الناس و الدنيا

من طرف **معاوية فهمي** السبت مايو 06, 2023 12:23 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
[size=48](( الناس و الدنيا ))
إن من نظر إلى الدنيا بعين البصيرة أيقن أن نعيمها ابتلاء ، و حياتها عناء ، و عيشها كبد و نكد ، و أهلها منها على وجل ، إما نعمة زائلة ، أو بلية نازله ، أو منية قاضية ، من استغنى فيها فـُـتن ، و من افتقر فيها سخط و حزن ، من أحبها أذلته ، و من نظر إليها أعمته ، و الناس فيها طائفتان:

-[size=32] طائفة فطنــــاء [/size]..علموا أنها ظل زائل ، و نعيم حائل ، و أضغاث أحلام ، بل فهموا أنها نعم في طيها نقم ، و عرفوا أن هذه الحياة الفانيه طريق إلى الحياة الباقيه ، فرضوا منها باليسير ، و قنعوا فيها بالقليل ، فاستراحت قلوبهم و أبدانهم ، و سلم لهم منها دينهم ، و كانوا عند الله من المحمودين ، لم تشغلهم دنياهم عن طاعة مولاهم ، جعلو النفس الأخير و ما وراءه نصب أعينهم ، و تدبروا ماذا يكون مصيرهم ، و فكروا كيف يخرجون من الدنيا وإيمانهم سالم لهم ، وما الذي يبقى معهم منها في قبورهم ، و ما الذي يتركوه للورثة من بعدهم في الدنيا ، أدركوا كل هذا فتأهبوا للسفر و أعدوا الجواب للحساب و قدموا الزاد للمعاد [size=32]( وخير الزاد التقوى ) [/size].. طوبى لهم ، خافوا فأمنوا و أحسنوا ففازوا.

-[size=32] وطائفة أخرى جـهـلاء [/size].. عُميت أبصارُهم ولم ينظروا في أمرها ، و لم يكتشفوا سوء حالها و مآلاها ، برزت لهم بزينتها ففتنتهم ، فإليها أخلدوا ، و بها رضوا ، و لها اطمأنوا حتى ألهتهم عن الله تعالى و شغلتهم عن ذكره و طاعته [size=32]{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[/size] الحشر ١٩, نسوا الله ، أهملوا حقوقه و ما قدروه حق قدره و لم يراعوا لانهماكهم في الدنيا مواجب أوامره و نواهيه لذا [size=32]{ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } [/size]جعلهم بسبب ذلك ناسين لها حتى لا يسمعوا ما ينفعها و لم يفعلوا ما يخلصها و سيرون يوم القيامة من الأهوال م ينسيهم أرواحهم و يجعلهم حيارى ذاهلين[size=32]{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }[/size].. الحج ٢.

* قال بعض السلف:اجتهادك فيما ضمن لك مع تقصيرك فيما طلب منك دليل على انطماس البصيرة منك.

- أقاموها فهدمتهم ، و اعتزوا بها من دون الله فأذلتهم ، أكثروا فيها الآمال ، و أحبوا طويل الآجال و نسوا الموت و ما وراءه من أهوال .. فخاب أملهم ، و ضل سبيلهم ، و خسروا الدنيا و لم يدركوا الآخرة.

* أخي في الله .. إن من غفل عن نفسه .. تصرمت أوقاته ، ثم اشتدت عليه حسراته ، و أي حسرة على العبد أعظم من أن يكون عمره عليه حجة ، و تقوده أيامه إلى المزيد في الردى و الشقوة . إن الزمان و تقلباته أنصحُ المؤدبين ، و إن الدهر بقوارعه أفصحُ المتكلمين ، فانتبهوا بإيقاظه ، و اعتبروا بألفاظه.

* ورد في الأثــر:
-أربعـة من الشقاء :جمود العين ، و قسوة القلب ، و طول الأمل ، و الحرص على الدنيـا.
[size=32]حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.[/size]
*********[/size]