المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 535 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 535 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الثالث
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الثالث
3- شيء في عينيه
سمعت مالون وقع خطوات هاريس في الردهة، وشعرت فجأة بالخجل عندما دخل المطبخ، قامته الطويلة وكتفيه العريضتين .
إنعقد لسانها، أما هو فلم يتكلم على الفور، بل وقف عند العتبة بنظر إليها، وكأنه يراها لأول مره عندئذ، لاحظت ان عينيه مستقرتان على شعرها الاشقر ثم نظر إلى قميصها المقفل وبنطلونها الذي يغطي ساقيها الطويلتين. وأدركت انها المره الاولي التي يرى فيها شعرها غير مبلل أو ملفول بمنشفة.
قالت بسرعة، شاعرة فجأة بالخجل:"لقد هذبت مظهري وأصلحته جيداً".
كانت المره الاولى التي يراها فيها بملابس جافة أنيقة.
أجفلت حالما افلتت هذه الكلمات من فمها، خشية أن تستدعي تعليقاً شخصياً منه . ابتسم فأدركت أنه عرف انها تتمنى لو بقيت صامته.
تبدد شعورها بالتوتر بسرعة عندما قال لها:" كنت صاعداً بحقائبي إلى غرفتي، لكنني لم أستطع مقاومة رائحة الفطائر العابقة في البيت".
شعرت بالخجل مره أخرى. ما الذي بمنعها من أن تتمالك نفسها ووجدت نفسها تجيب:" أحضر لي ديل كيس خوخ. هنالك بعض الدلاء على فسحة السلم تحسباُ لتسرب المياه".
لم تستطع ان تتوقف عن الكلام:" أٌصلح جزء من السقف، ولكن هناك بعض التسربات الجديدة، والعامل المسؤول عن ذلك لا يمكنه الحضور قبل يوم الاثنين، هل تريد قهوة؟"
خشيت ان يحرجه هذا التغيير المفاجئ في لهجة حديثها المائل إلى الحدة.
لكنه أجاب:"أور فنجاناً. سآخذ حقيبتي إلى غرفتي، ومن بعدها تزودينني بكل ما أحتاج معرفته".
سرها أن ذهب لانه منحها فرصة لتتمالك نفسها، رباه، ماذا حدث لها؟ لم يسبق لها أن شعرت بالخجل أو بعقده اللسان في وجود رجل . هل انعقد لسانها؟ كما أن الثرثرة التي لم تتوقف هي مسألة أعصاب على الأرجح؟ من المؤكد أن تجربتها مع رولاند فيليبس لم تحطم ثقتها بنفسها إلى هذا الحد! أنها تتمنى ألا يكون ذلك قد حصل رغم اعترافها بمعاناتها السابقة مع رجال كزوج أمها السابق و ابنه، وصديقها الخائن كيت مورغان. كانت لاتزال تضمد جرحها عندما حصل ما حصل من صهر هاريس .
عندما عاد هاريس على المطبخ، كانت القهوة جاهزة، وبدأت مالون تظن أنها عادت متماسكة عندما قال :"لقد وصل السرير".
فسألته على الفور بلهجة عدائية :"وهل كنت في غرفتي؟".
تلاشت العفوية من صوته "أليس مسموحاً لي أن اتحقق من تنفيذ تعليماتي بشأن النوافذ والأبواب؟".
رد بشي من الخشونه،، فنظرت إليه ثم إلى قهوتها.ما الذي جرى لها؟ هذا بيته ويمكنه ان يفعل في مايريد ساد الصمت بينهما
ثم تبددت الخشونه في صوته وسألها برفق : "هل أنت مستاءة؟"
نظرت إليه تعتذر، محاولة ان تفسر سلوكها :" آسفة ، أبدو حساسة أكثر مما يجب أن فقط..... أحب عزلتي."
لم تشأ أن تزيد فتشرح له ما حدث لها منذ سنوات، حين كان عليها أن تضع كرسياً تحت مقبض الباب كي تمتع دخول المتطفلين.
لم تشكره :"هل لي أن أسأل ما معنى هذا"؟
لم تؤثر عليه رغبتها في المشاكسة :"انت رحبت بي برائحة الطهي....وإذا بك تعاملينني بحدة لئلا اكون فكرة خاطئة عنك".
رات أن لا شيء يفوته، لكنها لم تهتم لذلك بل ردت عليه بحدة :" لم يكن الطعام من اجلك بالذات، حتى ولو اسعدني تقديمة لك ".
وشعرت فجأة بأنها لم تعد تستطيع ان تتحمل ، فتابعت تقول:"لدي حقيبة جاهزة ، سأذهب".
فسألها بدهشة وقد تصلبت ملامحه :" إلى أين ؟ لا أعتقدك ترحلين فقط لأن...."
- أنا لست راحلة، بل ذاهبة لأبيت هذه الليلة في فندق.. هل نسيت؟ .
- لا، لم أنس. لكنني طنت فقط، نظراً لبدايتنا الفاشلة، أنت لن تعودي.
ولانت لهجته مره أخرى:" أهلاً بك إذا شئت أن تبقي...."
فقاطعته بخشونه :" لا أريد ذلك".
فرد عليها بحدة " سامحيني لأنني ذكرت ذلك ، سامحيني لشعوري بالذنب إلى حد جعلني أبدو و كأنني أريدك أن ترحلي".
لم تشأ مالون أن تعتذر ، لم تشأ أن تكون هي المخطئة دوماً.. ودون أن تنظر إليه ، وتعبأ بقهوتها ، خرجت من المطبخ وصعدت إلى غرفبتها .
بعد ثوان فقط، نزلت إلى الطابق الاسفل حاملة حقيبتها. وعندما وصلت إلى الردهة كان هاريس قد خرج من المطبخ ووقف هناك حاملاً مفاتيح السيارة ، عندما أدركته، مد يده ليحمل عنها حقيبتها لكنها قالت وهي تتمسك بالحقيبة :" سأطلب من كيفين أن يوصلني إلى المدينة "ز
فأجاب بهدوء :" سآخذك انا".
وقبل أن تبدأ الجدال ، أخذ منها حقيبتها وأجلسها في سيارته ثم انطلقا من المنزل. ولكن لما كانت تجادوله؟ وجد مالون نفسها تتساءل بصمت . إنها لم تر منه غير الشهامة والتهذيب وتملكها فجأة شعور بالسوء .
فقالت له من دون تفكير :"آسفة ".
وعندما حول عينية لحظة عن الطريق لينظر إليها ، تابعت تقول :"لا أدري لما أنا...."
وفتشت عن كلمة فلم تجد أفضل من كلمة قالها لها وبدت لها مناسبة الآن
" .........فظة بهذا الشكل".
- أنا أعرف.
أدهشها جوابه الرقيق وقد حول نظراته الى الطريق، وحدقت الى جانت وجهة "أنت ؟"
- مازلت تعانين من الأذى الذي لحق بك الأحد الماضي ؟
فكرت مالون في ذلك ، فما عانته من رعب وفزع وهي تركض تحت سيل المطر المنهمر ، كان وحده كافياً بغض النظر عم حدث من قبل. أمضت طوال الاسبوع في استعادة الصورة المروعة لوجه فيليبس الشهواني وهو يحاول أن يمزق ملابسها . عندئذ، خطر في بالها ، أن لا أحد يمكنه أن يشفى على الفور من شي كهذا . فقالت متنازلة :" قد تكون على حق . أرهقتني الذكريات وراودتني الكوابيس".
- ألم تنامي جيداً؟
- يختلف الأمر عندما أنهض باكراً لأذهب إلى العمل".
قال ببطء " حسب بوب ميلز الذي اتصلت به الخميس، انت دوماً مستيقظة وتعدين إبريق الشاي أو القهوة عندما يصل عند الساعة الثامنة إلى ربعاً"
- لم أكن أعلم ان لديك جواسيس هنا.
- هل عدت إلى الفظاظة مره أخرى؟
لكنها لم تجد في لهجته أي انزعاج بل مجرد دعابة واحبت تصرفه.
فقالت باسمة :" لن أقول آسفة مره أخرى".
لكنها تابعت بجد :" بالرغم من شهامتك ولطفك ، أنت ..........."
- هيه...... سوف تمنحينني هالة قديس الآن!
- أشك في قداستك.... إنها شهامة منك أن تتوقف الأحد الماضي كما فعلت.
- يهمنا أن نرى إمكانية علاج لتلك الذكريات والأحلام، أتحبين أن تري طبيباً نفسياً؟ يمكنني أن أرتب لك ...
- رباه ، هذا ليس ضرورياًّ لو عرفت انك ستهتم بالأمر جدياُ لما أخبرتك.
- الأمر جاد ، يا مالون،فأنت متوترة معي أغلب الاحيان. لا اريد أن يتأصل فيك الخوف من الرجال بسبب صهري..
فهتفت بضيق :" أنا لست خائفة من الرجال!أتحدث إلى العمال طوال النهار"
وعندما لم يقاطعها هاريس، وجدت نفسها تقول بغضب:" قد أكون حذرة أحياناً ، وعلى شي من الاحتراس، ولكن ليس بسبب فيليبس وحده ........."
وسكتت فجأة، كارهة هاريس لأنه أغضبها إلى حد جعلها لا تنتبه إلى ما تقول .
و زادت كراهيتها له عندما نظر إليها وسألها بخشونه:" هل حدث لك تجربة مماثلة ؟ سيضاعف ذلك من شناعة تصرف فيليبس".
فأجابت بحده : " لا أريد أن أتحدث عن ذلك ، كما أنه لم يكن بنفس السوء . انتبه إلى الطريق".
وعندما رأت أنهما أصبحا في الشارع الرئيسي، قالت :" يمكنك أن تنزلني هنا و أنا سوف ......."
تجاهلها ... فأرادت أن تضربة بقبضة يدها . لم تعرف قط مثل هذا الرجل .كانت تريد أن تبحث عن نزل مناسب يقدم سريراً وإفطاراُ ، في حين أنه يريد أن يأخذها إلى اجمل فندق في المدينة.
عندما أوقف سيارته في موقف فندق كليفتون، صممت أن لا تدخل إليه . نظرت إليه بعناد ، فبادلها النظر قال :" لا تصعبي الامور، يا مالون".
أحست بشي من الضجر في لهجته.. فشعرت بالذعر. لاشك أنه يجهد نفسه في العمل ويمضي ساعات طويلة ليحقق النجاح الذي يتمتع به . ربما ترك لندن ليأتي إلى " هاركورت هاوس" آملاً في أن يجد الراحة والاسترخاء عدة ساعات قبل أن يعود للكفاح في عالمه.
- أنا...
فتحت فهمها لتقول أنها اسفة ثم ترددت غير واثقة من السبب الذي يجعلها تعتذر، وبدلاً من ذلك قالت:" يبدو الفندق مترفاً بعض الشي، هل تظن ان بنطلون الجينز والقميص القطني سيتناسبان معه؟"
وفجأة ابتسمت العينان الرماديتان الودودتان لعينيها الواسعتين، وقال مداعباً :" انت متكبرة، يا مالون بريتويت"
- لا لست كذلك . كل ما في الأمر أن تربيتي سليمة .
أخذت ابتسامته تتسع، فخفق قلبها بشكل غير متوقع .ت تحولت نظراتها بعيدا، وأمسكت بمقبض الباب . وفي الوقت الذي أحضر هاريس حقيبتها ودار حول السيارة ليفتح لها الباب ، خرجت منها .
وبدأ واضحاً أنه كان ستعمل هذا الفندق كثيرا فقد تبادل التحية مع الموظفيين بالاسم.
وفي غمضة عين، وجدت أن غرفة حجزت لها في هذا الفندق المزدحم فيما وقف هاريس ينظر إليها وهو يقول :" سأحضر غداً لأخذك ".
وشعرت بالذنب لتحميلة هذا العبء فقالت بإصرار :"بل سأستقل سيارة أجرة".
- أتطعنين في قيادتي؟
- لا أجؤ على ذلك . وضحكت
وشعرت بالأمان، وبقي هذا الشعور حتى عندما استقرت عيناه على فمها .
بعد ذهابه تملك مالون شعور غريب، ليس شعور بالحرمان بالضبط. لم تستطع أن تحدد هذا الشعور ، لكنها افتقدته.
في غرفتها في الفندق، نبذت من ذهنها هذا الهراء ، كانت تشعر بالوحدة لا اكثر،
فتذكرت أمها، رفعت سماعة الهاتف . منذ عشرة أيام ، اتصلت بها أمها إلى " آلمورا لودج" لذا من الأفضل أن تتصل بها .
جاء اتصالها في الوقت المناسب لا امها قالت لها " كنت على وشك ان اتصل بك " وقد بدت السعادة في صوتها والسرور بسماع صوت ابتنها .
سألتها مالون " هل تسير الأمور على مايرام؟"
- بل على أحسن ما يكون، وجون رقيق للغاية . لقد نسيت تماما كيف يتصرف الرجل المهذب الحقيقي.
سألتها أمها " كيف الحال معك ؟ هل رأيت مخدومك كثيرا هذا الاسبوع؟"
أدركت مالون انها تعني رولاند لانها اخبرتها في آخر اتصل بينهما انها نادرا ما تراه.
لم تستطع مالون ان تفسد لى امها سعادتها الجديده فأجابت :" لم أراه منذ الاحد الماضي".
ستتألم إذا عملت بما حدث لها مع رولاند ، وربما ستلح عليها للعيش معها ومع جون لو اخبرتها أنها تعمل لدى رجل أخر
تحدثت مالون طويلا إلى أمها، ثم وضعت السماعة أخيرا وقد زاد اقتناعها بأن أمها أصابت في الزواج من جون الذي لا يقارن بأمبروز حينكنز .
أدركت أن أجزة هذ الفندق ستحدث شرخاً كبيراً في ميزانيتها ، فاختارت أن تخرج وتشتري شطيرة لغدائها.
عادت لغرفتها في الفندق قبل العشاء ، ففكرت في الخروج وتناول طعام خفيف في مكان ما، ثم وجدت نفسها تتساءل عن المكان الذي يتناول هاريس فيه طعامه، تمنت ان يأكل من فطيرة الخوخ.. ثم أدركت أنها تفكر في شي من العطف.
افرغت حقيبتها ثم سارت إلى الخزانه واخرجت بنطلوناً انيقاً وبلوزة.
عندما نزلت، كانت غرفة الطعام مزدحمة بالزبائن، ورأت مجموعة كبيرة تحتفل بشيء ما، كما يبدو .
شرعت مالون بتناول الوجبة التي طلبتها ، وعندما أخذت تتناول الحلوى، أدركت أن الحفلة كانت احتفالا باليوبيل الذهبي لزوجين .لم تكن تنظر باتجاههم بشكل خاص، ولكن لم يفتها رؤية باقات الأزهار الضخمة التي تحفل بها المائدة ، أو رؤية الزوجين المرحين اللذين لم يبد عليهما انهما كبرا في السن .
تناولت قهوتها في قاعدة الجلوس وقد خف اضطرابها . وجدت وهي ترشف قهوتها أنها تفكر في هاريس. ومره أخرى، وجدت نفسها تتساءل إن كان لديه صديقة في هذه المنطقة ليستري أملاك " ابرماسي" لكنها بعد التفكير ملياً، استبعدت الامر ‘ اذا كان راضيا تماما عن حياة العزوبة ،فمن غير المحتمل أن تيخذ صديقة دائمة.
- هل هذا المقعد مشغول؟
رفعت بصرها فرأت رجلا وسيما في حوالي الخمسة والعشرين ن فقالت له باسمة:"لا بأس ، خذه".
ثم اكتشفت انه غير متعجل للذهاب إلى ان ذكره شخص ما بواجبه.
وبعد دقائق، وفيما كانت مالون تهم بالعودة إلى غرفتها عاد الرجل فظنت انه جاء ليأخذ كرسياً آخر. لكنه، بدلا من ذلك ، احضره إلى جابنها:" هل لديك مانع في أن أجلس عدة دقائق؟ قولي لا ، فأذهب".
بدأ لطيفاً، فسألته :" ألا يتوقع أصحابك عودتك؟"
انه اليوبيل الذهبي لزواج جدي . كل الأسرة منغمسة في الذكريات. لكنني لست كبيراً إلى حد يكفي لمشاركتهم بذلك .
أعجبت مالون بتوني ويلسن. كان شاباً مرحا ًسهل المعشر فلم تجد سبباً يمنعها من أن تصارحة عندما سألها أن كات تمضي إجازة في المنطقة ، فأخبرته بأنها هنا لليلة واحدة.
- ماهو العمل الذي تقومين به؟
- حالياً أقولم بعمل مؤقت (كمشرفة) في منزل . أراقب عمال البناء وما شابه ذلك.
- هل أصحاب البيت متغيبون معظم الوقت؟
- جاء صاحت البيت هذا الصباح.
- ومنحك إجازة الاسبوع؟
فكرت مالون في ان الوقت حان لتذهب فقالت:
- بعض افراد اسرتك ينظرون في اتجاهنا ، أظنهم يريدونك.
نظر توني إلى الخلف ولوح بيده ثم التفت إليها يدعوها :" تعالي معي ، تعالي والتحقي بالحفلة ".
- لا يمكن
- سيرحبون بأن تجلسي معهم.
هزت رأسها واوشكت أن تقول إنها تود قراءة كتاب جيد، ثم أدركت أن ذلك يدل على قلة تهذيب.
- لا ، ولكن شكرا.
لم يكن الكتاب بمستوى التعريف به . ولكنها شعرت فجأة بالاضطراب مره أخرى، حاولت الاستغراق في قراءته دون نجاح ، فوضعته جانباً ثم دخلت الحمام لتستلقي في الحوض فترة طويلة بينما أخذ عقلها يجول حتى انتبهت فجاة إى لانها تفكر في هاريس كويليان..
صحيح انه كان شهم معها .. بل اكثرمن شهم ، وسخياً أيضا وهو يلح عليها بقوبل أجرها مقدما ، ولكن عندما تذكرت أنه كان أحياناً بالغ الحدة معها، قررت انه لا يستحق كل هذا الاهتمام منها.
في تلك الليلة غزا نومها المزيد من الكوابيس، وعندما استيقطت ، سرها أن تغادر سريرها . اغتسلت وارتدت ثيابها، فرأت من حالة الجو أنه لن يكون مشرقاً كالامس
ابتدأ المطر ينهمر بينما كانت في صالة الطعام تتناول إفطارها .. إذا استمر المطر، فسيكون عليها غداً أن تمضي معظم الوقت في إفراغ الدلاء.
ابتسمت للفكرة ، وأدركت بحماقة ، بنها رغم رفاهية الفندق، مستعدة للعودة إلى " هاركورت هاوس" مع أن المنزل مازال بعيداً عن الاكتمال ، إلا انها تتطلع بشوق للعودة إليه.انتبهت إلى نفسها عليها ألا تتعلق بالمكان لانها ستعادرة بعد نحو ثلاثة اشهر.
سارت إلى غرفتها وجمعت حاجياتها القليلة ولكنهالم تكن واثقة متى سيصل هاريس ليأخذها . تركت حقيبتها في غرفتها ثم نزلت إلى مكتب الاستقبال لتدفع أجرة الليلة .
وعندما طلبت الحساب قالت لها الموظفة :" الحساب مدفوع".
- مدفوع ؟ لا بد أن هناك خطأ ما .... أنا لم ...
- ترك السيد كويليان خبراً بأن نرسل إليه الفاتورة ، وأنا لا أجرو على تسليمك إياها
أوشكت مالون على اعتراض، عندما ظهر توني ويلسن أمامها، فالتفتت الموظفة إليه.
- كنت أرجوا أن أراك هذا الصباح .
تكلم بصراحة ، صم اضاف :" استعجلت في الصعود إلأى غرفتك الليلة الماضية فلم تسنح لي فرصة طلب موعد منك للخروج ذات ليلة . يمكننا ان نتعشى معاً في مكان ما ".
- آسفة ، يا توني .
أوقفته عند حده على الفور،بنفس لطفه ورقته. سيمضي وقت طويل قبل أن تفكر في الخروج مع رجل مره أخرى، ولكن لطفه وصراحته حملاها على أن توقل له بصدق " أنهيت علاقتي مع صديق من وقت قريب ، وما زلت غير مستعدة لعالقة جديدة بعد".
- أنا أسف.
ولكنه لم يكن مستعداً للتخلي عنها:" ربما إذا أعطيتني رقم هاتفك ، يمكننا أن نتحدث هاتفياً فنتصادق مع بعضنا قليلاً. يمكنك ن بهذا ، ان تعرفيني...."
فقاطعته بحزم مقنع :"لا"
لكنه لم يذعن :" هل ستكونين في هذا الفندق في العطلة القادمة ".
وضحكت مالون.
وفي هذه اللحظة ، شعرت بأنهما لم يكونا وحدهما ، فالتفتت لترى عينين رماديتين حادتين تخترقان أعماقها، فهتفت بدهشة :"هاريس؟"
لم تره أو تسمع صوته وهو يقترب كما لم تكن تتوقع حضوره إلى الفندق بهذه السرعة .
لا حظت أنه لم يكن متحمساً تماما لوجوده هناك. لم يتحرك توني كما أن هاريس لم يقل شيئا وهو ينظرإليه. وادركت هي أن الخيار خيارها فقالت :" توني، هذا رئيسي في العمل هاريس كويليان . وهذا توني ويلسن".
تنحت جابنا بينما حيا الواحد منهما الاخر بتهذيب
قال هاريس بخشونة :"إذا كنت جاهزة؟".
ومره أخرى، شعرت بدافع إلى ضربه. لكنها قالت بأدب:"سأصعد لاحضر حقيبتي"
ثم سارت نحو المصعد برفقة توني.
عاد يسألها وهما بانتظار المصعد :" هل أنت واثقة بشأن رقم الهاتف؟"
- نعم .
والتفتت إلى حيث كان هاريس ينظر إليهما من دون أن يبتسم .وبعكسه ، أدركت أنها لن ترى توني ويلسن مره أخرى بعد الآن فمنحته أجمل ابتسامه. لكنها في المصعد لم تكن تبتسم . قد كان هاريس مستعجلا في الذهاب إلى لندن ، ولكن لم يكن ذبنها انه مضطر للحضور ليأخذها . كان ليسرها أكثر لو عادت في سيارة أجرة . وقد قالت له رأيها ، فالذنب إذن ذنبه هو .
بعد أن استقرت على هذا الرأي ، احضرت حقيبتها والكيس البلاستيك الذي يحوي مشترياتها ومن ثم هبطت بالمصعد. تضايقت حين لم تره واقفا ينتظرها بفروغ صبر، بل كان يتحدث مع موظفة الاستقبال التي بدت مشدوهة به.
قاطعتهما مالون ببشاشة :" انا جاهزة عندما تريد".
استدار اليها ونظر إلى كيس مشترياتها، ومع انه حيا الموظفة مودعاً وهو يأخذ الحقيبة من مالون، فقد بدأ عليه أنه ودع ايضا ظرفه. قررت عدم الاهتمام، وخرجت من الفندق.
توقعت ان يمضيا رحلتهما بصمت إلى البيت، واذا به يسألها بلهجة غير ودودة :" من هو ذلك الرجل ؟"
- من ؟
كانت تعلم جيداً من المقصود ولكن، بما أنه مستعجل ليعود الى لندن ، فلم تكن مستعجلة لمساعدته أيضاً.
- ويلسن!
- إنه نزيل في الفندق.
- هل تعرفت عليه أمس؟
وقررت ألا تجيب . لم كل هذه الأسئلة ؟ ولكنها بعد التفكير مليا رأب أن لديه غرضاً من ذلك :" هذا صحيح".
- هل تعشيت معه؟
- لا.
- لكنكما تواعدتما على اللقاء مره آخرىز
فقالت بحدة :" لا. هذا لم يحصل".
- أين يعيش.
- في الجوار.
- هل أخبرته أين تعيشين؟
- وهل من المحتمل أن أفعل ؟
ردت عليه بحدة وحرارة . لقد نالت ما يكفي من الاسئلة . ولكن ، ربما لا يريد هاريس أن يعطي عنوانه لأحد على الاطلاق . وربما هو يحب عزلته كما تحبها كذلك.
ظنت أن جاوبها كاف ، وان هاريس انتهى من الموضوع. لكنها تبينت أنها مخطئة عندما صاح مزمجرا:"وهل أعطيته رقم هاتفك ؟"
شعرت بسرور بالغ وهي تجيبة بغطرسة :" ربما غاب عن ذهنك اننا لا نملك واحداً".
ظنت أن لهجتها المتغطرسة ضايقته ، ولكنها اكتشفت الآن خطأها. في الواقع ، فقد صوته خشونته وهو يسألها:"أليس لديك هاتف خلوي؟"
- "لا"
مضت دقيقتان كان ينظر فيها إلى كيس مشتريات :" أرى أنك كنت تتسوقين. لم أفكر في ذلك قط، علي أن اعطيك نقوداً لنفقات البيت".
يالهذا الرجل ! سألته مشاكسة :" هل تتعمد استفزازي"؟
فالتفت إليها بحيرة صادقة :"وماذا فعلت؟"
- يكفي أنك دفعت فاتورة الفندق اليوم، إلى جانب كل تلك النقود التي اعطيتني إياها الاسبوع الماضي.
فقال بلطف :" يا مالون المتكبرة!هل ستسامحينني لأنني جرحت إحساسك؟"
همد غضبها في لحظة. وشعرت برغبة في الضحك، فحولت وجهها إلى النافذة كيلا يرى ابتسامتها. كانت الضحكة تحتنق في صدرها . واخيراً التفتت إليه تسأله
- لماذا أشعر برغبة في الضحك ؟
عاد ينظر إليها ، وبعد لحظة قال :" لانك، في الاساس لديك طبيعة مشرقة . لكن الحياة مؤخراً، لم تسعدك . وقد بدأت طبيعتك المشرقة تظهر من جديد".
- لم أطلب منك تحليل نفسيتي.
أعلنت هذا بشيء من التوتر وقد فارقتها الرغبة في الضحك. لكنه ضحك ، واستاءت لذلك . قال : هل هذا ما فعلته أنا؟"
لم تعبأ بأن تجيب ، لكنه لم ينزعح لذلك بل تابع: " علي أن أمدحك لما فعلته؟"
أثار كلامه فضولها :" وماذا فعلت ؟"
- لأانك جعلت منزلي " هاركورت هاوس" بيتاً حقيقياً .
حملقت فيه.. شعرت بالغرور لأنه لاحظ أنها غيرت الملاءات وعلقت مناشف نظيفة.
- هل كنت في غرفة الاستقبال؟
- أضفت الأزهار جمالاً.
وفجأة ، بدا أن العداء بينهما قد تلاشى.
لم تستطع أن تفهم المودة التي شعرت بها وهي ترى "هاركورت هاوس" مرة أخرى. حتى مع المطر ، بدا المنزل و كأنه يرحب بها. وقالت لهاريس وهوينقل كيس مشترياتها إلى المطبخ : " هل لديك قت لتناول فنجان قهوة ".
وضع ما يحمله على مائدة المطبخ ونظر إليها :" وهل أنا ذاهب إلىأي مكان؟"
- ولكنك......
وسكتت . ألم يقل لها يوم الأحد الماضي أنه سيأتي إلأى الفندق ليأخذها إلى البيت قبل أن يعود إلى لندن؟ على كل حال ، غمرتها بهجة غير متوقعة لأنه سيتأخر معها عدة ساعات قبل ان يعود إلى لندن . قال وهي تتجة إلى الباب :
- سأخذ حقيبتي إلى غرفتي .
رباه، كانت مسرورة حقا لبقائه.
أوقفت أي تساؤل عما يجري لها لتشعر بكل هذا السرور ، وهي ترى الدلاء التي وضعتها أمس تداركاً لأي تسرب، وقد بدت طافحة بالمياه.
وضعت حقيبتها على الأرض و فتحت غرفة قريبة منها مزودة بحما، ثم حملت بحذر الدلو . كان عليها أن تحمله ببالغ الحذر ، وبعد أن أفرغب محتوياته في الحمام، وضعت غيره قبل أن ينساب الماء المتسرب على الارض.
حملت الدلو التالي، وهو ممتلئ، ببط بالغ، لكن حين استدارت بسرعة لتضع بديلاً له ، اصطدمت بهاريس الذي كان يصعد السلم. ولسوء الحظ ، كان دلوه ممتلئاً، فلم يستطع أن يتحكم في محتوياته و انسكب على أرض الحمام، بينما اندفع النصف الأخر على مالون والارض .
كان الماء بارداً ، فتراجعت مالون وهي تترنح. شهقت للصدمة المفاجئة وابتدأت تضحك . ولكن ما إن تقوس فمها حتى وقع بصرها على هاريس، فتلاشت رغبتها بالضحك. لم يكن ينظر إلى وجهها بل إلى الماء السائل على قميصها.
لا حقت نظراته فكادت تشهق من جديد فقميصها القطني أصبح الآن ملتصقاً بجسدها. كان هاريس واقفاً من دون حراك يحدق فيه، كالمسحور!
سقط الدلو من يدها، وعندما وصل إلى الأرض وتعالت قرقعته ارتفعت عيناه إلى ملامحها المرتجفة :" مالون أنا......."
لكنها لم تبق لتسمعه ، فقد اندفعت هاربة لا تدري إلى أين ، حتى وجدت نفسها في حمى غرفتها.
تبعها هاريس إلى هناك ، فصاحت به وقد تواردت الصور إلى مخيلتها .. لقد صرخت بهذا الشكل في وجه لي جنكنز منذ سنوات طويلة .
أسرع هاريس إليها وامسك ذراعها بقوة قائلا فيما هي تحاول أن تحرر نفسها منه :" اهدئي. لن أؤذيك. أنت أمنه معي، امنه . دعي عقلك الخائف يفهم أنك أمنة".
حدقت مالون فيه. كانت عيناه تحدقان في عينيها بحزم، مركزاً انتباهه على اقناعها بأنها أمنة، وانه لن يؤذيها . توقفت عن المقاومة ، لكنها بقيت تراقبه بحذر.
وعندما رآها مصغية إليه، تابع يقوم :" اصغي إلي. أي شخص مكاني كان لينظر إليك ليرى إن أصابك مكروة . أنك عديمة الثقة، ويمكنني أن أفهم السبب. ولكن حاولي أن تثقي بي لانني ذو ......."
فقاطعته وقد أسامتها المحاضرة :" ذو عينين لا تستطيعان الامتناع عن الحملقة ".
تكلمت بلهجة عدائية ، فاكتشفت أن كلماتها أقوى من مقاومتها لتحرير ذراعها من قبضته.
لمعت عيناه بخشونه، فترك ذراعها فجأة :" من المستحيل أن يتفاهم الانسان معك"
ثم استدار مندفعاً إلى خارج الغرفة ، وبعد فترة سمعت هدير سيارته. لا شك في أنه غير رأيه بشأن العودة إلى لندن . حسناً، انها مسرورة ، مسرورة ، مسرورة . وإذا خالفها الحظ، فسينسى العودة إلى هنا تماماً .
نهاية الجزء الثالث
4- ماذا يحدث لها ؟
توقف المطر أثناء الليل بمعجزة ، واستيقظت مالون على صباح مشمس رائع
تمنت لو أنها استيقظت بالاشراقة نفسها .قال لها هاريس إن طبيعتها، في الاساس، مشرقة . وقد عكرت كوابيس الليل مزاجها.
تركت سريرها وقدتملتها الكآبة. لم تكن أخلامها هي الغمامة الوحيدة في يومها ، فبسبب موفقها منه أمس، اختصر هاريس زيارته . لقد جاء إلىهنا ليرفة عن نفسه، فأفسدت الأمر عليه.
استعرضت مالون أحداث امس، شاعرة بالخزي من نفسها، تلك الاحداث التي دفعت هاريس إلى الذهاب مبكراً. ( أنت آمنه معي. دعي عقلك الخائف يفهم هذا ) هذا ما قاله لها، ولكن لم يكن لديها منطق يتقبل المحاضرات... ربما رحل لظنه انها لن تهدأ إلا إذا خرج .
أمضت مالون يوم الاثنين في إعداد الشاي للبنائبن ولم يفارقها الشعور بالخزي للطريقة التي عاملت بها هاريس. كانت تعلم أن حالتها لن تتحسن إلا بعد أن تعتذر له.
من الغريب انها نامت تلك الليلة لاول مرة من دون احلام ، استيقظت صباح الثلاثاء على يوم مشمس أخر، فسارت إلى إحدى نوافذها لتنظر إلى سكون المكان وصفائه .. قبل حضور البنائين . وغذا بها تدرك أن المنز مبني على أروع بقعة
مع تحسن الطقس ، انتعشت نفسية مالون إلى حد انها ، عندما رات أحد العمال يلقي الجريدة جانباً ، استعارتها منه الوظيفة الوحيدة مع السكن التي أعجبتها هي في مكتب استقبال في فندق. ولكن ، هل تريد ذلك حقا؟ كان عليها ان تجد عملا ً وسكناً بعد أقل من ثلاثة أشهر ، لانها لا تريد أن تلجأ إلى أمها ، مما دفعها إلى التدقم بطلب لذلك العمل ، لكنها لم ترر تماما وضع الطلب في البريد إلا يوم الخميس.
لم تكن واثقة من موقع أقرب صندوق بريد، فذهبت لتبحث عن كيفين . فقال لها دين :" لن يعود كيفين قبل ساعتين، لوكن إذا كان الامر مستعجلاً، يمكنك أن تستعيري دراجتي".
- هل أنت واثق؟.
- أنها ليست أفضل دراجة عندي.
وبعد خمسة دقائق كانت تمتضي وقتا ممتعا في قطع الطريق، لم تر صندوق بريد إلا بعد أن أصبحت قريبة من حانوت شيروين. لكنها ، بعد ان وضعت رسالتها في الصندوق ، شغلت نفسها في طريق العودة بتفحص الطرق الفرعية المختلفة ، إلأى ان لاح منزل هاركورت هاوس . فتملكها شعرو بأنها ستكره مغادرة المنطقة .
بما أنها انطلقت عازمة على ألا تنطلق بتردد بل بأبهة ، فغذا بها تعود بأبهة وسرعة معاً، وهي ترى هاريس وسيارته الفخمة.
مرت بجانبة متابعة طريقها لتعيد الدراجة إلى صاحبها ويه تقول باسمة "شكرا يا دين".
- يمكنك أن تستعيريها في أي وقت .
شكرته مرة ثانية . لكنها اعترفت بوجود كل انواع المشاعر في داخلها ، وادركت أن لا علاقة بركوبها الدراجة بعد انقطاع سنوات .
كانت تقترب من المدخل الخلفي للبيت عندما جاء هاريس وسار بجانبها سائلاً
- لمن الدراجة ؟
- انها لدين زميل تشارلي السباك.
وعندما أدركت أن هاريس لم يكن يسأل عن إيضاح وجدت نفسهاتتابع ثرثرتها
- لستعرتها لأذهب إلأى البريد وأرسل طلب عمل
وقف هاريس فحذت حذوة ( ألست سعيدة هنا)؟
حدقت مالون إليه ، ثم ألقت نظرة ذات معنى على ادوات العمال المتكومة في أنحاء الردهة ، ولم يكن بحاجة إلى قول المزيد ... فضحك الإثنان.
قالت:
- كنت على وشك تحضير القهوة ، أتريد فنجانا؟
- كنت أظن ان علي تحضير قهوتي بيدي.
وابتسم لها، فأسرعت إلى المطبخ
- أليس لديك عمل اليوم ؟
ألقت عليه هذا السؤال وهما يرتشفان القوة في المطبخ ثم تملكها شعور مفاجئ بالتوتر " أسفة ، أنه سؤال غبي وانا أراك ترتدي بذلة العمل "
- هل انت متوترة الاعصاب بسببي؟
- لست متوترة
ولإثبات ذلك منحته ابتسامة " ما اشعر به هو الارتباك والذنب لانني مدينة لك باعتذار ولا اعرف أحسن طريقة لذلك ".
تسمرت عيناه على عينيها الجمليتي وقال بهدوء :" انا معجب بصدقك يامالون، ولكن لاتشعري بالارتباك هل الاعتدار الذي تدينين لي به شخصي ؟
- أنت تعلم أنه كذلك . لقد جئت إلى هنا في عطلة الاسبوع الماضية لكي ترتاح ، لكن سلوكي المنفعل جعلك تعود إلى لندن مبكراً.
فسألها جاداً :" هل تشعرين بالذنب لهذا؟"
فأومأت : " وبالخزي أيضاً".
فقال برقة :" مالون. لقد مررت بأوقات عصبية، من الطبيعي جدا أن ينفعل الشخص أحياناً"
ترك كرسية واقترب منها باسما وهو يربت على أنفها :" وما كان ينبغير لي أن أستاء من عدم قدرتك على الثقة بي . لم تصدقيني عندما قلت لك أنك أمنه معي".
- آه ، ياهاريس ... انا...
ابتدأت تتلكم بعجز ، وقد أدركت أنه أكثر حساسية بكثير مما كانت تظن . لكنه ابتعد عنها عدة خطوات ناقلاً فنجان قهوته إلى المجلي
- لا تهتمي للأمر.
ثم انتقل إلى موضوع جديد :" فكرت هذا الصباح في المجيء لإلقاء نظرة على العمل وتفحص بعض الاشياء مع بوب ميلر. بعد ذلك يمكنني أن أخذك لتناول الغداء في المدينة إذا شئت".
أعجبها الامر وسرها انه سألها، فأجابت :" هل يمكنني أن أطهي لك شيئاً هنا؟".
فقال دون تردد :" شكراً . هذا حسن ".
يبدو أنه سيعود للندن حالما ينتهي من تناول الطعام ، لذا فهو لا يريد أنيسرع بتناول الغداء
عاد هاريس بعد نصف ساعة ، فسألته :" هل تريد أن تأكل ؟"
وعندما جلسا، أعلن :" ما ألذ الطعام مع أنك لم تعلمي أنني سأتغذى هنا . ولكن الطعام ممتاز".
- أنه مجرد طعام سريع.
اعترفت لنفسها بأنها تشعر بالسعادة . ومع انتهاء الغداء ، قال هاريس انه جاء اليوم لانه لن يأتي في العطلة الاسبوعية ، تملكها شعور غريب يمكن وصفة بأنه خيبة أمل ، لكنها وجدت هذا الوصف سخيفاً، لا سيما وا ن عليها أن تذهب إلى الفندق فلا تراه أبداً حتى لو جاء لقضاء العطلة في البيت ، ولماذا تريد رؤيته؟ أليس جنوناً؟
صرفت من ذهنها هذه الافكار ، فسألته:" مالذي جعلك تختاز هذه المنطقة بالذات؟ ألان أختك .......".
وسكتت، لكن هاريس أجابها :" لم تكن فاي تسكن في هذه المنطقة حينذاك، لقد رأت ألمورالودج في اول زيارة لها إلى هنا. وعندما اكتشفت أن اصحابه كانوا يؤجرونه اثناء غيابهم خارج البلاد لمدة سنة ، اقنعت زوجها بشرائة "
وسكت هاريس ، ثم ‘اد يسألها بهدوء :" أرجوا أن لا تكوني قد رايته؟"
-لا ، الحمد لله.
- ماذا عن كوابيسك .
- لقد ذهبت
- تماماً؟
- لم تعاودني منذ......
أرادت ان تقول منذ الأحد الماضي . ولكن شعورها المفاجئ بالحساسية نحو هاريس، منعها من أن تذكره بذلك الخصام الذي حدث بينهما الأحد الماضي لذا قالت " ثلاث ليال".
لاحظت انه أخذ يحسب في ذهنه على الفور، ولكن كل ما قاله هو
- حافظي على هذا المستوى الجيد.
سألها :" اتريدين عونا في غسل الأطباق؟
أوشكت على الضحك ، شاعرة بالمرح ، وأجابته ببشاشة أن لا داعي لذلك ، لذا خرج .
افتقدته بعد ذهابه فتساءلت عن السبب وهي لا تكاد تعرفه ؟
اكتشفت صباح السبت، أن ما كانت تفكر فيه هو هاريس ، فهو دوما في بالها. حسناً ولم لا ؟ فلولاه الله وحده يعمل ماكان ليحدث لها .
كان العمال منشغلون والضجج عالي اكثر من العادة ، فخرجت لتتمشى ، اخذت معها حقيبة يدها وبحثت عن كشك الهاتف لتتصل بأمها. في الطريق الريقي أخذت تسير وهي تتساءل عما يفعله هاريس في هذه العطلة الاسبوعية ، أترى على موعد مع امرأة ؟ وشعرت مالون بالضيق، ,إذا تنتبه إلى هدير سيارة قادم من خلفها .
لم يكن هناك رصيف ، فتحولت إلى جانب الطريق ، وبدلا من ان تسر السيارة بها ، كما هو متوقع ، إذا بها تتباطأ . عندما أوشكت على الالتفاف لترى أن كان هذا الغريب يريد أن يسأل عن وجهة ما ، سمعت صوتاً جمد الدم في عروقها
- هل يمكنني أن أوصلك ؟
أنه صوت رولاند فيليبس، هي واثقة من ذلك ، أرادت أن تهرب فلم تجب ، عندئذ وقفت السيارة أمامها.... ثم عرفها .
حسناً، حسناً ..... مالون بريتويت!
استمرت في سيرها ، فقاد سيارته بجانبها :" والان مالذي تفعلينه في هذه المنطقة ؟"
حاولت أن تتجاهله ، لكنها وجدت أن الشرير أدرك أن لا بيت في هذه الانحاء سوى بيت شقيق زوجته .
-لا تخبريني انك تقيمين في هاركورت هاوس !
مستحيل أن تخبره بشء ما ، لكن الخوف تملكها لم تكن تريد أن يعرف هذا الرجل أين تسكن أو أنها ستكون هذه العطلة الاسبوعية وحدها في البيت .
- هل تقيمين مع هاريس كويليان؟
وقفت لتجيبه غاضبة "أنا مدبرة بيته"
- هذا اسم جديد لذلك .
وادركت /الون أنه يفكر بالسوء، وتمنت لو ان هاريس أمعن في ضربه
وعاد فيليبس يسأل :" هل هو هنا هذه العطلة الاسبوعية ؟"
فتملكها الخوف :" سأبلغه تحياتك حين أعود . اليس كذلك ؟"
استطاعت أن تتمالك نفسها وهي تسأله، ملقية نظرة ذات معنى على ذقنه عله يتذكر لكمة هاريس له . استنتجت من النظرة الحاقدة التي رمقها بها انه لم ينس ذلك ، ثم وضع قدمة على دواسة البنزين وانطلق بالسيارة .
فاستدارت عائدة إلى البيت
عادر العمال المنزل بعد الظهر مباشرة .
ضهبت إلى سريرها تلك الليلة ، شاعرة بقلق بالغ ، ودعت الله أن يكون مخدومها السابق قد صدقها عندما قالت له ان هاريس موجود بالمنزل.
تاكدت مرتين من ان باب غرفتها مقفل من الداخل ووضعت كرسيا وراء الباب ويه المرة الاولى منذ رحل جنكنز وابنه. وقبل أن تصعد الى سريرها وبالرغم من انها واثقة من ان رولاند سواء اكان ثملا ام صاحيا لن يصعد على ماسورة المياة ، إلا انها تأكدت من ان نوافذها مقفلة .
عادت لها الكوابيس تلك الليلة ،
يوم الجمعة وصلتها رسالة تفيد بأن وظيفة الاستقبال التي تقدمت بطلبها ، قد شغلت . اعترفت مالون لنفسها أنها لم تشعر بالاستياء لذلك ، وعادت إليها طبيعتها المشرقة رغم ان الجو تحول إلى الكآبة .
في اليوم التالي توسلت إلى كيفين أن يأخذها معه إلى "شيروين". عادت من السوق بخضار طازجة وقطع الدجاج ،مصممة على أن تطهي مقداراً وافراً، ستتناول بعضا منه على عشائها هذا المساء، وإذا لم هاريس الخروج أو اذا كان يبحث عن طعام فستناوله .
ذهب العمال في الساعة الخامسة والنصف. وفي السادسة كان الطعام في الفرن ينضج ، عندما سمعت هدير سيارة تقف . اترة أحد العمال جاء ليأخذ شيئاً نسية؟ أم ...... أن هاريس جاء اليوم بدلا من الغد ؟
خوفاً من أن يظهر الانفعال في عينيها ووجهها ، ادارت ظهرها للنافذة من عادة هاريس أن يمر من قرب النوافذ بسيارته ، لكن لعل بعض المعدات تسد الطريق . إذا كان القادم هاريس ويقطع المسافة مشيا سينظر إلى الداخل
عندما مسعت شخصا يدخل إلى الردهة ، تمالكت مشاعرها إذا كان أحد العمال يمكنة أن ياخذ ما عاد لاجلة ثم يذهب , أما اذا ترك شيئا في الدخل فهي واثقة من انه سيناديها .
انفتح باب المطبخ ، وعندما التفتت، شحب وجهها :" أرى أن العمل قد انتهى في هذا المكان ".
قال رولاند فيليبس هذا وهو يدخل المطبخ .
شعرت مالون بالغثيان وسألته بفظاظة " ماذا تريد؟"
- لا تكوني فظة ، يامالون ، جئت أسدي إليك خدمة.
- لا اريد خدماتك
- بل تريدينها. لقد اتصلت امك .
- امي
رد باستهجان :" الم تخبريها انك تركتني في احرج الأوقات ؟"
- فكرت في انه من الافضل ألا اخبرها لما تركتك .
ردت عليه بحدة ليساعدها الله فهي هنا وحدها تماما ن بينما تنطق عينا فيليبس بتلك الشهوانية . وتابعت تقول :" وإلا لأصرت علي بالذهاب إلى الشرطة ".
أوضحت له مالون ظناً منها انها تحذرة
فقال وعيناه تجولان على جسمها :" لا تكوني شريرة ، يا عزيزتي، تعلمين انك ترغبين في "
قالت وهي تتراجع عندما اقترب منها :" انت لا تعرفني !"
- ذنب من هذا؟
قال هذا متذمراً ، وعندما اقترب خطوة أخرى منها ، واستمت رائحة الكحول في انفاسة ، لم تعرف إلى اين تذهب .
- لم لا يمكننا أن....؟
ابتدأ يتكلم ، ولكن كلامه تلاشى حين فتح الباب.
- ما الذي أتى بك إلى هنا؟
ألقى عليه هاريس كويليان هذا السؤال ووجهة عاصف كالرعد، فقفز رولاند مستديراً اليه"أنا ...انا .."
ابتدأ يرفع صوته ولكنه غير رايه وابتعد عن مالون وقال بالهجة لينة بعض الشي
- لو ان لديك هاتفا هنا لما ازعجت نفسي بالمجي على الاطلاق، جئت لاخبر مالون ان امها اتصلت بها .
لكن هاريس لم يهتم لقوله " لا اريدك في الجوار".
قال بحزم وهو يمسك باب المطبخ مفتوحاً " اخرج وإذا وطئت قدما واحدة في هذا المكان مره أخرى .. فلن أدعك بسلام ."
تكلم مكشرا بلهجة تحمل الوعيد ، ويبدو ان رولاند يعلم أن هاريس لا يلقي بتهدايداته جزافا. لذا لم يبق ليقول الوداع بل أسرع الخطى مبتعدا.
في هذه الاثناء كانت مالون على وشك البكاء لقدوم هاريس اليوم بدلا من الغد ، ورغم انها كانت ترتجف إلى أنها ابتدأت تتمالك نفسها وهي تهتف
- لم اكن أتوقع قدومك قبل الغد.
عادت ترتجف من جديد وهي ترى أن هاريس فسر وجود صهره بطريقته الخاصة وهو يقول
- هذا واضح .
فرددت كلامه بذهول :" واضح ؟ لا يمكن أن تظن لحظة ......."
فقاطعها :" كيف علم فيليبس أنك هنا؟"
شعرت بغضب مفاجئ . لكنها تمالك نفسها وهي تسير نحو الباب وقد منعتها كرامتها من ان تتنازل وتجيبه عن سؤاله بل قالت آمرة " أطفئ الفرن في السابعة . أنا صاعدة لأحزم أمتعتي ".
أنه وحش عنيد!
وفي الغرفة كان غضبها قد ازداد لحد انها صفقت معه الباب بعنف فاهتزت النوافذ.
كانت مجروحة غاضبة ، كما لم تحس من قبل ، واحست برغبة قوية في البكاء .كانت قد اخرجت ثوبين فقد عندما انفتح الباب ودخل منه، كانت تعرف ان الكرسي
يسد طريقه.. وكان الكرسي ثقيلا بحيث كانت تدور حوله لتوفر على نفسها عناء جره كل ليلة لوضعه وراء الباب لذا كاد هاريس يقع فوقه
قالت له بلهجة لاذعة :" أنا اضع هذا الكرسي واراء الباب تحت مقبضه لمنع المتطفلين من الدخول .
وسارت إلى إحدى الحقيبتين المفتوحتين على السرير لتضع الثوبين فيها .
أخذ هاريس ينظر إليها لحظة ، ثم قال :" أنا ليست ماهراً في الاعتذار"
- إذن تعلم انك مخطئ؟
- هل تضعين حقا ذلك كرسي تحت مقبض الباب أثناء الليل؟
هزت كتفيها لا تريد ان تخبره بشىء ... لكن الكلمات خرجت من فمها على اي حال: " ذهبت أتمشى يوم السبت الماضي . وكان صهرك ماراً بسيارته، فأدرك أين أقيم . ومنذ ذلك الحين وأنا اضع هذا الكرسي تحت مقبض الباب".
أعلن بتأثر بالغ : " مالون ، يا لي من **************** "
- هذا واضح .
وافقته على ذلك ثم تساءلت عما اذا كانت قد فقدت عقلها وهي تقذفه بكلمته
قال بلطف :" أنا آسف".
- تعتذر ؟ لم يؤذك ذلك ، صحيح؟
- هل تسامحيني إذا أعرتك الخلوي لتتحدثي مع أمك ؟
فترددت ، ثم تمتمت :"ربما ....."
- ألا تعلم أمك انك تركت منزل فيليبس ؟
- اتصلت بها ... من فندق كليفتون، لم أستطع ان اخبرها بذلك لئلا يتمكلها القلق.
تبدد غضب مالون الآن فيما اخذت تطوي الثوب .
فقال فجاة :" أنت لست مضطرة للرحيل ".
كانت مالون تعلم ، بعد تلاشي غضها انها لاتريد أن ترحل ، وتابع يقول :" في الواقع ، لست مضطرة للذها إلى اي مكان هذه العطلة ."
- هل أنت باق هنا؟
كانت تضعف، وكانت تدرك ذلك
- حتى يوم الاحد ، حاولي أن تثقي بي ، يا مالون.
لقد اصبحت تثق به نوعا ما . نظرت إلى عينيه الرماديتين مباشرة . وهما يتبادلان النظرات ، اذا بابتسامة ظافرة ساحرة تبدو على وجهة ، فشعرت بالعجز .
قال متوسلاً بداعابة :" أرجو أن تبقي. أعلم انك ستكرهينني إذا عدت يوم الاحد فلم تجدي شيئاً من ذلك الطعام ذي الرائحة الشهية في الفرن".
أرادت أن تبادله الابتسام ، لكنها لم تفعل .
- هل تقول إنك لن تأخذني إلى ... إلى الفندق؟
ألقت هذا السؤال الذي يعني ، كما أدركت ، انها لا تنوي الرحيل نهائيا
- أنت تعلمين أنني لم اقل ذلك، ما قلته انك ، رغم استحالة الوضع هنا، استطعت ان تجعلي المكان مريحاً في كل مره أحضر فيها. واضطرارك للمغادرة بسبب مجيئي هو مكافأة هزيلة لاتعابك .
رأت انه يقول انها تستطيع البقاء حتماً.
- ألم تعد تظن انني تعمدت دعوة صهرك إلى هنا؟
- ما ظننت ذلك قط .
- أوه؟
- ولهذا جننت . أردت عذراً لكي أضربه.. وعندما ابتعد بسرعة من دون عراك . كنت.. بحاجة ماسة غلى ما يخفف من غضبي
- وصادف انني كنت الاقرب إليك .
- لم يجعلني ذلك شخصا جيداً.
ابتسمت وقالت " تلك الهالة التي كونتها عنك انقشعت قليلا ، ولكن ما من شخص كامل."
بادلها هاريس ابتسامتها وليكسب مودتها مره أخرى ، قال ليريح قلبها :" أتريدين أن تستبدلي حقيبة صغيرة بهاتين الحقيبتين ؟"
هزت راسها :" إذا كان الامر سيان بالنسبة لك ... سأبقى هنا واشاركك هذا الطعام".
أومأ هاريس راضياً ، ثم أراها كيف تستعمل هاتفه الخلوي وتركها
اتصلت بإمها واخبرها بانها تركت العمل لدى رولاند لانها لم تنسجم معه .
وانهت المكالمة ،بإعطائها اسم مخدومها وعنوانه بعد الحاح امها عليها .
وتكلمت مع جون حيث قال:
- هل سمعت امك تقول انك تعملين عند هاريس كويليان .
- "نعم"
- حسنا لا حاجة للقلق عليك . فهاريس كويليان هو رئيس شركة " وارن وتيبر" للموارد المالية وهو أكثرالرجال المعروفين استقامة "
غسلت مالون وجهها ووضعت زينة خفيفة عليه ومشطت شعرها الاشقر ، ثم شعرت برغبة في تغيير ملابسها . لكن هاريس لم يكن يفوته شيء ولم تشأ ان يظن أنها غيرت ملابسها لأجله . ثم من يرتدي الملابس الانيقة ليأكل في المطبخ؟
عند وصلها للمضبخ ، لم تجد هاريس . لكنها كانت تعلم انه غير بعيد . انه في كان ما يلقي نظرة على سير العمل في غيابة .
اعدت مالون الطعام وعندما اصبح جاهزا سمعت وقع خطى هاريس في المطبخ ، فسألته
- هل كل شيء على مايرام ؟
- بعض اجزاء البناء يتقدم بشكل أسرع من البقية .
- هناك لوح خشب غير ثابت في اراضية السلم .
أخذت تفكر في انه لا يفوته شي ولا لما أصبح رئيسا لشركة مالية معروفة
أثناء تناولها الطعام سالها :" أين تعلمت الطهي ؟ لم أرى أي كتاب طهي في اي مكان هنا"
- لطالما كنت أطهي الطعام
- ألم تكن أمك تهتم بذلك ؟
أتراه يحاول النتقيب في ماضيها ؟ ونظرت إليه بحذر . أم انه مجرد سؤال؟واخيراً، لم تجد ضرراً في أن تجيب :" لقد حطمها موت أبي ، ففقدت اهتمامها بكل شي عندما مات .
نظر هاريس أليها بطرقته الثابته تلك ثم سألها بهدوء:" حتى بك أنت ، ابنتها؟"
كبحت مالون مشاعر الاستياء . ولكن، نظراً للمودة التي تشعر بها نحوه قررت الاستمرار في الحديث :" لأجلي فقط قررت الاستمرار في العيش بعده ".
- كم كان عمرك حين توفى ابوك؟
- ثلاثة عشر عاماً. كان رجلاً رائعاً ، هادئاً رقيقا ... وجراحا ممتازا كان الكل يقول ذلك .
- هل كان جراحاً عاماً؟
- كان الافضل في جميع الحقول . لا عجب في أن امي توقفت عن اي نشاط .
لكن مالون لم تشأ أن تتحدث عن تلك الايام التعيسة، وتابعت ببشاشة :" تزوجت أمي مره أخى مؤخراً.وبعد سنوات تعيسة مخيفة ، أصبحت سعيدة مره أخرى. وهذه هو المهم ."
فقال بدهاء :" أتقولين أنه لم يعد لك مكان الآن؟"
- هذت ما لم اقله بالضط . فهذا المساء فقط ، عندما اتصلت بهما هاتفياً وذالك هاتفك بالمناسبة .
وأشارت إلى منضدة العمل وهي تتابع :" قالا إن ثمة مكانا ً لي معهما ".
وقبل أن يقول شيئا ، تابعت بجفاء :" لكنني أفضل العيش هنا ، طبعاً".
- مع خشب الارض المهترىء"
واضاف بشبه ابتسامة :" هل كنت تعيشين مع أمك قبل زواجها الثاني ؟"
- كان لدينا شقة صغيرة . وكانت امي ستتكدر لو انني قلت لها إنني سابقى في تلك الشقة ولن انتقل معها إلى بيت زوجها . كما أنني كنت أبحث عن بديل لوظيفتي .
- وهكذا اعتقدت أنك ستكونين أسعد لو وجدت عمل مدبرة منزل مع سكن مؤمن؟
- لم يكن العمل كله تدبيراً منزلياً. صحيح أن بيت صهرك كان يحتاج إلى التنظيف، لكنني لم أتعود على الكسل.و.... مكتب رولاند فيليبس كان غارقاً في الفوضى أيضاً ، فاقترح علي أن أنظمه، وافرز ملفاته ، إنه...
وسكتت فجأة . لم تكن تريد أن تفكر في رولاند، فكيف بالحديث عنه، وقالت تغير الحديث :" أحضر لي "ديك" الخوخ من أشجار أمس ، فصنعت فطيرة طازجة، أم تريد جبناً بعد الطعام؟"
نظر هاريس إليها لحظات بصمت ، ثم قال بهدوء: " اتعلمين، يا مالون؟ أظنني كنت الرابح عندما طلبت منك الإقامة هنا".
سرها قوله، إلى حد لم تعرف معه ما تجيب ، أرادت أن تقول شيئاً ظريفاً لكنها لم تجد شيئاً سوى الخجل . ازدردت ريقها بصعوبة، لتقول :" أتظن أن كلاماً كهذا ينجيك من غسل الأطباق؟"
فتمتم يقول مازحاً:"ثمة غسالة للأطباق هنا".
لكنهما لم يستعملا عدداً من الاطباق يبرر استعمال غسالة كهربائية لذا غسلت هي الأواني بينما جففها هاريس. ومره أخرى تملكها سعور بالخجل ، فقد بدا قربها منه ودياً وحميماً . غيرت وضعها ، مبتعدة عنه. رباه، مالذي حدث لها؟
ابتعدت عنه لتطمئن إلى ان كل شي مرتب ثم قالت بعد قليل :" أظنني سأصعد إلى سريري".
شعرت فجأة أن اهتمامها بهاريس طغى على اهتمامها بأي رجل أخر حتى كيت مورغان .
رفعت بصرها إلى هاريس فوجدته يحدق إليها بنظراته الثابته تلك . وسألها :
- هل تذهبين ، عادة، إلى النوم مبكرة بهذا الشكل؟.
- لا .... ليس دائماً. لكنك هنا لتهتم بالمكان الليلة . لذا أشعر بانني حرة في الصعود إلى غرفتي و انهاء كتابي.
فقال برفق :" يمكنك أن تحضري كتابك إلى غرفة الجلوس".
فقالت متعلثمة :" سوف .... أ... أرى".
لكنها تركت المطبخ ، عالمة بانها لن تعود إلى الطابق الأسفل مع كتابها .. تملكنها شعور بعدم الارتياح لانها يعلم ذلك هو أيضاً.
لم يكن السبب أنها لا تثق به كما حدثت نفسها حين جلست في غرفتها لتحلل مشاعرها. إنها منسجمة معه في حسن، وخجوله عديمة الثقة بنفسها، في حين آخر. أنها تثق به. وهي تعرف ذلك في قرارة نفسها ، إلى حد أنها أعادت تلك الكرسي إلى مكانها. لقد أدركت بعد ذلك بساعتين، عندما استقلت لتنام، أن ثقتها بهاريس ثابته، لانها لم تقفل بابها. وعندما تذكرت انه غير مقفل ، لم تجد سبباً يدعوها إلى النهوض من سريرها لتقفل.
ورغم أنها نامت، إلا أن أحلامها كانت عنيفة ، قراحت تشهق مذعورة في نومها. كانت تعلم انها تحلم ، وان هذا غير حقيقي . لكنها لم تستطع ان تجد طريقة تستيقظ بها. كانت تعتصرها قوى غامضة وانحبست أنفاسها، ولم يعد هناك هواء لتتنفس عندما ادركت انها تختنق، استيقظت وهي تشهق بفزع . أخذت جرعة من الهواء وحاولت جاهدة أن تقف .. وشيئاً فشئياً، ابتدأ تنفسها ينتظم. لقد أصبحت بخير . كان الامر حلماً .. مجرد حلم .. لكنها لم تشأ أن تعود إلى النوم، لم تشأ ان تعاودها الاحلام مره أخرى.
نزلت من السرير بخوف، وسارت نحو النافذة، تريد أن تفتحها على اتساعها . كانت بحاجة إلى هواء ... هواء بارد منعش، ثم عاد ذهنها يعمل مره أخرى . فهاريس في الغرفة التالية، وقد يزعج صوت النافذة نومه.. ابتعدت عن النافذة مدركة أن عليها أن تعود إلى فراشها ، لكنها لم تستطع خوفاً من أن يعاودها حلمها ذاك . اختطفت عبائتها القطنية، مسرورة لانها ابعدت الكرسي عن الباب ولم تعد بحاجة لإزاحة الاثاث.
عندما فتحت الباب بهدوء، كان الظلام دامساً ، لكنها لم تشأ أن تشعل النور كيلا يسمع هاريس أي صوت، أو ربما يفتح عينيه فيرى الضوء. وعلى الفور تذكرت لوح الخشب المهترئ فتجنبته، لتجد طريقها إلى أسفل السلم .
عندما وصلت بسلام إلى أسفل السلم، أدركت ا
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
أسكن عيوني يا الغلا- نائبة الادارة
- جنسية العضو : بحرينية
الأوسمة :
عدد المساهمات : 1066
تاريخ التسجيل : 02/09/2013
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
مواضيع مماثلة
» حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الاول
» حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الثاني
» حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الرابع
» أنمي سيف النار ( الجزء الثالث ) الحلقة -4- مترجم للعربيه
» أنمي سيف النار ( الجزء الثالث ) الحلقة -4- مترجم للعربيه
» حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الثاني
» حب تحت المطر - جيسيكا ستيل الجزء الرابع
» أنمي سيف النار ( الجزء الثالث ) الحلقة -4- مترجم للعربيه
» أنمي سيف النار ( الجزء الثالث ) الحلقة -4- مترجم للعربيه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:04 pm من طرف جنى بودى
» احسن موقع لمختلف الحجوزات
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان
» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
الأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى
» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى
» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر