرح سنن أبي دواد، للشيخ عبد المحسن العباد (ص 224).
[8] رواه مسلم، (1/ 23)، (ح 102).
[9] الاعتصام، (1/ 49)؛ السنن والمبتدعات، (ص 6).
[10] تفسير السعدي، (ص 220).
[11] رواه مسلم، (2/ 592)، (ح 867).
[12] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، (ص 270، 274)؛ الاعتصام، (2/ 36) وما بعدها.
[13] رواه مسلم، (2/ 592)، (ح 867).
[14] رواه النسائي، (3/ 189)، (ح 1578). وصححه الألباني في (صحيح سنن النسائي)، (1/ 512)، (ح 1577).
[15] اقتضاء الصراط المستقيم، (ص 274).
[16] رواه مسلم، (1/ 422)، (ح 2516).
[17] البدع والنهي عنها، لابن وضاح (ص 16).
[18] المصدر نفسه، (ص 16).
[19] تفسير السعدي، (2/ 78).
[20] رواه البخاري، (2/ 959)، (ح 2550)؛ ومسلم، (3/ 1343)، (ح 1718).
[21] رواه مسلم، (3/ 1343)، (ح 1718).
[22] البدع والنهي عنها، لابن وضاح (ص 49).
[23] المصدر نفسه، (ص 29).
[24] اعتقاد أهل السنة، للالكائي (1/ 134)؛ السنة، لعبد الله بن الإمام أحمد (ص 1/ 137)؛ الشريعة، للآجري (1/ 436)؛ البدع والنهي عنها، لابن وضاح (ص 30).
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§[/size]
معاوية فهمي- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : فلسطيني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 2432
تاريخ التسجيل : 26/03/2019
مواضيع مماثلة
» طفلك والالفاظ السيئة
» علاج رائحة الفم السيئة
» كيفية التخلص من العادات السيئة
» سماء الاخبار السيئة قبل النوم وخطرها
» لدفع الاحلام الشيطانية السيئة والكوابيس..
» علاج رائحة الفم السيئة
» كيفية التخلص من العادات السيئة
» سماء الاخبار السيئة قبل النوم وخطرها
» لدفع الاحلام الشيطانية السيئة والكوابيس..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:04 pm من طرف جنى بودى
» احسن موقع لمختلف الحجوزات
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان
» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
الأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى
» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى
» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر