حساسية الصدر لدي الأطفال

من طرف **mbelrem** الأربعاء أبريل 10, 2013 2:34 pm

حساسية الصدر لدي الأطفال:

حساسية الصدر بالأطفال هي مرض ينشأ نتيجة حدوث التهاب مزمن بالشعب الهوائية لحدوث فرط استجابة لمؤثرات قد تكون داخلية أو خارجية وتتميز تلك الاستجابة بحدوث نوبات من ضيق بالشعب الهوائية ينتج عنه صعوبة في خروج هواء الزفير وفي الحالات الشديدة قد ينشأ أيضا صعوبة في دخول هواء الشهيق مما يؤدي في النهاية إلي صعوبة في التنفس وأحيانا إلي فشل الجهاز التنفسي للقيام بوظائفه. وينشأ ضيق الشعب الهوائية نتيجة لحدوث تغيرات رئيسية: الأول هو حدوث انقباض بعضلات الشعب الهوائية والثاني هو حدوث التهاب وتغيرات مرضية بالغشاء المبطن للشعب والثالث هو تجمع إفرازات ومخاط داخل تجاويف الشعب الهوائية.

وحساسية الصدر هي من الأمراض الأكثر انتشار بين الأطفال حيث تبلغ نسبة الإصابة بها أكثر من اثني عشر بالمئة من الأطفال. وهي من أكثر الأسباب شيوعا لزيارة قسم الطواريء بين الأطفال ولكن لحسن الحظ ونتيجة للتطور الكبير في علاجها فقد أصبحت الوفاة نتيجة لحساسية الصدر اقل شيوعا من ذي قبل إلا أنها مازالت سببا قويا. ومعظم حالات حساسية الأطفال تحدث قبل سن السادسة.

وهناك أشكال مختلفة لحساسية الصدر من أهمها الحساسية المتكررة والتي تحدث في شكل نوبات كل فتر ة وأخري ويكون الطفل طبيعياً تماما بين تلك النوبات. وهناك الحساسية المزمنة والتي تحدث أيضا في شكل نوبات ولكن يعاني الطفل من بعض الأعراض وبدرجاتٍ متفاوتة بين النوبات حيث تقسم تبعاً لشدة النوبات إلي بسطة ومتوسطة وشديدة. وهناك أيضا الحساسية الثلاثية والتي تظهر علي شكل حساسية الصدر متلازمة مع حساسية الأنف والجيوب الأنفية وحساسية الأسبرين ومضادات الالتهاب غير الأستيروديه. كما أن هناك العديد من الأنماط الأخرى للحساسية فهناك حساسية الكحة والتي تأتي بكحة فقط وتميز بحدوث الكحة أثناء النوم والتي قد تؤدي إلي استيقاظ الطفل. كما أن هناك حساسية الرياضة والتي تنشأ مع بذل أي مجهود جسدي. وهناك نوع آخر من الحساسية يصيب الفتيات اللاتي يعانين من السمنة والبلوغ المبكر.

وليس هناك سبب محدد لحدوث الحساسية بل مجموعة من العوامل التي يتطلب وجودها. فهناك الاستعداد الذاتي والتي تلعب الوراثة دوراً فيه وهناك العوامل البيئية والتي تكون السبب المباشر لحدوث نوبة الحساسية. أما بالنسبة للعامل الوراثي فقد تم تحديد أكثر من 22 موقعاً علي الكروموسوم الجسدي رقم خمسة عشر مسئولة عن حدوث حساسية الصدر. وتحديد هذه المواقع سوف يساهم إلي حد بعيد لتطوير علاج الحساسية. أما العامل الثاني وهو البيئة فهو المحفز لظهور نوبات الحساسية. وتختلف العوامل البيئة من مجتمع لأخر ولكن تأتي عدوي الجهاز التنفسي سواء كانت فيروسية أو بكتيرية أو كانت بالجهاز التنفسي العلوي أو السفلي علي رأس القائمة. كما أن التعرض للغبار أو التدخين أو لحبوب اللقاح أو للروائح والعطور من المحفزات الهامة لبدء نوبات الحساسية. ومن الأسباب المهمة لحدوث نوبات حساسية الصدر في البحرين هو التذبذب في درجات الحرارة والتعرض للهواء البارد نتيجة استخدام المكيفات بالمنازل والمحلات التجارية علي حين أن درجة الحرارة بالخارج غالبا ما تكون مرتفعة. كما أن هناك بعض الأطعمة التي قد تسبب من حدوث النوبة مثل السمك والبيض والموز والفراولة والمانجو والشيكولاتا. وقد تكون حساسية الصدر مجرد مظهر من مظاهر التحسس للبن البقر. والأيس كريم قد يكون سببا هاما من مسببات حدوث نوبات الحساسية لذا يرجى الإقلال منه قدر الإمكان. كما أن التوتر والقلق النفسي قد يكون عاملا مهما لحدوث نوبات الحساسة خاصة في البنات وتسمي بالحساسية الانفعالية.

وهناك أعراض وعلامات معينة ننصح الأم بأخذها بعين الاعتبار بل والتدرب علي ملاحظتها وذلك لاكتشاف حدوث النوبات مبكراً قبل أن تزداد حدتها والإسراع بالطفل إلي الطبيب. فمثلا الكحة التي تحدث بصوره أساسية أثناء النوم أو أثناء ممارسة الرياضة فقد تمثل الحساسية الليلة أو الحساسية الرياضية. كما يجب علي الأم التعود علي سماع أزيز الصدر بأذنها وكيفية تميزيها بين الشخير والأزيز. كما يجب عليها معرفة أعراض صعوبة التنفس مثل زيادة معدل التنفس أو زيادة حركة الصدر أو حركة الرأس والأنف مع التنفس ومعرفة أن صوت نت الطفل يعني انه غالبا شيئاً خطيرا يعاني منه الطفل لذا يجب عليها الإسراع بطفلها إلي الطبيب.

وقد يكون من الصعب في بعض الأحيان تشخيص حالات حساسية الصدر بين ألأطفال حيث قد تتشابه أعراضها مع أعراض ارتجاع المريء أو مع الكحة التي قد تستمر لبعض الوقت بعد إصابة الجهاز التنفسي ببعض الفيروسات. لذا إذا شك الطبيب في التشخيص فيرجى منه القيام ببعض الفحوصات مثل قياس وظائف التنفس خاصة إذا كان الطفل اكبر من أربع سنوات كما يمكن للطبيب قياس نسبة الأجسام المضادة المميزة للتحسس أو قياس نسبة الخلايا الحمضية بالبصاق كما يمكنه عمل اختبار تحسسي لبعض المواد الغذائية أو غير الغذائية والتي قد يشتبه في تسببها بإصابة الطفل بالنوبة.

أما عن علاج حساسية الصدر فلا يوجد علاج شاف للربو، ومع ذلك يمكن التحكم فيه جيداً من خلال العلاج الجيد للنوبة الحادة والعلاج الوقائي باستخدام الأدوية وتجنّب المحرضات، وبإتباع إرشادات الطبيب فإن الأشخاص المصابين به يعيشون حياة طبيعية. وينقسم علاج حساسية الصدر إلي مرحلتين رئيسيتين: الأولي وهي علاج النوبة الحادة وفيها يستخدم موسعات الشعب الهوائية قصيرة المدى عن طريق الاستنشاق سواءً عن طريق جهاز البخار أو عن طريق البخاخات كما يستخدم العلاج بالكورتيزون وهو العصب الأساسي للعلاج ويجب علي الطبيب بذل بعضا من الوقت لإزالة الخوف المرضي لدي الأسرة من استخدام الكورتيزون. حيث نه مع التقدم في علم الأدوية قد أمكن اكتشاف أدوية كورتيزون تستخدم عن طريق الاستنشاق مما أدي إلي جعلها أكثر كفاءة وأقل أثاراً جانبية. وفي بعض الأحيان كحالات الربو الشديدة قد نلجأ لاستخدام الكورتيزون عن طريق الفم أو عن طريق الحقن ذلك يتم لفترة قصيرة أقل من خمسة أيام وبالتالي نتجنب أثاره الجانبية. ويجب علي الطبيب ألا يرضخ لرغبة الأبوين بعدم استخدام الكورتيزون بل عليه إقناعهم بضرورة استخدامه حيث انه ضرورة حتمية. وقد تكون النوبة شديدة فنلجأ لاستخدام طرق أكثر تعقيداً مثل استخدام جهاز التنفس الصناعي في حالة حدوث فشل في أداء التنفس. وأنا شخصيا أن يتم علاج النوبة الحادة لفترة تبلغ أسبوعا بعد شفاء الطفل شفاءً تاما وذلك لاسترجاع حالة الشعب الهوائية إلي مرحلة ما قبل حدوث الالتهاب.

أما إذا تم التحكم في النوبة الحادة فيجب علينا الانتقال للمرحلة الثانية وهي العلاج الوقائي ويتم تحديد نوعية العلاج علي حسب نوع وشدة الحساسية حيث تستخدم أنواع مختلفة مثل الكورتيزونات وموسعات الشعب الهوائية طويلة الأمد ومضادات الانترليوكين ومضادات الحساسية والكروموجليكات وعقار الثيوفيللن. وقد تستخدم موسعات الشعب الهوائية قصيرة المد في حالات معينة مثل الحساسية الرياضية حيث يستخدم الفنتولين قبل بدأ النشاط الرياضي بنصف ساعة. ومن الضروري تحديد نوع ودرجة الحساسية قبل اختيار العقار المناسب. كما يجب علي الطبيب التأكد من استخدام الأجهزة المناسبة لعمر الطفل قبل إعطاء الوصفة الطبية. ويجب عليه أيضا إعطاء الأسرة والطفل شرحاً وافيا عن كيفية استخدام الأجهزة البخاخات والأقراص وكيفية صيانتها. كما يجب عليه نصح الأم بان تعطي قليلا من الزبادي بعد استخدام بخاخات الكورتيزون أو مضمضة الفم وذلك لتجنب حدوث فطريات بالفم. أما عن الفترة التي يجب علينا استخدام تلك الأدوية فتختلف من طفل لأخر وقد تبلغ في بعض الحالات أعواما وقد تستخدم لفترة معينة كل عام وذلك مع حساسية الصدر الفصلية والتي تظهر في فصل معين من العام كالشتاء مثلاً.

وننصح الأسرة التي لديها طفل يعاني من حساسية الصدر بإتباع الإرشادات التالية لتقليل فرصة حدوث نوبات الحساسية مثل اجتناب التعرض للروائح النفاذة والعطور والدخان وعواد السيارات وعدم الخروج في الأجواء المتربة أو الباردة. والحرص على عدم التعرض للتيارات الهوائية أو التغيير المفاجئ في درجة الحرارة وجعل حرارة المنزل متجانسة ويفضل استخدام المكيفات المركزية عن الوحدات المنفصلة . ونظرا لارتفاع درجة الرطوبة بالبحرين مما يساعد علي نمو عثة المنزل والطحالب فيفضل استخدام أجهزة إزالة الرطوبة وفلاتر الهواء بحجرات الأطفال المصابين بحساسية الصدر. كما ينصح أن تكون حجرة الطفل بعيدة عن المطبخ أو أماكن تواجد الحيوانات وإذا كانت أرضية الحجرة مغطاة بالموكيت أو السجاد فيجب تنظيفها يوميا باستخدام المكنسة الكهربية ويفضل استبدال الموكيت بالسيراميك أو البورسلين. كما يجب عدم التعرض للالتهابات الشعبية الفيروسية ويفضل تطعيم هؤلاء الأطفال بفيروس بتطعيم الأنفلونزا السنوي كما يجب الابتعاد عن مصادر التلوث الهوائي والامتناع كلياً عن ممارسة الأعمال التي قد تهيج الشعب الهوائية إذا كان الطفل يعاني من الحساسية الرياضية أو قد ينصح باستخدام الأدوية الوقائية قبل ممارسة الرياضة بنصف ساعة. كما ننصح الأم التي لديها ابن يعاني من حساسية الصدر أن توقظه قبل موعد خروجه من البيت إلى المدرسة بوقت كافٍ وأن تفتح الشباك في غرفته تمهيداً للخروج، فلا يخرج من تحت البطانية أو اللحاف إلى الشارع فوراً خصوصاً أننا في فصل الشتاء أما إذا كانت حساسية الصدر يصاحبها حساسية بالجلد فيجب أن يكون الغطاء الملاصق لجسمه غطاءً قطنياً لأن غيره يمكن أن يثير حساسية لديه. وقد يكون الطفل مصابا بالتحسس من شعر الحيوانات لذا إذا ثبت ذلك يرجى عدم التعرض لتلك الحيوانات مثل القطط والكلاب كما يجب مراعاة أن لعب الأطفال والمكسوة بفرو قد تؤدي إلي نفس درجة التحسس لأذى قد يسببها التعرض للحيوانات. كما يجب مراعاة عدم منع أي أطعمة دون دليل قوي علي تسببها لحدوث النوبات حيث لا يجب منع الأطعمة كالبيض والسمك والموز والمانجو كأجراء روتيني لأي طفل مصاب بالحساسية ولكن يجب التأكد قبلا وبصورة واضحة من تسببها في تهيج النوبة حيث أن منع هذه الأطعمة دون دليل يؤدي إلي حرمان الطفل بل والأسرة من مصدر غذائي هام.

أخيرا يجدر بالذكر أن حساسية الصدر في الأطفال يمكن التحكم فيها إلي حدٍ كبير وبل ويتم الشفاء التام في ثلث الحالات عند عمر خمس سنوات والثلث الثاني عند البلوغ إلا أن الثلث الأخير غالبا ما تستمر معه.