المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 478 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 478 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90182 مساهمة في هذا المنتدى في 31160 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )
صفحة 2 من اصل 2 • شاطر
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
اليوم حبيبت أنزل لكم رواية جديدة بعنوان أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر#
أتمنى تنال على إعجابكم
أخليكم مع الجزء الأول
يومٌ خريفي بارد.. برودته الخافتة المرتعشة تسربت بحدة موحشة للروح قبل الجس
إنها واشنطن دي سي.. أواخر شهر سبتمبر..شهر الخريف المرير
تقلبات الأجواء.. واصفرار الأشجار.. ووجع الغربة
وآه يا وجع الغربة.. ما أقساها على روحه الحرة المستنزفة شوقاً موجعاً لأرضه
لا شيء يستنزف الروح شيئاً فشيئاً كإحساس الغربة، هذا الإحساس الذي يبدأ
بالتهام الروح حتى يحيلها رماداً
وتكون العودة للوطن هي كعودة العنقاء التي تقوم من رمادها حين يعبرها جسدٌ
حيٌّ كما تقول الأسطورة
وهكذا هو الوطن!! هو الجسد الحيُّ الذي يعيد الروح لبقايا الرماد..
وهاهو الغريب المشتاق المعتصم بجَلَده ودفء ذكرياته وحرارة حنينه يقف
في موقف الحافلات القريب من منزله وقفته المعتدّة بجسده الفارع الطول
يحكم إغلاق جاكيته الجلدي على صدره العريض ليصدَّ لسعات البرد
في ساعات الصباح الباكر
الشمس لم تشرق بعد، ولكن هاهي تغازل الأفق..
"شمسهم الباهتة الهزيلة!!"
ينظر للأفق ( وهذي اسمها شمس.. خلهم يجون عندنا في الدوحة ويعرفون
الشمس صدق.. آه يا شمس الدوحة.. ويا دفى الدوحة..جعلش بعد طوايف
واشنطن وفوقها البيت الأبيض)
كان عنده سيارة.. ولكنه يفضل استخدام المواصلات العامة في مشوار الجامعة
ذهابا وإيابا..
وصلت الحافلة في موعدها
يركب بخطواته الثقيلة الواثقة المعتادة.. يلقي التحية على "ستيفن" سائق الحافلة
الزنجي المرح الذي ربط بينهما ودٌّ إنسانيٌّ عمره خمس سنوات منذ سكن في
كولومبيا ديسكيرت ودرس في جامعة جورج تاون القريبة..
وهكذا الألفة البشرية تعقد أواصرها بين البشر.. لمجرد كونهم بشر
بالمعنى الحقيقي للبشر!!
لأن هناك بشراً قد لا يكون لهم من البشرية إلاَّ اسمها!
كان من الممكن أن يلاقي سكناً ملاصقاً للجامعة ولكنه أراد سكناً يكون ملاصقا
لمسجد (كافي علي غربة الجسد.. خل قربي من بيت الله يسكن روحي)
بعد إلقاء التحية.. اتخذ مكانه في الحافلة الفارغة تماماً من الركاب في هذا الوقت..
اعتاد الخروج مبكراً حتى يستغل الوقت بالبقاء لأطول وقت في المكتبة لانجاز
أطروحته للدكتوراه في إدارة الأعمال.. تبقى عليه هذا العام فقط..
وما أطوله عليه من عام!!!.. رغم أنه كان يضغط على نفسه كثيرا للانتهاء
في أسرع وقت..
(أوووف.. لو أني في بريطانيا كان خلصت من زمان)
كما هو معروف: نظام الدراسة في أمريكا أسهل في الماجستير وأصعب
في الدكتوراه.
وبريطانيا هي العكس أصعب في الماجستير وأسهل في الدكتوراه
من الممكن للدارس أن ينهي دراسة الدكتوراه في بريطانيا في سنتين فقط
لو كان بنظام الفول تايم.. والماجستير سنة واحدة بنفس النظام الفول تايم
Full Time
أما أمريكا فهو محتاج لخمس سنوات أو أربع على أقل تقدير في الدكتوراه
وذلك في حال نحر نفسه تعبا وضغطا .. بينما الماجستير: ثمانية أشهر
في أمريكا تكفيه..
جالسٌ مستغرقٌ في التفكير (الله يلعنهم البريطانيين.. الأنذال.. الباردين) وذاكرته
تعود ل12 عاما مضت، وتستعيد السبب الذي حرمه من الدراسة في بريطانيا وإنهاء
دراسته بسرعة ليعود إلى صحرائه الغالية... فهذه الغربة أصبحت شديدة الوطأة
على روحه البدوية الوثابة..
حين تكون معتادا على صمت الصحراء وعمقها واتساع أفقها.. وجلافة أهلها
وشهامتهم حتى وإن تحولت الأرض في اتجاه المدنية ولكن نبضها يبقى صحراويا
وروحها تبقى صحراوية وأهلها معتصمون بأخلاقيات الصحراء
ثم تجد نفسك محشورا بين ناطحات السحاب.. وعوادم السيارات.. وانعدام النخوة..
حينها تشعر أن روحك تهوي تحت المقصلة.. وأنك تتمدد على السندان في انتظار
المطرقة التي لا تعلم متى ستأتي..
عودة لبريطانيا..كان حينها في السابعة عشرة
اعتاد هو وأبناء عمه محمد :راكان الأكبر منه بسنة، وناصر الأصغر منه بسنة
: الذهاب كل صيف لمدينة كامبردج شمال شرق لندن لدراسة اللغة الانجليزية
كان يوجد شباب انجليز.. دائما يتحرشون بهم يريدون التعارك معهم..
وكان العراك دائما بسيطا.. وأحيانا لا يتجاوز مجرد التلاسن بالكلمات..
في ذلك اليوم كان لوحده، وأولاد عمه ناصر وراكان كانوا في لندن عند والدهما
رآهم يتحرشون ببنات عربيات، وهم تحرشوا فيهن قصدا
كانوا يريدون أن يستفردوا به ويضربوه لأنهم رأوه وحيدا
لم يحتمل..ثارت حميته وثار دمه الحار
وللإناث دائما في ثقافة الشهامة العربية هذا القدر الثمين البهي!!
حصل عراك كبير كان فيه هو المنتصر.. والشابان البريطانيان كانت
إصاباتهما كسور مختلفة.
في ذلك الحين: حمد ربه أن ناصر وراكان لم يكونا متواجدين
وخصوصا راكان الهادئ العميق الذي كان أكثرهم حِلما.. لكنه ينطبق عليه
وصف (احذر الحليم إذا غضب) لأنه إذا اُستثير وضرب فهو لا يرحم من يلقيه
القدر أمامه وخصوصا مع ضخامة جسده التي تتجاوزهم جميعا
السفير القطري استطاع إنهاء الموضوع
وآباء الشبان الذين كانوا من النبلاء البريطانيين عرفوا أن أبنائهم هم المخطئون
فقبلوا اعتذار السفارة
لكن اسكوتلانديارد (الشرطة البريطانية) وجهت له تحذيرا مهذبا: إنه غير مرحب
فيه في بريطانيا.. اعتقد وقتها أن التحذير غير مقصود
وهو فعلا لم يعد لبريطانيا لأنه انشغل في دراسته الجامعية..
لكن بعد الحادثة إياها بأربع سنوات..
كان جده الأثير الغالي كبير العائلة في مرضه الأخير في لندن
كان أبوه وعمه عنده.. لكنه لما أحس بدنو أجله.. أرسل في طلب أحفاده
الشباب الخمسة كلهم حتى أصغرهم فارس اليتيم الذي كان وقتها في
ال18 من عمره..
حطوا في مطار هيثرو.. وجميعهم أنجزوا إجراءاتهم بسرعة إلا هو..
حجزوه لليوم التالي وهو لا يعرف السبب.. وبعدها صارحوه: "احنا مو
قلنا لك إنك غير مرحب فيك هنا"
ثم سمحوا له بالخروج بعد تدخل السفارة للمرة الثانية
عاد بعدها بأيام على نفس الطائرة مع جثمان جده
وهو يعد نفسه أنه لن يعود لهذه البلد التي أهانته.. وكسرت عنفوان جده وهيبته
ليعود ذلك الرجل القوي الصلب من تلك البلاد الباردة جسدا باردا في صندوق بارد!!
جده الذي صنع منهم كلهم نماذج مصغرة له
نماذج تختلف في شخصياتها وأشكالها ولكنه أورثهم جميعا صفتين إحداها خَلقية
والأخرى خُلقية:
الطول الفارع، والاعتداد البالغ بالنفس.
" ميشيل.. ميشيل"
انتزعه من ذكرياته التي تطوف به أرجاء الدوحة التي يغتاله شوقه لها وحنيته
لأهله فيها.. صوتها الهامس الضعيف
ابتسم وهو يراها تجلس مقابلة له بضعفها البادي وشعيراتها البيضاء المتناثرة
حول وجهها الغارق في التجاعيد
وهمس لها بانجليزية سليمة بلكنة أميركية واثقة : صباح الخير جانيت.. إنها المرة
المليون التي أقول لك اسمي مشعل.. واكره اسم ميشيل هذا
ابتسمت: أوه ميشيل.. اسمك صعب.. هل ستعاتب سيدة جميلة مثلي حين تخطئ
في اسمك كل مرة.. ألا تخجل؟!
مشعل بابتسامة: لا لا أخجل.. سأبقى أقولها حتى تتقني نطق حرف العين..
نظر مشعل لجانيت بحنان إنساني شاسع..
يشعر نحو هذه العجوز بحنان بالغ.. رغم سنوات عمرها التي قاربت السبعين
إلا أنها مازالت تعمل في أحد مصانع النسيج في ضواحي كولومبيا ديسكيرت
لا أنيس لها.. بعد أن تركها أبنائها وتفرقوا في أنحاء الولايات المتحدة
الأميركية ونسوا أن لهم أم اعتادت تبادل أطراف الحديث مع مشعل بعد أن
تركب في المحطة التالية له.. وتنزله في الجامعة.. لتكمل هي طريقها للضواحي..
ابتسم مشعل وأكمل بلغته: فديت العجايز ياجانيت عشان عجوزن في الدوحة..
ابتسمت جانيت وهي تهزُّ رأسها بعدم فهم: أكرهك حين تتكلم بلغتك..
أشعر أنك تسخر مني.. ثم أردفت بابتسامة مرحة: هل تسخر مني أيها الوسيم؟؟
ضحك مشعل: أ هذا يعني أنني لست مرعبا..كمصارعٍ مكسيكي..؟؟
ضحكت جانيت وهي تستعيد ذكرى لقائهم الأول، حينها ارتعبت من طوله الفارع
ولأن شكله يشبه شكل من يسمونهم (اللاتينيين) اعتقدت أنه مصارع مكسيكي
أجابت: اعتدت على شكلك وأحببته حتى أقنعت نفسي بوسامتك..
لم يكن مشعل وسيما بالمعنى المعروف للوسامة ولا حتى بأي صورة.. ولكن ملامحه
السمراء الحادة كانت محددة برجولة هادرة بالغة الجاذبية..
عاد مشعل للابتسام وهو يغير الموضوع ويقول: هل قرأتِ الكتاب الذي أعطيتكِ
إياه المرة الماضية؟؟
ابتسمت جانيت وقالت: أعرف أن دينكم حق.. والكتب التي ملئت منزلي والتي
تحضرها أنت لي تثبت لي ذلك.. ودينكم يقول: أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله
يهدي من يشاء.. لا تستعجلني.. فأنا كاثوليكية مؤمنة.
ضحك مشعل: يعني مطوعة المسيحيين؟؟
جانيت تضحك: هأنت تعود لإحراجي بكلامك الذي لا أفهمه.. اقتربت جامعتك قم لتنزل..
. ثم أكملت وهي تخرج نقود من حقيبتها: وأريدك يا بني لو استطعت أن تسدد هاتفي
مشعل بغضب وهو يستعد للنزول: أعيدي نقودكِ لحقيبتكِ، سأسدد هاتفكِ بعد أن أخرج
من الكلية
جانيت بحرج: لكن!!
قاطعها نزول مشعل وهو يلوح لها بيده
وينزل ليعبر بوابة جامعة جورج تاون الضخمة العريقة
جامعة جورج تاون تقع في كولومبيا ديسكيرت بالقرب من أخطر مكانين في العالم:
البيت الأبيض (مقر الرئيس الأمريكي) والبنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)
حين أُنشئت في القرن الثامن عشر الميلادي كانت جامعة كهنوتية كنسية
ولكنها اليوم من أكثر الجامعات انفتاحاً دينياً رغم تقاليدها الكنسية المتوارثة
بها طلاب من جميع الأديان، بل هي أول جامعة أميركية تعين إماماً مسلماً ليؤم
الطلبة المسلمين فيها
وبها مركز للدراسات العربية المعاصرة هو الأضخم في أمريكا، وبها قسم لتدريس
اللغة العربية هو الأفضل من بين كل الجامعات الأميركية
اشتهرت بتخصصين على كل مستوى العالم: السياسة، والاقتصاد
أشهر السياسيين الأميركيين أمَّا تخرجوا منها وأمَّا مازالوا أساتذة فيها
منهم على سبيل المثال "بيل كلينتون" الذي تخرج منها
و"مادلين أولبرايت" و "جورج تينت" اللذان مازالا يدَّرسان فيها
وأساتذتها يشكلون دائما خياراً متاحاً ممتازاً لأيِّ منصبٍ حكوميٍّ أميركيٍّ فارغ.
أمَّا الطريف بالنسبة لهذه الجامعة أنها منعت النساء/ الطالبات من الدراسة فيها
حتى منتصف القرن العشرين..
حتى لا يتشدقوا علينا ويتهموننا نحن العرب بالتحجر!!!
وصل مشعل للمكتبة الرئيسية في الجامعة: مكتبة جوزيف مارك لوينجر
(سُميت بهذا الاسم تخليدا لأحد ضحايا حرب فيتنام) ، كانت المكتبة تحتل
مبنى حجريا ضخما مستقلا في الناحية الغربية من الجامعة
مازال الوقت مبكراً جداً.. لا يوجد سوى موظف الأمن الذي اعتاد على رؤية
مشعل في هذا الوقت
اختار زاويته المفضلة، وأخرج أوراقه وحاسوبه المحمول، وسرعان ما استغرق
في العمل
بعد حوالي 40 دقيقة.. همسات عند أذنه: مشعل.. مشعل
ألتفت للصوت الذي عرفه وابتسم وهو يقول بهمس مرحب بصوت خافت جدا
احتراما لتقاليد المكتبة : هلا سعيد.. ياحياك الله يارجّال..
سعيد بابتسامة وهو يسحب مقعداً ويجلس بجوار مشعل ويميل لأذنه ويقول بهمس
: أنت داري أني مواصل ما بعد رقدت.. جاي أدور لك..3 أيام ماشفتك.. حرام عليك
يا أخي!! ارحم نفسك شوي ترا عمرك 29 سنة يعني مهوب 50 عشان تستقتل
على المخلاص.
مشعل بملل حزين: تعبت يا أخيك من ذا الديرة ما أبغي إلاَّ الفكة وديرتي، أنت
داري أن موسم القنص خلاص بدأ.. وأنا قاعد هنا مقابل ذا الوجيه الودرة.
سعيد (بعيارة): حد يعيف أمريكا، صدق إنك بدوي طرت وإلا وقعت
يعني دكتوراة وتفوق ولغة وأمريكا..ومع كذا ماتبي غير برانك وأبلك وطيرك
مشعل بابتسامة ترنو للبعيد: جعل طيري بعدهم!!
سعيد كمن تذكر شيئا.. همس لمشعل كمن يخبره سرا: فيه بنية قطرية توها
واصلة من كم أسبوع سجلت معنا في الجامعة ماجستير
مشعل ينظر لسعيد نظرة غضب: تهبى أنت وجهك وأنا مشعل بن عبدالله بن
مشعل آل فارس الــ ..من متى وأنا أدور علوم النسوان؟؟
سعيد يكتم ضحكته: يا أخي حد طلب منك البطاقة الشخصية؟!!
وبعدين على ويش مستحمق؟؟ وش فيك مهوب فيني؟؟.. تراني أنا وياك
من نفس القبيلة يا ولد آل فارس
مشعل بغضب مكتوم: فيك إن ذا الديرة علمتك قل السنع
سعيد يبتسم: أنا ما أدري بصراحة مخك وين راح.. أنا بس كنت أبي
أقول لك عن ذا البنية.. لأنها بصراحة غريبة
مشعل بعدم اهتمام: ليه يعني تطيح الطير من السما؟؟
سعيد بنبرة اهتمام: بالعكس عادية جدا.. لكن فيها شيئين غريبين:
الشيء الأول تعرف أنه البنات أول ما يجون هنا خايفين ويبون حد
يساعدهم الشباب في نادي الطلاب القطريين اتصلوا فيها يبون يشوفون
هي تبي مساعدة، بس هي رفضت، وقالت أعرف أصرّف روحي
الشيء الثاني: لبسها: يعني البنات هنا في الجامعة اللي بتذبح روحه
ا بالستر، بتلبس جلباب وحجاب ويكون لونه فاتح، لكنها هي يالله تشوف
حدود وجهها من كثر ماهي شادة حجابها على وجهها ولابسة عباة سوداء
مشعل وهو يريد إنهاء الحوار: الله يستر عليها وش نبي ..
قاطعه سعيد يضحك بخفوت: لا واسمها هيا بعد.. اسم عجوز
غصباً عنه: وجد مشعل نفسه يبتسم واسم (هيا) يداعب أذنه كموسيقى عذبة..
يا الله كم يحب هذا الاسم الذي يسكن حناياه!!
ويتسرب إلى عمق روحه.. اسم يشده إلى جذوره.. وعبق وطنه
رائحة جدائلها العتيقة العطرة العذبة تتسرب إلى خياشيمه كسحرٍ أبديٍّ حين
كان يلتف بجديلتها الطويلة ويستكين في حضنها الدافئ.. و.........
ولكنه انتزع نفسه من أفكاره وهو يقول لسعيد: سعيدان جعل السلال يضرب
بطنك أنت جاي تشوفني؟ وإلا تهل لي شريطك مثل النسوان؟..أنت منت
بشايفني رجّال قدامك؟!
سعيد يضحك بصوت عالي لفت انتباه رواد المكتبة القلائل: أنا أبي أدري
وش أنا أحب فيك.. شايف حالك.. يعني عشان الله معطيكم أنت وعيال عمك
شوي طول، شايفين حالكم على العالم........ وأكمل بنبرة حزن مصطنعة
: لنا الله احنا القصار
مشعل يبتسم ويقول بجدية لا تتناسب مع ابتسامته: الرجّال اللي مرجلته في
طوله وإلا عرضه مهوب رجّال..وأنا وعيال عمي رياجيل حتى لو كنا أشبار القاع..
ثم أكمل بنبرة اهتمام: إلا عيال عمي وش دخلهم في السالفة؟؟
سعيد بلؤم وهو يريد إغاظة مشعل لأنه يعلم تولع مشعل بأبناء عمومته: كذا طروا
على بالي، بصراحة كلهم كلهم مشعل وراكان وناصر وفارس شايفين حالهم، على
شنو ما أدري، وخصوصا سميك مشعل ما ينبلع، راسم روحه زيادة عن اللزوم..
ثم أكمل بلؤم أكبر مقصود: إلاَّ مرته وش اسمها؟؟
لأنه يعلم أن زوجة مشعل بن محمد هي شقيقة مشعل بن عبدالله الكبرى
مشعل بغضب هادر وهو يهمس ويصرُّ على أسنانه: والله لو أني ما ني بداري
أنك تضحك، وإلاّ والله ما أخليك تطلع من ذا المكتبة على أرجيلك
سعيد بطريقته المرحة المعبرة عن طيبة قلبه والتي يعرفها مشعل جيدا وهو
يحرك أصابعه ويرف برموشه بسرعة بطريقة أنثوية وهو يهمس بدلالٍ تمثيليٍّ
مصطنع: وس فيك أنته عسبي جذيه؟؟ ترا عاتي لو تبي أقول لك أسماء خواتي
الست قلت لك.. يمكن يعجبك اسم وحده فيهم وتريحنا منها..
غصبا عنه: ابتسم مشعل لا يستطيع أن يغضب من سعيد الذي يشكل نسيماً
عليلاً يهب على روحه في هذه الأرض فهما يشكلان غصنان لذات الأرض،
ذات القبيلة ، ذات اللهجة
رابطٌ يربطه بهناك.. حتى لا يجن من هنا!!
ابتسم وتفكيره يأخذه إلى شقيقاته الأربع.. أميراته الأثيرات الثمينات
مستعدٌ هو أن يمزق بأسنانه وبدون أدنى رحمة من يدوس على طرف ظل
واحدة منهن!
مجرد ظلها!!
أو حتى يقترب من حدود مضايقتها!!
حتى المتزوجات منهن مازال يشعر أنه المسؤول الأول عنهن، رغم وجود
والده وأزواجهن..
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
اليوم حبيبت أنزل لكم رواية جديدة بعنوان أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر#
أتمنى تنال على إعجابكم
أخليكم مع الجزء الأول
يومٌ خريفي بارد.. برودته الخافتة المرتعشة تسربت بحدة موحشة للروح قبل الجس
إنها واشنطن دي سي.. أواخر شهر سبتمبر..شهر الخريف المرير
تقلبات الأجواء.. واصفرار الأشجار.. ووجع الغربة
وآه يا وجع الغربة.. ما أقساها على روحه الحرة المستنزفة شوقاً موجعاً لأرضه
لا شيء يستنزف الروح شيئاً فشيئاً كإحساس الغربة، هذا الإحساس الذي يبدأ
بالتهام الروح حتى يحيلها رماداً
وتكون العودة للوطن هي كعودة العنقاء التي تقوم من رمادها حين يعبرها جسدٌ
حيٌّ كما تقول الأسطورة
وهكذا هو الوطن!! هو الجسد الحيُّ الذي يعيد الروح لبقايا الرماد..
وهاهو الغريب المشتاق المعتصم بجَلَده ودفء ذكرياته وحرارة حنينه يقف
في موقف الحافلات القريب من منزله وقفته المعتدّة بجسده الفارع الطول
يحكم إغلاق جاكيته الجلدي على صدره العريض ليصدَّ لسعات البرد
في ساعات الصباح الباكر
الشمس لم تشرق بعد، ولكن هاهي تغازل الأفق..
"شمسهم الباهتة الهزيلة!!"
ينظر للأفق ( وهذي اسمها شمس.. خلهم يجون عندنا في الدوحة ويعرفون
الشمس صدق.. آه يا شمس الدوحة.. ويا دفى الدوحة..جعلش بعد طوايف
واشنطن وفوقها البيت الأبيض)
كان عنده سيارة.. ولكنه يفضل استخدام المواصلات العامة في مشوار الجامعة
ذهابا وإيابا..
وصلت الحافلة في موعدها
يركب بخطواته الثقيلة الواثقة المعتادة.. يلقي التحية على "ستيفن" سائق الحافلة
الزنجي المرح الذي ربط بينهما ودٌّ إنسانيٌّ عمره خمس سنوات منذ سكن في
كولومبيا ديسكيرت ودرس في جامعة جورج تاون القريبة..
وهكذا الألفة البشرية تعقد أواصرها بين البشر.. لمجرد كونهم بشر
بالمعنى الحقيقي للبشر!!
لأن هناك بشراً قد لا يكون لهم من البشرية إلاَّ اسمها!
كان من الممكن أن يلاقي سكناً ملاصقاً للجامعة ولكنه أراد سكناً يكون ملاصقا
لمسجد (كافي علي غربة الجسد.. خل قربي من بيت الله يسكن روحي)
بعد إلقاء التحية.. اتخذ مكانه في الحافلة الفارغة تماماً من الركاب في هذا الوقت..
اعتاد الخروج مبكراً حتى يستغل الوقت بالبقاء لأطول وقت في المكتبة لانجاز
أطروحته للدكتوراه في إدارة الأعمال.. تبقى عليه هذا العام فقط..
وما أطوله عليه من عام!!!.. رغم أنه كان يضغط على نفسه كثيرا للانتهاء
في أسرع وقت..
(أوووف.. لو أني في بريطانيا كان خلصت من زمان)
كما هو معروف: نظام الدراسة في أمريكا أسهل في الماجستير وأصعب
في الدكتوراه.
وبريطانيا هي العكس أصعب في الماجستير وأسهل في الدكتوراه
من الممكن للدارس أن ينهي دراسة الدكتوراه في بريطانيا في سنتين فقط
لو كان بنظام الفول تايم.. والماجستير سنة واحدة بنفس النظام الفول تايم
Full Time
أما أمريكا فهو محتاج لخمس سنوات أو أربع على أقل تقدير في الدكتوراه
وذلك في حال نحر نفسه تعبا وضغطا .. بينما الماجستير: ثمانية أشهر
في أمريكا تكفيه..
جالسٌ مستغرقٌ في التفكير (الله يلعنهم البريطانيين.. الأنذال.. الباردين) وذاكرته
تعود ل12 عاما مضت، وتستعيد السبب الذي حرمه من الدراسة في بريطانيا وإنهاء
دراسته بسرعة ليعود إلى صحرائه الغالية... فهذه الغربة أصبحت شديدة الوطأة
على روحه البدوية الوثابة..
حين تكون معتادا على صمت الصحراء وعمقها واتساع أفقها.. وجلافة أهلها
وشهامتهم حتى وإن تحولت الأرض في اتجاه المدنية ولكن نبضها يبقى صحراويا
وروحها تبقى صحراوية وأهلها معتصمون بأخلاقيات الصحراء
ثم تجد نفسك محشورا بين ناطحات السحاب.. وعوادم السيارات.. وانعدام النخوة..
حينها تشعر أن روحك تهوي تحت المقصلة.. وأنك تتمدد على السندان في انتظار
المطرقة التي لا تعلم متى ستأتي..
عودة لبريطانيا..كان حينها في السابعة عشرة
اعتاد هو وأبناء عمه محمد :راكان الأكبر منه بسنة، وناصر الأصغر منه بسنة
: الذهاب كل صيف لمدينة كامبردج شمال شرق لندن لدراسة اللغة الانجليزية
كان يوجد شباب انجليز.. دائما يتحرشون بهم يريدون التعارك معهم..
وكان العراك دائما بسيطا.. وأحيانا لا يتجاوز مجرد التلاسن بالكلمات..
في ذلك اليوم كان لوحده، وأولاد عمه ناصر وراكان كانوا في لندن عند والدهما
رآهم يتحرشون ببنات عربيات، وهم تحرشوا فيهن قصدا
كانوا يريدون أن يستفردوا به ويضربوه لأنهم رأوه وحيدا
لم يحتمل..ثارت حميته وثار دمه الحار
وللإناث دائما في ثقافة الشهامة العربية هذا القدر الثمين البهي!!
حصل عراك كبير كان فيه هو المنتصر.. والشابان البريطانيان كانت
إصاباتهما كسور مختلفة.
في ذلك الحين: حمد ربه أن ناصر وراكان لم يكونا متواجدين
وخصوصا راكان الهادئ العميق الذي كان أكثرهم حِلما.. لكنه ينطبق عليه
وصف (احذر الحليم إذا غضب) لأنه إذا اُستثير وضرب فهو لا يرحم من يلقيه
القدر أمامه وخصوصا مع ضخامة جسده التي تتجاوزهم جميعا
السفير القطري استطاع إنهاء الموضوع
وآباء الشبان الذين كانوا من النبلاء البريطانيين عرفوا أن أبنائهم هم المخطئون
فقبلوا اعتذار السفارة
لكن اسكوتلانديارد (الشرطة البريطانية) وجهت له تحذيرا مهذبا: إنه غير مرحب
فيه في بريطانيا.. اعتقد وقتها أن التحذير غير مقصود
وهو فعلا لم يعد لبريطانيا لأنه انشغل في دراسته الجامعية..
لكن بعد الحادثة إياها بأربع سنوات..
كان جده الأثير الغالي كبير العائلة في مرضه الأخير في لندن
كان أبوه وعمه عنده.. لكنه لما أحس بدنو أجله.. أرسل في طلب أحفاده
الشباب الخمسة كلهم حتى أصغرهم فارس اليتيم الذي كان وقتها في
ال18 من عمره..
حطوا في مطار هيثرو.. وجميعهم أنجزوا إجراءاتهم بسرعة إلا هو..
حجزوه لليوم التالي وهو لا يعرف السبب.. وبعدها صارحوه: "احنا مو
قلنا لك إنك غير مرحب فيك هنا"
ثم سمحوا له بالخروج بعد تدخل السفارة للمرة الثانية
عاد بعدها بأيام على نفس الطائرة مع جثمان جده
وهو يعد نفسه أنه لن يعود لهذه البلد التي أهانته.. وكسرت عنفوان جده وهيبته
ليعود ذلك الرجل القوي الصلب من تلك البلاد الباردة جسدا باردا في صندوق بارد!!
جده الذي صنع منهم كلهم نماذج مصغرة له
نماذج تختلف في شخصياتها وأشكالها ولكنه أورثهم جميعا صفتين إحداها خَلقية
والأخرى خُلقية:
الطول الفارع، والاعتداد البالغ بالنفس.
" ميشيل.. ميشيل"
انتزعه من ذكرياته التي تطوف به أرجاء الدوحة التي يغتاله شوقه لها وحنيته
لأهله فيها.. صوتها الهامس الضعيف
ابتسم وهو يراها تجلس مقابلة له بضعفها البادي وشعيراتها البيضاء المتناثرة
حول وجهها الغارق في التجاعيد
وهمس لها بانجليزية سليمة بلكنة أميركية واثقة : صباح الخير جانيت.. إنها المرة
المليون التي أقول لك اسمي مشعل.. واكره اسم ميشيل هذا
ابتسمت: أوه ميشيل.. اسمك صعب.. هل ستعاتب سيدة جميلة مثلي حين تخطئ
في اسمك كل مرة.. ألا تخجل؟!
مشعل بابتسامة: لا لا أخجل.. سأبقى أقولها حتى تتقني نطق حرف العين..
نظر مشعل لجانيت بحنان إنساني شاسع..
يشعر نحو هذه العجوز بحنان بالغ.. رغم سنوات عمرها التي قاربت السبعين
إلا أنها مازالت تعمل في أحد مصانع النسيج في ضواحي كولومبيا ديسكيرت
لا أنيس لها.. بعد أن تركها أبنائها وتفرقوا في أنحاء الولايات المتحدة
الأميركية ونسوا أن لهم أم اعتادت تبادل أطراف الحديث مع مشعل بعد أن
تركب في المحطة التالية له.. وتنزله في الجامعة.. لتكمل هي طريقها للضواحي..
ابتسم مشعل وأكمل بلغته: فديت العجايز ياجانيت عشان عجوزن في الدوحة..
ابتسمت جانيت وهي تهزُّ رأسها بعدم فهم: أكرهك حين تتكلم بلغتك..
أشعر أنك تسخر مني.. ثم أردفت بابتسامة مرحة: هل تسخر مني أيها الوسيم؟؟
ضحك مشعل: أ هذا يعني أنني لست مرعبا..كمصارعٍ مكسيكي..؟؟
ضحكت جانيت وهي تستعيد ذكرى لقائهم الأول، حينها ارتعبت من طوله الفارع
ولأن شكله يشبه شكل من يسمونهم (اللاتينيين) اعتقدت أنه مصارع مكسيكي
أجابت: اعتدت على شكلك وأحببته حتى أقنعت نفسي بوسامتك..
لم يكن مشعل وسيما بالمعنى المعروف للوسامة ولا حتى بأي صورة.. ولكن ملامحه
السمراء الحادة كانت محددة برجولة هادرة بالغة الجاذبية..
عاد مشعل للابتسام وهو يغير الموضوع ويقول: هل قرأتِ الكتاب الذي أعطيتكِ
إياه المرة الماضية؟؟
ابتسمت جانيت وقالت: أعرف أن دينكم حق.. والكتب التي ملئت منزلي والتي
تحضرها أنت لي تثبت لي ذلك.. ودينكم يقول: أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله
يهدي من يشاء.. لا تستعجلني.. فأنا كاثوليكية مؤمنة.
ضحك مشعل: يعني مطوعة المسيحيين؟؟
جانيت تضحك: هأنت تعود لإحراجي بكلامك الذي لا أفهمه.. اقتربت جامعتك قم لتنزل..
. ثم أكملت وهي تخرج نقود من حقيبتها: وأريدك يا بني لو استطعت أن تسدد هاتفي
مشعل بغضب وهو يستعد للنزول: أعيدي نقودكِ لحقيبتكِ، سأسدد هاتفكِ بعد أن أخرج
من الكلية
جانيت بحرج: لكن!!
قاطعها نزول مشعل وهو يلوح لها بيده
وينزل ليعبر بوابة جامعة جورج تاون الضخمة العريقة
جامعة جورج تاون تقع في كولومبيا ديسكيرت بالقرب من أخطر مكانين في العالم:
البيت الأبيض (مقر الرئيس الأمريكي) والبنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)
حين أُنشئت في القرن الثامن عشر الميلادي كانت جامعة كهنوتية كنسية
ولكنها اليوم من أكثر الجامعات انفتاحاً دينياً رغم تقاليدها الكنسية المتوارثة
بها طلاب من جميع الأديان، بل هي أول جامعة أميركية تعين إماماً مسلماً ليؤم
الطلبة المسلمين فيها
وبها مركز للدراسات العربية المعاصرة هو الأضخم في أمريكا، وبها قسم لتدريس
اللغة العربية هو الأفضل من بين كل الجامعات الأميركية
اشتهرت بتخصصين على كل مستوى العالم: السياسة، والاقتصاد
أشهر السياسيين الأميركيين أمَّا تخرجوا منها وأمَّا مازالوا أساتذة فيها
منهم على سبيل المثال "بيل كلينتون" الذي تخرج منها
و"مادلين أولبرايت" و "جورج تينت" اللذان مازالا يدَّرسان فيها
وأساتذتها يشكلون دائما خياراً متاحاً ممتازاً لأيِّ منصبٍ حكوميٍّ أميركيٍّ فارغ.
أمَّا الطريف بالنسبة لهذه الجامعة أنها منعت النساء/ الطالبات من الدراسة فيها
حتى منتصف القرن العشرين..
حتى لا يتشدقوا علينا ويتهموننا نحن العرب بالتحجر!!!
وصل مشعل للمكتبة الرئيسية في الجامعة: مكتبة جوزيف مارك لوينجر
(سُميت بهذا الاسم تخليدا لأحد ضحايا حرب فيتنام) ، كانت المكتبة تحتل
مبنى حجريا ضخما مستقلا في الناحية الغربية من الجامعة
مازال الوقت مبكراً جداً.. لا يوجد سوى موظف الأمن الذي اعتاد على رؤية
مشعل في هذا الوقت
اختار زاويته المفضلة، وأخرج أوراقه وحاسوبه المحمول، وسرعان ما استغرق
في العمل
بعد حوالي 40 دقيقة.. همسات عند أذنه: مشعل.. مشعل
ألتفت للصوت الذي عرفه وابتسم وهو يقول بهمس مرحب بصوت خافت جدا
احتراما لتقاليد المكتبة : هلا سعيد.. ياحياك الله يارجّال..
سعيد بابتسامة وهو يسحب مقعداً ويجلس بجوار مشعل ويميل لأذنه ويقول بهمس
: أنت داري أني مواصل ما بعد رقدت.. جاي أدور لك..3 أيام ماشفتك.. حرام عليك
يا أخي!! ارحم نفسك شوي ترا عمرك 29 سنة يعني مهوب 50 عشان تستقتل
على المخلاص.
مشعل بملل حزين: تعبت يا أخيك من ذا الديرة ما أبغي إلاَّ الفكة وديرتي، أنت
داري أن موسم القنص خلاص بدأ.. وأنا قاعد هنا مقابل ذا الوجيه الودرة.
سعيد (بعيارة): حد يعيف أمريكا، صدق إنك بدوي طرت وإلا وقعت
يعني دكتوراة وتفوق ولغة وأمريكا..ومع كذا ماتبي غير برانك وأبلك وطيرك
مشعل بابتسامة ترنو للبعيد: جعل طيري بعدهم!!
سعيد كمن تذكر شيئا.. همس لمشعل كمن يخبره سرا: فيه بنية قطرية توها
واصلة من كم أسبوع سجلت معنا في الجامعة ماجستير
مشعل ينظر لسعيد نظرة غضب: تهبى أنت وجهك وأنا مشعل بن عبدالله بن
مشعل آل فارس الــ ..من متى وأنا أدور علوم النسوان؟؟
سعيد يكتم ضحكته: يا أخي حد طلب منك البطاقة الشخصية؟!!
وبعدين على ويش مستحمق؟؟ وش فيك مهوب فيني؟؟.. تراني أنا وياك
من نفس القبيلة يا ولد آل فارس
مشعل بغضب مكتوم: فيك إن ذا الديرة علمتك قل السنع
سعيد يبتسم: أنا ما أدري بصراحة مخك وين راح.. أنا بس كنت أبي
أقول لك عن ذا البنية.. لأنها بصراحة غريبة
مشعل بعدم اهتمام: ليه يعني تطيح الطير من السما؟؟
سعيد بنبرة اهتمام: بالعكس عادية جدا.. لكن فيها شيئين غريبين:
الشيء الأول تعرف أنه البنات أول ما يجون هنا خايفين ويبون حد
يساعدهم الشباب في نادي الطلاب القطريين اتصلوا فيها يبون يشوفون
هي تبي مساعدة، بس هي رفضت، وقالت أعرف أصرّف روحي
الشيء الثاني: لبسها: يعني البنات هنا في الجامعة اللي بتذبح روحه
ا بالستر، بتلبس جلباب وحجاب ويكون لونه فاتح، لكنها هي يالله تشوف
حدود وجهها من كثر ماهي شادة حجابها على وجهها ولابسة عباة سوداء
مشعل وهو يريد إنهاء الحوار: الله يستر عليها وش نبي ..
قاطعه سعيد يضحك بخفوت: لا واسمها هيا بعد.. اسم عجوز
غصباً عنه: وجد مشعل نفسه يبتسم واسم (هيا) يداعب أذنه كموسيقى عذبة..
يا الله كم يحب هذا الاسم الذي يسكن حناياه!!
ويتسرب إلى عمق روحه.. اسم يشده إلى جذوره.. وعبق وطنه
رائحة جدائلها العتيقة العطرة العذبة تتسرب إلى خياشيمه كسحرٍ أبديٍّ حين
كان يلتف بجديلتها الطويلة ويستكين في حضنها الدافئ.. و.........
ولكنه انتزع نفسه من أفكاره وهو يقول لسعيد: سعيدان جعل السلال يضرب
بطنك أنت جاي تشوفني؟ وإلا تهل لي شريطك مثل النسوان؟..أنت منت
بشايفني رجّال قدامك؟!
سعيد يضحك بصوت عالي لفت انتباه رواد المكتبة القلائل: أنا أبي أدري
وش أنا أحب فيك.. شايف حالك.. يعني عشان الله معطيكم أنت وعيال عمك
شوي طول، شايفين حالكم على العالم........ وأكمل بنبرة حزن مصطنعة
: لنا الله احنا القصار
مشعل يبتسم ويقول بجدية لا تتناسب مع ابتسامته: الرجّال اللي مرجلته في
طوله وإلا عرضه مهوب رجّال..وأنا وعيال عمي رياجيل حتى لو كنا أشبار القاع..
ثم أكمل بنبرة اهتمام: إلا عيال عمي وش دخلهم في السالفة؟؟
سعيد بلؤم وهو يريد إغاظة مشعل لأنه يعلم تولع مشعل بأبناء عمومته: كذا طروا
على بالي، بصراحة كلهم كلهم مشعل وراكان وناصر وفارس شايفين حالهم، على
شنو ما أدري، وخصوصا سميك مشعل ما ينبلع، راسم روحه زيادة عن اللزوم..
ثم أكمل بلؤم أكبر مقصود: إلاَّ مرته وش اسمها؟؟
لأنه يعلم أن زوجة مشعل بن محمد هي شقيقة مشعل بن عبدالله الكبرى
مشعل بغضب هادر وهو يهمس ويصرُّ على أسنانه: والله لو أني ما ني بداري
أنك تضحك، وإلاّ والله ما أخليك تطلع من ذا المكتبة على أرجيلك
سعيد بطريقته المرحة المعبرة عن طيبة قلبه والتي يعرفها مشعل جيدا وهو
يحرك أصابعه ويرف برموشه بسرعة بطريقة أنثوية وهو يهمس بدلالٍ تمثيليٍّ
مصطنع: وس فيك أنته عسبي جذيه؟؟ ترا عاتي لو تبي أقول لك أسماء خواتي
الست قلت لك.. يمكن يعجبك اسم وحده فيهم وتريحنا منها..
غصبا عنه: ابتسم مشعل لا يستطيع أن يغضب من سعيد الذي يشكل نسيماً
عليلاً يهب على روحه في هذه الأرض فهما يشكلان غصنان لذات الأرض،
ذات القبيلة ، ذات اللهجة
رابطٌ يربطه بهناك.. حتى لا يجن من هنا!!
ابتسم وتفكيره يأخذه إلى شقيقاته الأربع.. أميراته الأثيرات الثمينات
مستعدٌ هو أن يمزق بأسنانه وبدون أدنى رحمة من يدوس على طرف ظل
واحدة منهن!
مجرد ظلها!!
أو حتى يقترب من حدود مضايقتها!!
حتى المتزوجات منهن مازال يشعر أنه المسؤول الأول عنهن، رغم وجود
والده وأزواجهن..
عدل سابقا من قبل الثلج الاسود في الأحد أغسطس 04, 2013 9:32 pm عدل 1 مرات
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
رد: روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )
الجزء الحادي والخمسون
غرفة مشعل بن عبدالله
بعد أن سلم مشعل من صلاته التفت على هيا وجدها ماتزال جالسة على
نفس جلستها
سألها: ماتبين تنامين؟؟
هيا بتوتر: لا مافيني نوم..
مشعل بهدوء: لنا تقريبا يومين ما نمنا.. أكيد تعبانة وبكرة وراش مشاوير
لطيفة قالت لي.. قومي نامي
هيا بخجل كاسح والكلمات تقف في بلعومها: وين أنام؟؟
مشعل انتبه للتو لسبب حرجها
تنهد: نامي على السرير أنا بأنام على الكنبة
ومافيه داعي تحرجيني بخجل ماله داعي
احنا صار لنا شهرين متزوجين وما أعتقد أني ضايقتش خلالها بشيء
هيا بحرج: خلاص بأقوم أجيب لك غطا
هيا بحثت عن أية أغطية لكنها لم تجد
مشعل بهدوء: ماراح تلاقين
المفارش والبطانيات الزايدة وحتى الجديدة كلها في غرفة تخزين
الفرش فوق
أنا بأروح أجيب لي
هيا برجاء: لا مشعل تكفى لا تروح
مشعل باستغراب: ليش؟؟
هيا بخجل مر: وش يقولون لو حد شافك جايب لك فراش؟؟
مشعل بهدوء وهو يريد الخروج: ماعلي من حد..
هيا يخجل أكبر: بس أنا علي..ما أبي حد يحس أن فيه شيء غير
طبيعي بيننا
مشعل وهو يتجاوزها ويخرج ويقول بعتب بنبرة خاصة:
زين إنش حاسة إنه شيء غير طبيعي..
ثم أكمل:
ولا تخافين لو حد شافني بأقول نبي لنا غطا زيادة لأنه أنتي
تبردين في الليل
هيا كان كل تفكيرها بجملته العاتبة:
(زين إنش حاسة إنه شيء غير طبيعي..)
****************************
غرفة فارس
يتمدد الجسد الضخم على سريره وظهره مسند إلى ظهر السرير
هاتفه بيده يدق بثقة
وقلبه به زلازل وبراكين واعاصير
على الطرف الآخر
العنود متوترة
متوترة جدا.. لم تكن تريد أن ترد عليه
ولكنها لم تكن تريد أن تأزم الوضع بينهما
رن هاتفها انتفض قلبها بعنف
ردت بصوتها الذي ينحره نحرا: هلا
(آه ياقلبي.. أحلى هلا سمعتها في حياتي
مستحيل يكون هذا صوت بشري
هذا معجزة
أسطورة
سحر
خيال
أي شيء مبهر إلا أنه صوت بشري عادي
مستحيل.. مستحيل)
فارس بهدوء: هلا بش
صمت على الطرف الآخر
فارس بنفس هدوءه: ليش ساكتة؟؟
العنود بتوتر تحاول تغليفه بالهدوء: أنت اللي تبيني
(إيه والله أني أبيش وأبيش وابيش
ولأخر قطرة في دمي أبيش)
فارس تنحنح ليقول بثقة: وش اللي سويتيه اليوم؟؟
العنود بعتب: وممكن أنا أسأل نفس السؤال وأقول وش اللي أنت
سويته اليوم؟؟
فارس بثقة: أنا ما سويت شيء
العنود بحزن: إذا أنت ما سويت شيء.. أنا ماسويت شيء بعد
فارس بنبرة غضب خفيفة: وإنش تخلين موضي تكلمني.. شتسمينها؟؟
العنود عبراتها بحلقها: وإنك تكلم بنت في مكان عام
لا والبنت توشوشك في أذنك.. شتسميها؟؟
فارس شعر بقلبه يهوي وهو يعرف من تغير صوتها انها تغالب بكائها
لم يعرف كيف يشعر أو يتصرف
أ يتمزق لأنها تبكي؟!!
أو يعاتبها لأنها شكت فيه؟!!
أو يغضب لأنها ضخمت القصة –من وجهة نظره- وأدخلت موضي فيها؟؟
أو
أو
يجن سعادة لأنها تغار عليه؟؟
نعم تغار عليه لدرجة أن تبكي وتتألم لمجرد رؤيته مع أخرى؟!!
( أ تغارين علي يا صغيرتي؟!!
أحقا تغارين؟؟
ما أسعدني هذه الليلة بأحاسيسك!!
هل حقا تحملين لي شعورا ما
بعد أن مزقتي قلبي من فرط المشاعر لكِ؟!)
الطرفان يتبادلان الصمت
العنود مازالت تغالب عبراتها لا تريد أن تبكي وهو يسمع
(يبدو أن لا أهمية لمشاعري عنده
لم يفكر أن يبرر لي... أن يعتذر
أن يكذب حتى ..كما هو مفترض من شاب في موقفه
لمجرد أن يرضيني)
العنود صوتها أصبح أكثر اختناقا كانت أول من قطع الصمت:
خلاص فارس تبي شيء أو أسكر؟؟
فارس شعر أن قلبه يتمزق أشلاء وهو يسمع صوتها المختنق
همس لها بهدوء: العنود اسمعيني
أنا ما أدري أشلون أنتي فسرتي اللي شفتيه
لكن أنا ما أبرر تصرفاتي لأحد
وخصوصا لما أكون أنا ماغلطت نهائي
العنود ماعادت تحتمل قسوته وعجرفته
( أ يصعب عليه لهذه الدرجة أن يطيب خاطري؟؟)
غصبا عنها ارتفع صوت بكائها وهي تشهق وتقول:
أنت ليش قاسي كذا؟؟
ليش؟؟
والا أنا مالي قيمة عندك لدرجة أنك مستخسر فيني أنك تطيب
خاطري بكلمتين
يعني مكلف على نفسك تتصل عشان تجرحني وبس
يعني رجولتك الغالية بتنهز لو راضيتني بكلمة حتى وإن كانت كذب
ثم أنهت هي الاتصال
لتترك فارس ممزقا
فهو منذ سمع بكائها شعر بطعنات تتوالى على روحه مع كل شهقة
من شهقاتها
كل شهقة كانت سهما مراشا يخترق روحه
(أين خزعبلات الانتقام يافارس
إن كنت لم تحتمل حتى سماع بكائها
فكيف لو رأيتها تبكي؟!)
كان فارس يريد أن يتصل بها مرة أخرى
يريد أن يعتذر لها ألف مرة
ويبرر ألف مرة
ويقول أنه يحبها ويعشقها ويذوب من أجلها آلاف آلاف المرات
أن يقول لها: أرجوكِ لا تبكي
بكائكِ ينحرني
ولكن مايريده شيء
ومايقدر عليه ويسمح له كبرياءه به هو شيء آخر تماما
***************************
غرفة مشعل بن عبدالله
مشعل عاد بغطائه
كانت هيا تجلس على السرير
تخجل أن تتمدد أمامه
مشعل خلع ثوبه ووضعه في سلة الغسيل وبقي بفانيلته وسرواله
الأبيضين
نبه هاتفه للصلاة
أطفأ الأنوار بقي فقط نور الأباجورة المجاورة للسرير عند هيا
ثم تمدد على الكنبة وهو يتمتم بأذكاره
انتهى وهي مازالت تجلس
همس بهدوء: أشفيش هيا؟؟
هيا لا تعرف ماذا تقول.. صمتت
مشعل يكرر السؤال: فيش شيء؟؟
هيا بخجل: لا.. إذا نمت أنت.. نمت أنا
مشعل يعطيها ظهره وهو يقول هذا أنا نمت.. نامي
هيا تمددت وهي تسحب شعرها لجوارها
نسيت أن تسأله عن توقيت الصلاة
خجلت أن تكلمه.. لم تكن تريد أن تسأله الآن
توقعت وقت تقريبي ونبهت هاتفها
لأنها لم تكن تريده أن يصحو قبلها ويراها نائمة
تركت الضوء جوارها مضاء ونامت بعد لحظات من شدة التعب
**************************
غرفة مشعل ولطيفة
مشعل بهدوء: تهربين مني؟؟
لطيفة بسخرية: وليش أهرب منك؟؟
مشعل بهدوء مسيطر: أسألي روحش
لطيفة ببرود : سألتها وتقول إنك غلطان.. والحين خلني أروح أنام
مشعل شد يدها التي يمسك بها
رفعها إلى شفتيه.. وطبع في باطن كفها قبلة طويلة عميقة
ثم أفلتها وهمس بنبرة خاصة: الحين روحي نامي
لطيفة ارتعشت أعماقها بعنف
كزوجين مضى على زواجهما 13 عاما
ومر بهما مئات اللمسات المشتركة
لما هزتها قبلته هذه؟!!
لما بدت لها مختلفة؟!!
بل ومختلفة جدا
بدت دافئة جدا وعميقة جدا
وموجعة جدا
موجعة لأبعد حد..
لطيفة غادرته
وهو بقي واقفا في مكانه
لطيفة تمددت على سريرها وهي مازالت ترتعش
بعدها بلحظات وصل هو
تمدد جوارها
دون أن يكلمها
ولو أنه فعل
لربما كانت انهارت
كان سيصل لمبتغاه لو أنه انتهز فرصة ضعفها الحالي
قبل أن تتماسك وتعاود تجميد مشاعرها ورص حصونها
التي دكها بقبلته التي تحرق كفها
كفها الذي تحتضنه الآن قريبا من صدرها
ولكن مشعل كان له مخطط آخر
مخطط يطهوه على نار هادئة
كما تفعل لطيفة به تماما
وهي تتسلى بطهي مشاعره وأعصابه ورغباته على نار هادئة
(إذا كانت لا تصدق أن تتدفق مشاعري فجأة كما تقول
لنذقها التدفق التدريجي
شيئا فشيئا)
*******************
قبل صلاة الفجر بقليل
منبه مشعل يرن.. صحا وأطفئه فورا
يركز بصره بهدوء
النور مازال مضاء بجوار هيا
جلس وهو ينظر لها
دقائق مرت وهو ينظر إليها وهي مستغرقة في النوم
كم تبدو قريبة وبعيدة
وكم يؤلمه هذا القرب البعيد
كم هي رائعة وهذا الشعر الموجع يتناثر حولها
كم يتمنى لو يدفن وجهه في طياته
يستنشق عبيره من قريب
يكون مخدته وغطائه
انتزعه صوت منبهها من أفكاره التي ذهبت بعيدا بألم
كان صوته حادا وعاليا
نهض ليطفئه
وهو يمد يده لتناوله
كانت تمد يدها لتمسك بيده بدلا من هاتفها
انتبهت مرعوبة
وقفزت لتجلس بعد أن كفت يدها وهي تشعر بخجل كاسح
مشعل أطفأ جرس هاتفها
ومرت لحظات وهما يتبادلان النظرات
مشعل واقف وهي جالسة
(لماذا كل هذه التعقيدات بيننا؟؟
لماذا؟؟
هأنا واقف أتمزق شوقا لها ورغبة بها
وهي زوجتي
ما هذا الجنون الذي نمارسه؟!)
مشعل تنهد وهو يقول: أنا بأتوضأ وأروح للصلاة
هيا هممت بكلمات غير مفهومة
ومشعل توجه للحمام
**********************
قبل صلاة الفجر
غرفة مريم
مازالت مريم لم تنم
ماحدث البارحة يلتهم تفكيرها
يلوكه ويمضغه ويلفظه في حلقة متصلة من التفكير الذي لا يهدأ
(سعد
غريبة؟؟
واحد مثل سعد وش يبي بوحدة مثلي
ضريرة لا وكبيرة في السن بعد
وهو يقدر يتزوج أحسن بنت
بعده شباب وعنده خير
وش يبي فيني أنا
وش يبي فيني؟؟)
تتذكر حوارها مع مشعل
مشعل بهدوء: مريم سعد بن فيصل كلمني عليش
مريم انتفضت بعنف: كلمك علي أشلون
مشعل ابتسم: أشلون يعني بعد.. خطبش
تدرين أنا وياه ربع
وهو كلمني أول عشان أخذ رأيش
لو أنتي موافقة كلم إبي
رجال في هيبته مايبي يحرج نفسه لو أنتي رافضته
والموضوع كله بيننا ثلاثتنا لين توافقين
مريم وقفت وهي تقول بعصبية: لا طبعا.. لا
مشعل وقف وشد يدها وأجلسها وهو يقول بمنطقية:
مريم طول عمرش أعقل وحدة فينا.. وصمام الأمان لنا كلنا
مهوب تجين عند نفسش وتخونش الحكمة
سعد ما ينرفض..
وإذا تقبلين بشهادتي.. أنا أبصم له بأصابعي العشر وأنا مغمض
إنه سعد رجال مافيه مثله ثنين
مريم بحزن: أعرف سعد زين ولأنه رجال كامل والكامل وجه الله
وش يبي بوحدة مثلي..
مشعل بغضب: وأنتي وش قاصرش جمال ووعقل وبنت محمد بن مشعل........
قاطعته مريم كأنها تنزف الكلمات: وعمياء وكبيرة في السن
مشعل بغضب رقيق: مريم ما اسمح لش تقولين كذا على نفسش
مريم بحزن أرق: أنت لا تسمح لي.. بس رفضك للحقيقة مايلغيها
مشعل تنهد: مريم اخذي وقتش وفكري
سعد ملزم عليش فوق ما تتصورين.. ويقول إنه شاريش
ومن ناحية ثانية لا تخلين شيء يخليش توافقين إلا رغبتش أنتي
لأنه بيوتنا كلها لش أنتي الداخلة واحنا الطالعين
وهاهي مريم مازالت تفكر.. مثقلة بالهم وممزقة من التفكير
وبروحها تهب نسمة أمل ما
نسمة باردة في هجير حياتها
************************
هيا بعد أن صلت الفجر
قررت أن تبدل ملابسها وتنزل لرؤية جدتها
وفي ذات الوقت تتلافى رؤية مشعل في غرفتهما
يكفيها ضغط البارحة واليوم
لبست جلالها وأحكمت لفه على وجهها بعد أن أبدلت ملابسها ونزلت
دخلت إلى غرفة جدتها
الباب الذي رأت جدتها تدخل منه البارحة
وبالفعل كانت غرفة جدتها تحمل رائحة عميقة وأصيلة
وتفوح من الغرفة رائحة البخور المعتق
كانت غرفة شاسعة بها سريرين
سرير للجدة
وسرير آخر تستخدمه مشاعل أو أم مشعل وحاليا موضي حين
يشعرون أن الجدة قد تكون متعبة
وبطرفها جلسة لطيفة تتسع لسبعة أو ثمانية
كانت جدتها ماتزال تصلي
جلست قريبا منها
حتى أنهت صلاتها
كانت الجدة مكشوفة الوجه
وحين سلمت من صلاتها ورأت هيا
ابتسمت وهي تتناول برقعها لتلبسه
ولكن هيا التي توجهت لها وسلمت واحتضنتها وقبلت كتفها ويدها
ثم أمسكت ببرقعها وهي تقول: لا خليني أشبع من وجهش أول
الجدة بابتسامة وهي تضع طرف جلالها على وجهها:
عيب عليش يا بنت.. خاف يجي عمش الحين وأنا ماعلى وجهي شيء
هيا بمرح: مشعل يقول أني أشبهش.. خليني أشوف
وإلا مشعل حلال يشوف وجهش وأنا لا
وهما تتحاوران حوارا مشبعا بالمرح والحنان دخل عليهم خيال صغير
يقول بمرح: وينها بنت عمي اللي من البارح أدورها ولا صدتها
وينها الخاينة اللي خذت أخي وخانتني؟؟
وقفت هيا بسعادة وشوق لاستقباله
فهي مشتاقة لهذا الفتى الذي كانت تهاتفه تقريبا بشكل يومي
رسمت له صورة في بالها من خلال حوارها معه
ولكن الصورة التي رسمتها كانت مختلفة تماما عن الحقيقة
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
رد: روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )
الجزء الثاني والخمسون
غرفة الجدة أم محمد
بينما هيا وجدتها تتحاوران حوارا مشبعا بالمرح والحنان دخل
عليهم خيال صغير
يقول بمرح: وينها بنت عمي اللي من البارح أدورها ولا صدتها
وينها الخاينة اللي خذت أخي وخانتني؟؟
وقفت هيا بسعادة وشوق لاستقباله
فهي مشتاقة لهذا الفتى الذي كانت تهاتفه تقريبا بشكل يومي
رسمت له صورة في بالها من خلال حوارها مع هولكن الصورة
التي رسمتها كانت مختلفة تماما عن الحقيقة
ضحكت هيا حين رأته وهي تقول له (بعيارة):
ومسوي لروحك شخصية وأثرك شبر القاع ياولد عمي..
سلطان يقترب منها ويسلم دون أي ملامسة ولا حتى مصافحة
كما تربى مع أن هيا كانت تود تقبيله فعلا
وهو يقول بمرح: أخ جيتي لي عالوجيعة..
لم يكن سلطان طويل اللسان سوى طفل حقيقي قصير القامة
ولم تبدو عليه أي بوادر للفوران المبكر التي قد تبدو على من
هم في سنه
هو في الثالثة عشرة ويبدو للناظر كما لو كان في التاسعة..
يقترب من جدته التي تحتضنه وتقول له بحنان: ماعليك منهم
مشعل يوم إنه كبرك كان أقصر منك
بتغدي أنت أطول منهم كلهم
سلطان يرقص حاجبيه لهيا: شفتي بكرة بأغدي أطول من رجالش
وأنتي بتحسفين إنش خليتيني عشانه
هيا تضحك: سليطين غن وراي ياليل ما أطولك
سلطان يضحك: خاينة وسراقة بعد..
على الأقل أنا أحسن من رجالش الزرافة
أشلون تفاهمون ما أدري
أكيد أنتي إذا بغيتي تقولين له شي تكتبينه في ورقة وتسوينها
طيارة وتطيرينها له
هيا بداخلها تكاد تموت من الضحك لكنها قلبت شفتيها وهي
تقول بسخرية:
حبوا لي خشمه ما أطوله
ويلك بس تصير مثل ميشو حبيبي
يقاطع حوارهما المرح صوت يقول بنبرة خاصة: سامع حد يدلعني
هيا كحت من الحرج وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها
وسلطان يقول بمرح: ياحظك يا مشيعل بس
جعل يسقى عقب 20 سنة الاقي لي وحدة تغازلني قدام الناس
مايهمها حد
هيا كان بودها أن تخنق سلطان الذي بدأ في مبالغاته:
تعال شوف مرتك وهي تغزل فيك..
تصدق شكيت هي تكلم عن أخي مشعل
وإلا تكون تحسب روحها خذت رئيس أمريكا
مشعل ينظر لهيا نظرة خاصة ويبتسم ابتسامة جانبية
وهو يرى وجهها الذي احمر وبدأ يتصبب عرقا
يسلم على جدته التي لبست برقعها
ويجلس جوارها ويسأل سلطان: ليه وش قالت لك؟؟
سلطان ينعم صوته ويقول بطريقة أنثوية مصطنعة:
مشعل حبيبي فديت روحه مافيه مثله اثنين.. ليت كل الرياجيل مثله
ولا ليش مثله.. ليت كل الرياجيل فدوتن له.. جعل يومي قبل يومه
وه بس فديت طاري مشعل واسم مشعل
هيا بدأت تكح بصوت مسموع وهي لا تعرف من أين أتى هذا الفتى
بهذه التخاريف
وسلطان يكمل وهو ينظر لهيا ويرقص حاجبيه دون أن ينتبه مشعل:
فديت طول حبيبي مشعل وفديت رزته..
وشبر القاع راحت عليه
وحبو لي خشمه ما أطوله
والناس الخاينين يستاهلون اللي جاهم
عشان ماعاد يحارشون شبر القاع
مشعل لم يفهم الجزء الأخير من كلامه
ولكن هيا فهمت أنه ينتقم منها لأنه سمته )شبر القاع(
لم تستطع منع نفسها من الابتسام
لهذا الفتى قدرة عجيبة على شرح الخاطر وشق الابتسامة في الوجوه
وقدرة أخرى عجيبة في كسر الحواجز الغبية المرتفعة
حاجز ما انكسر بين هيا ومشعل
كلاهما شعر بهذا بوضوح وارتياح شفاف
هو سمعها تتغزل به حتى وإن كانت لتغيظ سلطان
وهي لم تنكر كلام سلطان وكأنها كانت تتمنى فعلا أن تقوله
الجدة بعذوبة: زين يأمكم أنا أبي أتمدد شوي لين شرقة الشمس
البارحة رقادي مهوب زين..
مشعل باحترام: خلاص يمه نخليش براحتش..
وسلطان بمرح: وأنا بأروح أنخمد شوي قدام تجيني موضي تذهني
للمدرسة مثل القضاء المستعجل
هيا بحرج: بأنام عندش يمه
الجدة برفض: لا يأمش روحي مع مشعل
مشعل بهدوء: خليها يمه.. هيا ماشبعت منش..
مشعل خرج.. وهيا تجلس بجوار سرير جدتها التي تمددت
جدتها همست لها بحنان: قومي يأمش انسدحي على السرير الثاني
هيا بحنان ممزوج بالحنين وهي تحتضن كف جدتها: باقعد جنبش
لين تنامين
************************
الساعة العاشرة صباحا
هيا تصحو من النوم.. تنظر لسرير جدتها الخالي
تبتسم بحنان وهي تتذكر كيف أنها بقيت بجوار جدتها حتى استغرقت
في النوم
وكان لديها استعداد أن تبقى تراقبها لساعات دون ملل
هيا الآن تريد أن تغسل وجهها وأسنانها وتبدل ملابسها
استعدادا للخروج مع لطيفة التي قالت أنها ستخرجان العاشرة والنصف
تريد الذهاب لغرفتها
(هل مشعل هناك أو خرج؟؟)
حين خرجت من غرفتها وجدت جدتها وأم مشعل جالستان
عند قهوة الصباح
قبلت رأسيهما
وكم شعرت بسعادة مختلفة وهي ترى هذا الصباح المختلف
روح مختلفة ترفرف حولها
سكينة وإطمئنان وإنشراح قلب
أم مشعل بحنان: اقعدي تقهوي مشاعل وموضي بينزلون ذا الحين؟؟
هيا بتوقير: بأغسل وأبدل وأجي الحين
صعدت هيا فتحت باب غرفتها بهدوء
كان الضوء خافتا بالداخل
(أي أنه لا يزال نائما)
دخلت بالفعل كان مشعل نائما
وكان نائما على السرير وغطاه متكوم عند قدميه
شعرت هيا بحنان متعاظم ناحيته
كيف استطاع تحملها طوال الأسابيع الماضية
حرمته من أبسط حقوقه المفترضة ولكنه لم يقسُ عليها يوما
صبت عليه كل كراهيتها لأهل والدها وتحملها
شعرت بالضآلة أمامه وهو يتسامى فوق أحقادها وعنادها وتصرفاتها
الغريبة
هاهو ينام بسكينة وملامحه الأثيرة مسترخية بشموخ حتى وهو نائم
دموعها تنسكب على خديها بدون أن تشعر
اهتزت أعماقها وهي تحاول نفض أفكارها الملتصقة بتلافيف مخها
توجهت للحمام واغتسلت سريعا
وأبدلت ملابسها
جهزت عباءتها وشيلتها ونقابها كانت تريدها أن تكويها
ستسأل موضي عن ذلك
قبل أن تخرج مرت بمشعل وهي تتأمله مرة أخرى بحنان أكبر وأكبر
اقتربت منه بهدوء
جلست جواره تتأمله من قرب
حزن شفاف يكتسح روحها من أجله
كم كان صبورا ورائعا معها
كان رجلا بكل معنى الكلمة
رجلا نادرا قل نظيره
(على قولت سليطين ليت كل الرياجيل فدوتن لك)
شعرت أن مشاعرها تضغط عليها بعنف
اقتربت أكثر وأكثر
قربت شفتيها من وجهه
لتطبع قبلة خفيفة وخاطفة على عظم وجنته
شعرت أن دقات قلبها تتصاعد كما لو كانت ارتكبت جريمة ما
واحساس متعاظم بالخجل يلفها وهي تنهض لتغادر وتغلق باب
الغرفة وراها وهي تحمد الله أن مشعلا لم يستيقظ
دون أن تنتبه أن هناك عينين انفتحتا ببطء
مع ارتسام ابتسامة نصر وشجن وسعادة على وجه صاحبها
( لو أدري كان جينا الدوحة من زمان)
********************
صالة بيت مشعل بن عبدالله السفلية
الستائر مرفوعة عن الشبابيك الضخمة
ونور الشمس القوي يغمر الصالة الواسعة
نزلت هيا لتجد جدتها وأم مشعل وموضي ومشاعل
سلمت
موضي تفسح لها مكان لتجلس جنبها: تعالي جنبي
شكلش محتاجة حنان.. تعالي يأمش أنا عندي فائض حنان
هيا تضحك: ومن قال لش يافائض الحنان أنتي؟؟
موضي تبتسم: طليت الصبح على جدتي لقيتي نايمة عندها
ومهملة أخيي المسيكين..
قلت أكيد محتاجة شوي حنان أمومي..
رغم إحساس هيا بالحرج إلا أنها ردت على موضي:
يا أختي أخيش زهق مني شهرين مقابل وجهي
قلت خله يرتاح مني
أم مشعل بحنان: الله لا يغير عليكم
هاش يأمش فنجال قهوة
مشاعل قربي القدوع من هيا..
هيا تناولت الفنجان وهمست لموضي: أبي أكوي عباتي
موضي بصوت عالي: ميشو.. قومي فزي اخذي عباية هيا
وعطيها وحدة الشغالات تكويها
هيا بخجل: لا تامرين على مشاعل أنا بأوديها
مشاعل ابتسمت وهي تتناول عباءة هيا من المقعد:
أنتي عروستنا.. لازم ندلعش
هيا تبتسم : أي عروس خلاص عتقنا.. أنتي العروس الحين
مشاعل تغير وجهها.. التغير الذي لاحظته هيا
همست هيا لموضي بعد ذهاب مشاعل: وش فيها؟؟
موضي بقلق: واجد تستحي من طاري العرس
هزتت هيا كتفيها: الله يعين ناصر عليها
(وأنتي ياهيا؟؟
أ ليس مشعل أيضا أعانه الله عليكِ؟؟)
حوار حميم كان يدور بينهن قاطعه صوت واثق عميق:
السلام عليكم
هيا انتفضت بعنف
(لاحول ولاقوة إلا بالله.. واشفيني صرت أخاف منه هنا
في واشنطن كان عادي يدخل وإلا يطلع)
مشعل يصلهن ويقبل رأس كل من جدته ووالدته
موضي حين رأته وقفت
توجهت هي ناحيته وقبلت كتفه وقالت بمرح:
أنا قمت من جنب المدام قبل ماحد يقومني
مشعل جلس بجوار هيا
وهو يقول : صبوا لي فنجال قهوة
هيا قامت لتصب له لأنها كانت أساسا تريد القيام من جواره
لكن موضي حلفت عليها أن تجلس
عادت للجلوس وموضي تتولى مسئولية الصب
الجدة بحنان: يأمك كان رقدت ألين تقرب صلاة الظهر وقمت تصلي
أكيد إنك تعبان
مشعل بنبرة خاصة: أنا كنت راقد بس صحيت على حلم حلو طير
النوم من عيني
قالها وهو يلمس خده مكان قبلة هيا بطريقة بدت عفوية
لكن هيا انتبهت لها تماما وهي تشعر بصدمة حرج بالغ
بل شعورها تجاوز حدود الحرج والخجل وهي تدعك أصابع يدها بحدة
لدرجة الشعور بالخزي وكأنها مجرم أمسكوا به بالجرم المشهود
وأنقذها من الحرج دخول لطيفة وهي تمسك بيد جود
وتسلم على الجميع
وأولهم مشعل الذي وقف لاستقبالها
وقتها كانت مشاعل تعود بعباءة هيا
لطيفة بهدوء: هاه هيا نمشي؟؟
هيا التفتت بحرج لمشعل تستأذنه
مشعل بهدوء: ماتبوني أوديكم؟؟
لطيفة برفض: لا فديتك احنا بنلف كم مكان..
ثم ألتفتت لموضي: خلي بالش من جود وتراها مابعد تريقت
لبستها وجبتها على السريع
مشعل همس لهيا من قريب: هيا تعالي
وقام وتوجه لغرفة جدته
هيا توترت بشدة (وش يبي فيني؟؟)
غرفة الجدة أم محمد
بينما هيا وجدتها تتحاوران حوارا مشبعا بالمرح والحنان دخل
عليهم خيال صغير
يقول بمرح: وينها بنت عمي اللي من البارح أدورها ولا صدتها
وينها الخاينة اللي خذت أخي وخانتني؟؟
وقفت هيا بسعادة وشوق لاستقباله
فهي مشتاقة لهذا الفتى الذي كانت تهاتفه تقريبا بشكل يومي
رسمت له صورة في بالها من خلال حوارها مع هولكن الصورة
التي رسمتها كانت مختلفة تماما عن الحقيقة
ضحكت هيا حين رأته وهي تقول له (بعيارة):
ومسوي لروحك شخصية وأثرك شبر القاع ياولد عمي..
سلطان يقترب منها ويسلم دون أي ملامسة ولا حتى مصافحة
كما تربى مع أن هيا كانت تود تقبيله فعلا
وهو يقول بمرح: أخ جيتي لي عالوجيعة..
لم يكن سلطان طويل اللسان سوى طفل حقيقي قصير القامة
ولم تبدو عليه أي بوادر للفوران المبكر التي قد تبدو على من
هم في سنه
هو في الثالثة عشرة ويبدو للناظر كما لو كان في التاسعة..
يقترب من جدته التي تحتضنه وتقول له بحنان: ماعليك منهم
مشعل يوم إنه كبرك كان أقصر منك
بتغدي أنت أطول منهم كلهم
سلطان يرقص حاجبيه لهيا: شفتي بكرة بأغدي أطول من رجالش
وأنتي بتحسفين إنش خليتيني عشانه
هيا تضحك: سليطين غن وراي ياليل ما أطولك
سلطان يضحك: خاينة وسراقة بعد..
على الأقل أنا أحسن من رجالش الزرافة
أشلون تفاهمون ما أدري
أكيد أنتي إذا بغيتي تقولين له شي تكتبينه في ورقة وتسوينها
طيارة وتطيرينها له
هيا بداخلها تكاد تموت من الضحك لكنها قلبت شفتيها وهي
تقول بسخرية:
حبوا لي خشمه ما أطوله
ويلك بس تصير مثل ميشو حبيبي
يقاطع حوارهما المرح صوت يقول بنبرة خاصة: سامع حد يدلعني
هيا كحت من الحرج وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها
وسلطان يقول بمرح: ياحظك يا مشيعل بس
جعل يسقى عقب 20 سنة الاقي لي وحدة تغازلني قدام الناس
مايهمها حد
هيا كان بودها أن تخنق سلطان الذي بدأ في مبالغاته:
تعال شوف مرتك وهي تغزل فيك..
تصدق شكيت هي تكلم عن أخي مشعل
وإلا تكون تحسب روحها خذت رئيس أمريكا
مشعل ينظر لهيا نظرة خاصة ويبتسم ابتسامة جانبية
وهو يرى وجهها الذي احمر وبدأ يتصبب عرقا
يسلم على جدته التي لبست برقعها
ويجلس جوارها ويسأل سلطان: ليه وش قالت لك؟؟
سلطان ينعم صوته ويقول بطريقة أنثوية مصطنعة:
مشعل حبيبي فديت روحه مافيه مثله اثنين.. ليت كل الرياجيل مثله
ولا ليش مثله.. ليت كل الرياجيل فدوتن له.. جعل يومي قبل يومه
وه بس فديت طاري مشعل واسم مشعل
هيا بدأت تكح بصوت مسموع وهي لا تعرف من أين أتى هذا الفتى
بهذه التخاريف
وسلطان يكمل وهو ينظر لهيا ويرقص حاجبيه دون أن ينتبه مشعل:
فديت طول حبيبي مشعل وفديت رزته..
وشبر القاع راحت عليه
وحبو لي خشمه ما أطوله
والناس الخاينين يستاهلون اللي جاهم
عشان ماعاد يحارشون شبر القاع
مشعل لم يفهم الجزء الأخير من كلامه
ولكن هيا فهمت أنه ينتقم منها لأنه سمته )شبر القاع(
لم تستطع منع نفسها من الابتسام
لهذا الفتى قدرة عجيبة على شرح الخاطر وشق الابتسامة في الوجوه
وقدرة أخرى عجيبة في كسر الحواجز الغبية المرتفعة
حاجز ما انكسر بين هيا ومشعل
كلاهما شعر بهذا بوضوح وارتياح شفاف
هو سمعها تتغزل به حتى وإن كانت لتغيظ سلطان
وهي لم تنكر كلام سلطان وكأنها كانت تتمنى فعلا أن تقوله
الجدة بعذوبة: زين يأمكم أنا أبي أتمدد شوي لين شرقة الشمس
البارحة رقادي مهوب زين..
مشعل باحترام: خلاص يمه نخليش براحتش..
وسلطان بمرح: وأنا بأروح أنخمد شوي قدام تجيني موضي تذهني
للمدرسة مثل القضاء المستعجل
هيا بحرج: بأنام عندش يمه
الجدة برفض: لا يأمش روحي مع مشعل
مشعل بهدوء: خليها يمه.. هيا ماشبعت منش..
مشعل خرج.. وهيا تجلس بجوار سرير جدتها التي تمددت
جدتها همست لها بحنان: قومي يأمش انسدحي على السرير الثاني
هيا بحنان ممزوج بالحنين وهي تحتضن كف جدتها: باقعد جنبش
لين تنامين
************************
الساعة العاشرة صباحا
هيا تصحو من النوم.. تنظر لسرير جدتها الخالي
تبتسم بحنان وهي تتذكر كيف أنها بقيت بجوار جدتها حتى استغرقت
في النوم
وكان لديها استعداد أن تبقى تراقبها لساعات دون ملل
هيا الآن تريد أن تغسل وجهها وأسنانها وتبدل ملابسها
استعدادا للخروج مع لطيفة التي قالت أنها ستخرجان العاشرة والنصف
تريد الذهاب لغرفتها
(هل مشعل هناك أو خرج؟؟)
حين خرجت من غرفتها وجدت جدتها وأم مشعل جالستان
عند قهوة الصباح
قبلت رأسيهما
وكم شعرت بسعادة مختلفة وهي ترى هذا الصباح المختلف
روح مختلفة ترفرف حولها
سكينة وإطمئنان وإنشراح قلب
أم مشعل بحنان: اقعدي تقهوي مشاعل وموضي بينزلون ذا الحين؟؟
هيا بتوقير: بأغسل وأبدل وأجي الحين
صعدت هيا فتحت باب غرفتها بهدوء
كان الضوء خافتا بالداخل
(أي أنه لا يزال نائما)
دخلت بالفعل كان مشعل نائما
وكان نائما على السرير وغطاه متكوم عند قدميه
شعرت هيا بحنان متعاظم ناحيته
كيف استطاع تحملها طوال الأسابيع الماضية
حرمته من أبسط حقوقه المفترضة ولكنه لم يقسُ عليها يوما
صبت عليه كل كراهيتها لأهل والدها وتحملها
شعرت بالضآلة أمامه وهو يتسامى فوق أحقادها وعنادها وتصرفاتها
الغريبة
هاهو ينام بسكينة وملامحه الأثيرة مسترخية بشموخ حتى وهو نائم
دموعها تنسكب على خديها بدون أن تشعر
اهتزت أعماقها وهي تحاول نفض أفكارها الملتصقة بتلافيف مخها
توجهت للحمام واغتسلت سريعا
وأبدلت ملابسها
جهزت عباءتها وشيلتها ونقابها كانت تريدها أن تكويها
ستسأل موضي عن ذلك
قبل أن تخرج مرت بمشعل وهي تتأمله مرة أخرى بحنان أكبر وأكبر
اقتربت منه بهدوء
جلست جواره تتأمله من قرب
حزن شفاف يكتسح روحها من أجله
كم كان صبورا ورائعا معها
كان رجلا بكل معنى الكلمة
رجلا نادرا قل نظيره
(على قولت سليطين ليت كل الرياجيل فدوتن لك)
شعرت أن مشاعرها تضغط عليها بعنف
اقتربت أكثر وأكثر
قربت شفتيها من وجهه
لتطبع قبلة خفيفة وخاطفة على عظم وجنته
شعرت أن دقات قلبها تتصاعد كما لو كانت ارتكبت جريمة ما
واحساس متعاظم بالخجل يلفها وهي تنهض لتغادر وتغلق باب
الغرفة وراها وهي تحمد الله أن مشعلا لم يستيقظ
دون أن تنتبه أن هناك عينين انفتحتا ببطء
مع ارتسام ابتسامة نصر وشجن وسعادة على وجه صاحبها
( لو أدري كان جينا الدوحة من زمان)
********************
صالة بيت مشعل بن عبدالله السفلية
الستائر مرفوعة عن الشبابيك الضخمة
ونور الشمس القوي يغمر الصالة الواسعة
نزلت هيا لتجد جدتها وأم مشعل وموضي ومشاعل
سلمت
موضي تفسح لها مكان لتجلس جنبها: تعالي جنبي
شكلش محتاجة حنان.. تعالي يأمش أنا عندي فائض حنان
هيا تضحك: ومن قال لش يافائض الحنان أنتي؟؟
موضي تبتسم: طليت الصبح على جدتي لقيتي نايمة عندها
ومهملة أخيي المسيكين..
قلت أكيد محتاجة شوي حنان أمومي..
رغم إحساس هيا بالحرج إلا أنها ردت على موضي:
يا أختي أخيش زهق مني شهرين مقابل وجهي
قلت خله يرتاح مني
أم مشعل بحنان: الله لا يغير عليكم
هاش يأمش فنجال قهوة
مشاعل قربي القدوع من هيا..
هيا تناولت الفنجان وهمست لموضي: أبي أكوي عباتي
موضي بصوت عالي: ميشو.. قومي فزي اخذي عباية هيا
وعطيها وحدة الشغالات تكويها
هيا بخجل: لا تامرين على مشاعل أنا بأوديها
مشاعل ابتسمت وهي تتناول عباءة هيا من المقعد:
أنتي عروستنا.. لازم ندلعش
هيا تبتسم : أي عروس خلاص عتقنا.. أنتي العروس الحين
مشاعل تغير وجهها.. التغير الذي لاحظته هيا
همست هيا لموضي بعد ذهاب مشاعل: وش فيها؟؟
موضي بقلق: واجد تستحي من طاري العرس
هزتت هيا كتفيها: الله يعين ناصر عليها
(وأنتي ياهيا؟؟
أ ليس مشعل أيضا أعانه الله عليكِ؟؟)
حوار حميم كان يدور بينهن قاطعه صوت واثق عميق:
السلام عليكم
هيا انتفضت بعنف
(لاحول ولاقوة إلا بالله.. واشفيني صرت أخاف منه هنا
في واشنطن كان عادي يدخل وإلا يطلع)
مشعل يصلهن ويقبل رأس كل من جدته ووالدته
موضي حين رأته وقفت
توجهت هي ناحيته وقبلت كتفه وقالت بمرح:
أنا قمت من جنب المدام قبل ماحد يقومني
مشعل جلس بجوار هيا
وهو يقول : صبوا لي فنجال قهوة
هيا قامت لتصب له لأنها كانت أساسا تريد القيام من جواره
لكن موضي حلفت عليها أن تجلس
عادت للجلوس وموضي تتولى مسئولية الصب
الجدة بحنان: يأمك كان رقدت ألين تقرب صلاة الظهر وقمت تصلي
أكيد إنك تعبان
مشعل بنبرة خاصة: أنا كنت راقد بس صحيت على حلم حلو طير
النوم من عيني
قالها وهو يلمس خده مكان قبلة هيا بطريقة بدت عفوية
لكن هيا انتبهت لها تماما وهي تشعر بصدمة حرج بالغ
بل شعورها تجاوز حدود الحرج والخجل وهي تدعك أصابع يدها بحدة
لدرجة الشعور بالخزي وكأنها مجرم أمسكوا به بالجرم المشهود
وأنقذها من الحرج دخول لطيفة وهي تمسك بيد جود
وتسلم على الجميع
وأولهم مشعل الذي وقف لاستقبالها
وقتها كانت مشاعل تعود بعباءة هيا
لطيفة بهدوء: هاه هيا نمشي؟؟
هيا التفتت بحرج لمشعل تستأذنه
مشعل بهدوء: ماتبوني أوديكم؟؟
لطيفة برفض: لا فديتك احنا بنلف كم مكان..
ثم ألتفتت لموضي: خلي بالش من جود وتراها مابعد تريقت
لبستها وجبتها على السريع
مشعل همس لهيا من قريب: هيا تعالي
وقام وتوجه لغرفة جدته
هيا توترت بشدة (وش يبي فيني؟؟)
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
رد: روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )
الجزء الثالث والخمسون
مشعل همس لهيا من قريب: هيا تعالي
وقام وتوجه لغرفة جدته
هيا توترت بشدة (وش يبي فيني؟؟)
لكنها تبعته
مشعل أخرج ظرفا من جيبه: خذي
هيا باستفسار: شنو هذا؟؟
مشعل بتلقائية: فلوس
هيا بحرج: مشعل أنت عارف أني عندي فلوس
مشعل بعتب: أنتي لازم تعاندين في كل شيء
عطيتش فلوس.. خذيها بدون ماتراديني
هيا تناولت الظرف ووضعته في حقيبة يدها
وقالت بعذوبة: هذا أنا خذته.. شيء ثاني؟؟
مشعل بخبث:إيه فيه شيء ثاني.. فيه دين لي عندش
هيا باستغراب: دين شنو؟؟
مشعل أحنى قامنى الطويلة قليلا قرب وجهه منه
وهيا ارتعشت بحدة وهي ترى وجهه من هذا القرب
شعيرات عارضه.. أهداب عينيه
اقترب أكثر
وطبع قبلة على وجنتها تماما مكان قبلتها
وقال بعمق: الحين متعادلين..
ثم غادرها
مشعل بعد موقفها في واشنطن معه
قرر أنه لن يبادر حتى لا تصده مرة أخرى
لكن بما أنها بادرت اليوم
فلن يفلت الفرصة.. فهو مرهق من هذا الجفاف العاطفي الذي يغلف
حياتهما لذا قرر أن يطرق الحديد وهو ساخن
وأن يساهم في تقويض الجدار المتعالي بينهما
هيا تتسند على الحائط تشعر أن قدميها عاجزتين عن حملها
وقلبها تتعالى دقاته بعنف
صوت لطيفة يناديها من الخارج: هيا يالله تأخرنا
خرجت وهي تتحاشى النظر للموجودين
وموضي تقول بمرح وهي تطعم جود: هذا كله اجتماع قمة
مع أبو العيال ومداولات عقبه بعده
ومشعل الذي كان يرتشف كوبا في يده يقول لها:
ياشين اللقافة ياناس.. خليش في جود ريقيها
وعقب عطيني إياها الاعبها شوي
فديتها حبيبة خالها.. أبي أكل خدودها المدورة ذي
لطيفة تغادر وهي تضحك وتقول لأمها: يمه بنتي أمانة عندكم
لا تخلين ولدش الفجعان ياكلها
**************************
بعد المغرب
بيت عبدالله بن مشعل
خبيرة التجميل تصل
لطيفة أخذت هيا اليوم لشراء فستان ومستلزماته
ثم مرت بها مركز التجميل
للقيام بعملية عناية شاملة لها
ولم تعودا إلا بعد صلاة العصر
ولم يكن مشعل موجودا ولم تراه هيا مطلقا
ولكنها علمت أنه ذهب مع ابن عمه راكان لإخراج طيره من مركز الصقور
بعد دقائق موضي تتصل بلطيفة
لطيفة باستعجال: موضي الله يهداش وش تبين داقة؟؟
تدرين إني أدرس عيالي
ماعندي وقت يالله ألحق أخلصهم وألبس وأتمكيج
موضي تضحك: لو إنش بدال ذا المحاضرة اللي عطيتيني
خليتني أتكلم كان الحين مخلصة اللي عندي
لطيفة تبتسم: زين خلصي اللي عندش
موضي: بنت عمش
لطيفة: أي وحدة فيهم؟؟
موضي: مرت أخيش
لطيفة باهتمام: وش فيها؟؟
موضي تضحك: شعرها طويل ماشاء الله
لطيفة تضحك: زين ماشاء الله.. متصلة علي عشان تقولين لي
موضي تضحك ثم تقول باهتمام: يالمتنحة ركزي معي الثانوية العامة
مع عيالش لحسوا مخش
البنية شعرها طويل طويل ويجنن تبيني أخليها تفكه عند جماعتنا
المشفح يطسونها عين..
ماعاد فيه حد شعره ذا الطول.. خايفة عليها
لطيفة بهدوء: حصنيها واقري عليها.. شعرها طويل يعني لازم
ينكوي وينفرد ماينفع ينعمل شنيون أو يرفع
وخلي أمي وجدتي يحصنونها بعد..
لطيفة تبتسم: ليه أنا ما كفي..أصلا الناس يجوني أقرأ عليهم..
وبكرة بتلاقيني أبيع ماي وزيت مقري فيه
لطيفة تريد إنهاء المكالمة: سوي اللي قلته وبس
وتأكدي من ترتيب طاولات البوفية
والمضيفات تراهم على وصول..
وفيه كم طلبية بتوصل الحين بعد..
لا تخلين حد من الخدامات يطلع عليهم إلا فاطمة.. الباقيات غبيات
موضي تبتسم: يازينش وأنتي تأمرين بس..
لطيفة باستعجال: وش أسوي مشاعل والعنود عرايس ومايصير
نتأمر عليهم وخصوصا أنهم مهوب حاضرين
ومعالي مايعتمد عليها
ومافيه غيرش
من زين نفعتش يعني؟؟
وش حدك على المر على قال اللي أمر منه..
موضي تضحك: الله يعيني عليكم
أنا مثل العومة ماكولة ومذمومة
***********************
القاهرة
منزل طه الرشيدي
باكينام تجلس في صالة الاستقبال الرئيسية بعد أن صلت المغرب
وتقرأ لها كتابا
كانت مسغرقة في القراءة حتى وصلتها الخطوات الثقيلة الهادئة
التفتت باحترام وهي تفسح مكانا إلى جوارها:
تعالي أنّا جنبي
صفيه بهدوء: فين صاحباتك اللي كانوا هينا؟؟
باكينام برقة: مشيو يا أنّا.. بئولو عاوزين يروحون سيتي ستارز..
والله مسكت فيهم للعشاء بس هم مارضيوش..
عشان ما تزعليش وتئولي احنا العرب بخلاء
صفية بنبرة خاصة: وانتي مارحتيش معاهم ليه؟؟
باكينام تبتسم: من هنا من المعادي لسيتي ستارز في مدينة نصر
وفي الزحمة دي عاوزين ساعتين رايح ساعتين جاي
وأنا ماليش خلئ
صفية بذات النبرة الخاصة: بت باكي انتي من لما جيتي هينا..
وأنتي ما بيخرجش خالص
باكينام تحتضن ذراع جدتها: انتي عاوزاني أسيب أحلى أنا
وأروح فين
صفية مستمرة في الاسئلة المبطنة: شباب يحبوا يخرجوا..
باكينام تبتسم وتقول بنبرة خاصة كجدتها: أنّا.. مبروم على
مبروم مايلفش جيبي اللي عندك م الآخر
ضحكت الجدة ضحكة قصيرة وهي تقرص خد باكينام: عفارم
باكينام عفارم
صحيح بنتي أنا ..مخك زي مخ أنّتك
هيجي يخطبك أمتى؟؟
باكينام شرقت بدون شيء وبدأت تكح بعنف..
وجدتها ارتعبت وهي تحرك يديها أمام وجهها:
بت باكينام خدي نفس يخرب بيته خلاص مش عاوزينه يجي
باكينام تبتسم رغم عينيها التي امتلئت بالدموع من الكحة المتواصلة:
إيه حكاية يخطبني دي يا أنّا؟؟
صفية ترقص حاجبيها بخبث: بت باكي أنا عارفاك كويس
فيه واحد معشش هنا وهنا (قالتها وهي تشير على قلب باكينام وراسها)
أنا عاوزة أعرف هو هيجي يخطبك أمتى
ثم أكملت صفية بغضب وكأنها تتذكر شيئا: أوعي بت باكينام تكوني
تعملي حكايات غرام وتئولي نتعرف كويس وجواز بعدين
باكينام تضحك: أنتي عملتي حكاية طويلة من مخك الحلو ده
مافيش حاجة من اللي أنتي بتئوليها
صفية بغضب: أنتي هتكدبي عليا بت باكي
أنا مش بت امبارح
باكينام تتنهد: لما يكون عندي حاجة أئولها هائول..
ربنا يخليكي أنّا ما تزعليش مني
**************************
قبل صلاة العشاء
لطيفة انتهت من اللبس وكانت على وشك لبس عباءتها
بعد أن أنهت بناتها أولا وأرسلتهن لبيت والدها
دخل مشعل وهو مستعجل
لم ينظر ناحيتها وهو يدخل الحمام بسرعة ويقول لها:
لطيفة لو سمحتي طلعي لي ثوب وغترة مستعجل
لطيفة فرشت عباءتها على السرير
وأخرجت له ثوب وغترة وعطرتهما كما اعتادت
ثم اقتربت من باب الحمام ورفعت صوتها:
مشعل أنا طلعت ثيابك وباروح.. تبي شيء ثاني؟؟
مع انهائها لجملتها كان مشعل يفتح الباب
وكاد أن يصدم بها
توقف قليلا وهو ينظر لها بتركيز
ولطيفة تنسحب بعفوية لتلبس عباءتها
مشعل بنبرة غضب: لطيفة انتي بتروحين بالثوب هذا؟؟
لطيفة انتبهت لسبب غصبه.. فالفستان كان بحمالتين رفيعتين
ولطيفة أساسا تلبسه مع جاكيت قصير والجاكيت معها
لكنها لم تكن تريده أن يتجعد لذا تركته في علاقته لتلبسه في بيت أهلها
ومع ذلك ردت عليه ببرود مدروس: ليه؟؟ وش فيه ثوبي؟؟
مشعل يتنهد بعمق حتى لا يثور فيها: افسخيه الحين والبسي شيء ثاني
لطيفة تلعب لعبة لا تعلم ماذا تهدف منها: إن شاء الله أغيره
بس أقنعني بأسبابك
مشعل اقترب منها ليمرر أصبعه على كتفها وأسفل عنقها ويقول
بنبرة خاصة:
أنا ما أسمح لأحد يشوف شيء مالحد حق بشوفته إلا أنا
لطيفة تراجعت بعنف وهي تقول بخفوت: الفستان معه جاكيت
وأنا أخاف ربي قبل أي شيء
وأعتقد أنك عارف إني ماتعودت ألبس عاري حتى عند الحريم
مشعل ابتسم: ولو حتى شنو مالبستي.. أنتي أحلى منهم كلهم
قال جملته وتناول ثوبه ليبلسه
ولطيفة مصدومة
(هو مدحني وقال لي أني حلوة
أو أنا يتهيأ لي وسمعت أشياء على كيفي؟؟)
مهما كانت المرأة جميلة
يهمها أن تكون جميلة في نظر إنسان واحد
نظره هو..
فما فائدة جمال لا يحرك مشاعره ويدفعه للتعبير والصراخ
وهو لن يرى جمال وجهها حتى يرى جمال روحها أولا..
وحينما رأى هذا الجمال
رأى كل ماعداه من جمال
لطيفة لبست عباءتها ونقابها وكانت على وشك الخروج
مشعل الذي كان يعدل غترته أمام المرآه ناداها: لطيفة
لطيفة عند الباب ردت بعفوية: لبيه
مشعل بابتسامة وعيناه مركزتان في المرآة:
لبيتي في مكة...أبي أقول الأحمر عليش يضوي ضوي
مشعل همس لهيا من قريب: هيا تعالي
وقام وتوجه لغرفة جدته
هيا توترت بشدة (وش يبي فيني؟؟)
لكنها تبعته
مشعل أخرج ظرفا من جيبه: خذي
هيا باستفسار: شنو هذا؟؟
مشعل بتلقائية: فلوس
هيا بحرج: مشعل أنت عارف أني عندي فلوس
مشعل بعتب: أنتي لازم تعاندين في كل شيء
عطيتش فلوس.. خذيها بدون ماتراديني
هيا تناولت الظرف ووضعته في حقيبة يدها
وقالت بعذوبة: هذا أنا خذته.. شيء ثاني؟؟
مشعل بخبث:إيه فيه شيء ثاني.. فيه دين لي عندش
هيا باستغراب: دين شنو؟؟
مشعل أحنى قامنى الطويلة قليلا قرب وجهه منه
وهيا ارتعشت بحدة وهي ترى وجهه من هذا القرب
شعيرات عارضه.. أهداب عينيه
اقترب أكثر
وطبع قبلة على وجنتها تماما مكان قبلتها
وقال بعمق: الحين متعادلين..
ثم غادرها
مشعل بعد موقفها في واشنطن معه
قرر أنه لن يبادر حتى لا تصده مرة أخرى
لكن بما أنها بادرت اليوم
فلن يفلت الفرصة.. فهو مرهق من هذا الجفاف العاطفي الذي يغلف
حياتهما لذا قرر أن يطرق الحديد وهو ساخن
وأن يساهم في تقويض الجدار المتعالي بينهما
هيا تتسند على الحائط تشعر أن قدميها عاجزتين عن حملها
وقلبها تتعالى دقاته بعنف
صوت لطيفة يناديها من الخارج: هيا يالله تأخرنا
خرجت وهي تتحاشى النظر للموجودين
وموضي تقول بمرح وهي تطعم جود: هذا كله اجتماع قمة
مع أبو العيال ومداولات عقبه بعده
ومشعل الذي كان يرتشف كوبا في يده يقول لها:
ياشين اللقافة ياناس.. خليش في جود ريقيها
وعقب عطيني إياها الاعبها شوي
فديتها حبيبة خالها.. أبي أكل خدودها المدورة ذي
لطيفة تغادر وهي تضحك وتقول لأمها: يمه بنتي أمانة عندكم
لا تخلين ولدش الفجعان ياكلها
**************************
بعد المغرب
بيت عبدالله بن مشعل
خبيرة التجميل تصل
لطيفة أخذت هيا اليوم لشراء فستان ومستلزماته
ثم مرت بها مركز التجميل
للقيام بعملية عناية شاملة لها
ولم تعودا إلا بعد صلاة العصر
ولم يكن مشعل موجودا ولم تراه هيا مطلقا
ولكنها علمت أنه ذهب مع ابن عمه راكان لإخراج طيره من مركز الصقور
بعد دقائق موضي تتصل بلطيفة
لطيفة باستعجال: موضي الله يهداش وش تبين داقة؟؟
تدرين إني أدرس عيالي
ماعندي وقت يالله ألحق أخلصهم وألبس وأتمكيج
موضي تضحك: لو إنش بدال ذا المحاضرة اللي عطيتيني
خليتني أتكلم كان الحين مخلصة اللي عندي
لطيفة تبتسم: زين خلصي اللي عندش
موضي: بنت عمش
لطيفة: أي وحدة فيهم؟؟
موضي: مرت أخيش
لطيفة باهتمام: وش فيها؟؟
موضي تضحك: شعرها طويل ماشاء الله
لطيفة تضحك: زين ماشاء الله.. متصلة علي عشان تقولين لي
موضي تضحك ثم تقول باهتمام: يالمتنحة ركزي معي الثانوية العامة
مع عيالش لحسوا مخش
البنية شعرها طويل طويل ويجنن تبيني أخليها تفكه عند جماعتنا
المشفح يطسونها عين..
ماعاد فيه حد شعره ذا الطول.. خايفة عليها
لطيفة بهدوء: حصنيها واقري عليها.. شعرها طويل يعني لازم
ينكوي وينفرد ماينفع ينعمل شنيون أو يرفع
وخلي أمي وجدتي يحصنونها بعد..
لطيفة تبتسم: ليه أنا ما كفي..أصلا الناس يجوني أقرأ عليهم..
وبكرة بتلاقيني أبيع ماي وزيت مقري فيه
لطيفة تريد إنهاء المكالمة: سوي اللي قلته وبس
وتأكدي من ترتيب طاولات البوفية
والمضيفات تراهم على وصول..
وفيه كم طلبية بتوصل الحين بعد..
لا تخلين حد من الخدامات يطلع عليهم إلا فاطمة.. الباقيات غبيات
موضي تبتسم: يازينش وأنتي تأمرين بس..
لطيفة باستعجال: وش أسوي مشاعل والعنود عرايس ومايصير
نتأمر عليهم وخصوصا أنهم مهوب حاضرين
ومعالي مايعتمد عليها
ومافيه غيرش
من زين نفعتش يعني؟؟
وش حدك على المر على قال اللي أمر منه..
موضي تضحك: الله يعيني عليكم
أنا مثل العومة ماكولة ومذمومة
***********************
القاهرة
منزل طه الرشيدي
باكينام تجلس في صالة الاستقبال الرئيسية بعد أن صلت المغرب
وتقرأ لها كتابا
كانت مسغرقة في القراءة حتى وصلتها الخطوات الثقيلة الهادئة
التفتت باحترام وهي تفسح مكانا إلى جوارها:
تعالي أنّا جنبي
صفيه بهدوء: فين صاحباتك اللي كانوا هينا؟؟
باكينام برقة: مشيو يا أنّا.. بئولو عاوزين يروحون سيتي ستارز..
والله مسكت فيهم للعشاء بس هم مارضيوش..
عشان ما تزعليش وتئولي احنا العرب بخلاء
صفية بنبرة خاصة: وانتي مارحتيش معاهم ليه؟؟
باكينام تبتسم: من هنا من المعادي لسيتي ستارز في مدينة نصر
وفي الزحمة دي عاوزين ساعتين رايح ساعتين جاي
وأنا ماليش خلئ
صفية بذات النبرة الخاصة: بت باكي انتي من لما جيتي هينا..
وأنتي ما بيخرجش خالص
باكينام تحتضن ذراع جدتها: انتي عاوزاني أسيب أحلى أنا
وأروح فين
صفية مستمرة في الاسئلة المبطنة: شباب يحبوا يخرجوا..
باكينام تبتسم وتقول بنبرة خاصة كجدتها: أنّا.. مبروم على
مبروم مايلفش جيبي اللي عندك م الآخر
ضحكت الجدة ضحكة قصيرة وهي تقرص خد باكينام: عفارم
باكينام عفارم
صحيح بنتي أنا ..مخك زي مخ أنّتك
هيجي يخطبك أمتى؟؟
باكينام شرقت بدون شيء وبدأت تكح بعنف..
وجدتها ارتعبت وهي تحرك يديها أمام وجهها:
بت باكينام خدي نفس يخرب بيته خلاص مش عاوزينه يجي
باكينام تبتسم رغم عينيها التي امتلئت بالدموع من الكحة المتواصلة:
إيه حكاية يخطبني دي يا أنّا؟؟
صفية ترقص حاجبيها بخبث: بت باكي أنا عارفاك كويس
فيه واحد معشش هنا وهنا (قالتها وهي تشير على قلب باكينام وراسها)
أنا عاوزة أعرف هو هيجي يخطبك أمتى
ثم أكملت صفية بغضب وكأنها تتذكر شيئا: أوعي بت باكينام تكوني
تعملي حكايات غرام وتئولي نتعرف كويس وجواز بعدين
باكينام تضحك: أنتي عملتي حكاية طويلة من مخك الحلو ده
مافيش حاجة من اللي أنتي بتئوليها
صفية بغضب: أنتي هتكدبي عليا بت باكي
أنا مش بت امبارح
باكينام تتنهد: لما يكون عندي حاجة أئولها هائول..
ربنا يخليكي أنّا ما تزعليش مني
**************************
قبل صلاة العشاء
لطيفة انتهت من اللبس وكانت على وشك لبس عباءتها
بعد أن أنهت بناتها أولا وأرسلتهن لبيت والدها
دخل مشعل وهو مستعجل
لم ينظر ناحيتها وهو يدخل الحمام بسرعة ويقول لها:
لطيفة لو سمحتي طلعي لي ثوب وغترة مستعجل
لطيفة فرشت عباءتها على السرير
وأخرجت له ثوب وغترة وعطرتهما كما اعتادت
ثم اقتربت من باب الحمام ورفعت صوتها:
مشعل أنا طلعت ثيابك وباروح.. تبي شيء ثاني؟؟
مع انهائها لجملتها كان مشعل يفتح الباب
وكاد أن يصدم بها
توقف قليلا وهو ينظر لها بتركيز
ولطيفة تنسحب بعفوية لتلبس عباءتها
مشعل بنبرة غضب: لطيفة انتي بتروحين بالثوب هذا؟؟
لطيفة انتبهت لسبب غصبه.. فالفستان كان بحمالتين رفيعتين
ولطيفة أساسا تلبسه مع جاكيت قصير والجاكيت معها
لكنها لم تكن تريده أن يتجعد لذا تركته في علاقته لتلبسه في بيت أهلها
ومع ذلك ردت عليه ببرود مدروس: ليه؟؟ وش فيه ثوبي؟؟
مشعل يتنهد بعمق حتى لا يثور فيها: افسخيه الحين والبسي شيء ثاني
لطيفة تلعب لعبة لا تعلم ماذا تهدف منها: إن شاء الله أغيره
بس أقنعني بأسبابك
مشعل اقترب منها ليمرر أصبعه على كتفها وأسفل عنقها ويقول
بنبرة خاصة:
أنا ما أسمح لأحد يشوف شيء مالحد حق بشوفته إلا أنا
لطيفة تراجعت بعنف وهي تقول بخفوت: الفستان معه جاكيت
وأنا أخاف ربي قبل أي شيء
وأعتقد أنك عارف إني ماتعودت ألبس عاري حتى عند الحريم
مشعل ابتسم: ولو حتى شنو مالبستي.. أنتي أحلى منهم كلهم
قال جملته وتناول ثوبه ليبلسه
ولطيفة مصدومة
(هو مدحني وقال لي أني حلوة
أو أنا يتهيأ لي وسمعت أشياء على كيفي؟؟)
مهما كانت المرأة جميلة
يهمها أن تكون جميلة في نظر إنسان واحد
نظره هو..
فما فائدة جمال لا يحرك مشاعره ويدفعه للتعبير والصراخ
وهو لن يرى جمال وجهها حتى يرى جمال روحها أولا..
وحينما رأى هذا الجمال
رأى كل ماعداه من جمال
لطيفة لبست عباءتها ونقابها وكانت على وشك الخروج
مشعل الذي كان يعدل غترته أمام المرآه ناداها: لطيفة
لطيفة عند الباب ردت بعفوية: لبيه
مشعل بابتسامة وعيناه مركزتان في المرآة:
لبيتي في مكة...أبي أقول الأحمر عليش يضوي ضوي
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )16
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )32
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )47
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم ) 2
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )17
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )32
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )47
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم ) 2
» روايه أسى الهجران- للكاتبة/ #أنفاس_قطر# ( اخراج صمتي قاهرهم )17
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:04 pm من طرف جنى بودى
» احسن موقع لمختلف الحجوزات
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:04 pm من طرف مدام ششريهان
» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:34 pm من طرف سها ياسر
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
الأحد نوفمبر 17, 2024 1:02 am من طرف جنى بودى
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت نوفمبر 16, 2024 10:32 pm من طرف جنى بودى
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت نوفمبر 16, 2024 12:46 am من طرف جنى بودى
» مسابقة رأس السنة مع 200 فائز
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:25 pm من طرف مدام ششريهان
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة نوفمبر 15, 2024 8:12 pm من طرف جنى بودى
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الثلاثاء نوفمبر 12, 2024 12:27 am من طرف جنى بودى
» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 31, 2024 3:27 pm من طرف سها ياسر